هل يستطيع غانتس أن يكون ترامب الإسرائيلي؟
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة أثار سؤالاً مهماً في الحياة السياسية الإسرائيلية، هل يمكن أن يبرز هنا أيضاً شخص من خارج المنظومة السياسية يعيد رمي حجر النرد، ويصل إلى السلطة؟ لقد أثبت بني غانتس بالأمس (الخميس) أن قفزة كهذه ممكنة، على الأقل للوصول إلى عتبة بيت رئيس الحكومة في القدس. بقي لديه شهر ونصف كي يثبت أن في إمكانه أن يطرد من هناك سكانه الحاليين.
- لم يأتِ غانتس من أي مكان؛ فلقد كان رئيساً لأركان الجيش الإسرائيلي، اسمه ووجهه معروفان. لكن تطلعاته السياسية كانت غامضة، ولم يُقدم على أمر ذي قيمة أو أثار صدى عاماً منذ خروجه من الجيش، أيضاً سجلُّه العسكري لا يُدرَّس في حصص الموروث الحربي. من الصعب مقارنته ببطل الحرب أريئيل شارون، أو مع الجندي المتوّج إيهود باراك اللذين برزا كمرشحين للزعامة السياسية قبل سنوات كثيرة من وصولهما إليها.
- سر غانتس هو تحديده الدقيق لشعور معسكر مؤيديه المحتملين في الوقت الحالي، وهم أشخاص يئسوا من حكم بنيامين نتنياهو، وخاب أملهم من ضعف خصومه في المنظومة السياسية، يائير لبيد وآفي غباي، اللذين يفتقران إلى التجربة والمعرفة في شؤون السياسة والأمن. يقدم غانتس إلى ناخبيه الحل المطلوب بفضل رتبته وخبرته العسكرية، وحذره من القيام بأعمال والإدلاء بتصريحات مثيرة للخلاف. المفكر العسكري البريطاني ليدل هارت سمى ذلك "أسلوب المقاومة القليلة" في الطريق إلى تحقيق الهدف. لقد خدّر غانتس خصومه في الوسط واليسار، إلى أن وجدوا أنفسهم مرتبطين به.
- في الأسابيع الأخيرة، ومنذ دخوله إلى المنافسة، أثبت غانتس أيضاً قدرته السياسية على بناء قائمة مركزها انضمام لبيد وتجنيد غابي أشكنازي. اختباره الآن سيكون في إحكام الرسالة التي سيعرضها وفرض الانضباط على هذه المجموعة في الطريق إلى صناديق الاقتراع، في مواجهة هجمات اليمين وخطوات نتنياهو اليائسة التي ستشتد مع اقتراب إعلان المستشار القانوني للحكومة لائحة الاتهام المنتظرة ضد رئيس الحكومة.
- المواجهة في الانتخابات واضحة. يمثل غانتس إسرائيل الماضية، الدولة الكبيرة التي تحل مشكلاتها بزيادات في الميزانية، والهستدروت الذي يرأسه آفي نيسنكرون، والمهنة المزدوجة للجنود النظاميين. والحروب والقصف والاغتيالات التي يعرضها غانتس في أفلامه وفي خطبه. في مواجهته يقف نتنياهو، الفوضوي والمسالم الذي ينفر من حكومة كبيرة، ومن لجان عمالية وحروب، وأيضاً بعد مرور عشر سنوات في السلطة يتباهى بأنه يمثل ائتلاف المظلومين في نظر أنفسهم، ويتعامل مع أجهزة الدولة والجيش والجهاز القضائي مستخدماً كلمة "هم".
- هل في إمكان غانتس الفوز؟ الحافز والقدرة السياسية يميلان إلى مصلحته، لكن الانتخابات تُحسم في منزل رئيس الدولة، والطريق إلى هناك متعرجة. يقف وراء نتنياهو معسكر توحده إيديولوجيته القائمة على المحافظة على المناطق وكراهية علنية للعرب. غانتس بحاجة إلى دعم كتلة تبدأ بموشيه يعالون ويوعاز هاندل وتواصل طريقها إلى أحمد الطيبي وأيمن عودة.
- لا يوجد في هذه الكتلة اتفاق على أي شيء باستثناء استبدال نتنياهو. وتوجد فيها أحزاب على حافة الانقراض، مثل حزب العمل وحركة ميرتس اللذين لم ينجحا في خوض الانتخابات معاً. على غانتس أن يأمل ببقاء موشيه كحلون وأورالي ليفي أبكسيس تحت نسبة الحسم، وأن تنجو أحزاب اليسار، والأهم، أن يؤدي توجيه لائحة الاتهام وألاعيب نتنياهو إلى هرب ناخبي اليمين المعتدل نحوأحضان "أزرق أبيض"، أو ببساطة بقائهم في منازلهم في 9 نيسان/أبريل. ليس هذا سهلاً، لكنه ليس مستحيلاً، كما أظهر ذلك ترامب.