هناك سبيل لوقف الانزلاق إلى الدولة الواحدة
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الإلكتروني
المؤلف
  • في إطار عملية أنابوليس خلال الفترة 2007-2008، في أثناء ولاية رئيس الحكومة إيهود أولمرت، جرى نحو 300 اجتماع تفاوضي بين الطرفين [الإسرائيلي والفلسطيني]. وكوني عملت آنذاك رئيساً لإدارة المفاوضات، جلست عشرات الساعات مع نظرائي الفلسطينيين. قلت لصائب عريقات الذي كان يتولى رئاسة الطاقم الفلسطيني، إن أمامه فرصة ربما لن تتكرر للحصول على 97% من المطالب التي طرحها على الطاولة، وبهذه الطريقة يتغير الوضع الفلسطيني بصورة دراماتيكية وتاريخية. فأجابني على الفور: "كل شيء أو لا شيء".
  • نحن أسرى هذا الواقع منذ بدء العملية السياسية قبل ثلاثة عقود تقريباً، حيث الفيتو الفلسطيني يقضي عملياً على القدرة على التوصل إلى إنجازات كبيرة. في الوقت عينه، تواصل إسرائيل التمركز في الضفة الغربية، وزعماؤها غارقون في الأوهام، وفي مكان مريح لا يتطلب منهم اتخاذ قرارات. وتحت ستار الحائط المسدود ننزلق إلى واقع الدولة الواحدة من دون أن نفهم  الدلالات. ويبدو أن كلمة مبادرة اختفت من القاموس الصهيوني.
  • في معهد دراسات الأمن القومي جرى فحص مجموعة مختارة من السيناريوهات المستقبلية المحتملة والبديلة بالنسبة إلى إسرائيل، بهدف تحصين المصلحة العليا في المحافظة على دولة يهودية، ديمقراطية، آمنة، وأخلاقية. وكانت الخلاصة أن علينا تغيير الاتجاه والبدء فوراً بخطوات انفصال تبلور بصورة مسؤولة وبالتدريج، واقع كيانين سياسيين منفصلين- إسرائيل وفلسطين. من المهم أن نعرف أنه على الرغم من العناوين والشعارات الفارغة، وبالاستناد إلى مؤشرات كثيرة، فإن أغلبية الجمهور في إسرائيل تؤيد الانفصال (75% من الجمهور في إسرائيل يؤيد الانفصال، و58% يؤيد حل الدولتين).
  • الفكرة هي عدم انتظار المفاوضات المرجوّة التي ستحل جميع المشكلات في آن معاً، لأن ذلك غير ممكن ولا نريد الانتظار. يجب علينا أن نبادر إلى خطوات لا أن ننجر إليها. بهذه الروحية وضع المعهد مخططاً سياسياً- أمنياً استند إلى أربعة مبادىء: 1- بدء تطبيق خطوات انفصال بصورة مستقلة لإثبات إصرار إسرائيل على بلورة واقع كيانين سياسيين منفصلين ومتميزين؛ 2- ترتيبات انتقالية أو على الأقل تعاون مع السلطة [الفلسطينية] لترسيخها كشريك مسؤول مستقر يعمل بصورة جيدة وشريك في العملية؛ 3- تجنيد دول الخليج، ومصر والأردن من أجل تقديم ضمانات للسلطة مقابل تعهدها القيام بدور إيجابي ومساعدتها على بناء البنى التحتية للدولة؛ 4- إبقاء مفاتيح الأمن في يد الجيش الإسرائيلي، ومواصلة حرية العمل في محاربة البنى التحتية للإرهاب في المنطقة كلها، من خلال توثيق التعاون مع أجهزة الأمن الفلسطينية، على قاعدة مبدأ هم يقومون بأكثرية العمل ونحن بأقله.
  • بعد أن عرضنا المخطط على الجمهور في إسرائيل حصلنا على مجموعة من الردود تضمنت تعليقات كثيرة ومفيدة. وعرضنا المخطط أيضاً على كبار المسؤولين في دول عربية وعواصم العالم. كان من الصعب إقناعهم بضرورة التخلي عن نموذج الوضع النهائي والتسوية الدائمة اللذين لا يمكن تحقيقهما. فقط عندما عرضنا بديلاً عملياً لبلورة واقع انفصال سياسي، وإقليمي وديموغرافي عن الفلسطينيين، يحفظ حل الدولتين ويخرق الحائط المسدود، وجدنا أن هناك تأييداً واسعاً لمبادىء المخطط.
  • أجرينا حواراً مع مسؤولين فلسطينيين كبار. هم لا يستبعدون فكرة ترتيبات انتقالية لبلورة واقع الدولتين. هذه هي المرة الأولى التي يكشف فيها مسؤولون فلسطينيون مرونة واستعداداً للحوار على أمر هو أقل من التسوية الدائمة. هم يدركون أن أسهم الفلسطينيين في انخفاض وأن النزاع مع إسرائيل فقد مركزيته في المجتمعين الدولي والإقليمي، وهم قلقون بعد رفضهم "صفقة القرن" للرئيس دونالد ترامب، من أن يبقوا معزولين ومتّهمين مجدداً بالرفض. وبينما حصلت "حماس" منذ الآن على دولة في قطاع غزة، ظلت السلطة و"فتح" وراءها، مع مبادىء من دون نتائج. لذلك تزداد فرص استعدادهم للتعاون من أجل تنفيذ المخطط.
  • لقد عُرض المخطط على زعماء أحزاب إسرائيل الذين يعتبرون أنفسهم الزعماء المقبلين لإسرائيل. أغلبيتهم مستعدة لتبنّي المخطط، لكن فقط بعد الانتخابات. المشكلة أنه في الأجواء السائدة اليوم على الساحة السياسية، وخصوصاً قبل الانتخابات، فإن معظم السياسيين يتباهون ويلوحون بهويتهم الصهيونية، ويتخوفون من أن يعرضوا على الناخبين رؤيتهم لحل النزاع مع الفلسطينيين.
  • في هذا الوقت من الضروري أن نتذكر أن الصهيونية تعتمد على مبادرة وعمل وحركة مستمرة لتحقيق رؤيا دولة يهودية ديمقراطية آمنة تكون منارة للأمم، وليس انتظار المسيح هو الذي سيقرب الخلاص، بل الزعامة، والشجاعة في اتخاذ القرارات، والعمل من دون تأخير.