القائمة المشتركة تتفكك، لكن المصلحة تقتضي البقاء موحدين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • عندما أعلن عضو الكنيست أحمد الطيبي يوم الثلاثاء استقالته من القائمة المشتركة، بدا أن هذا لم يفاجىء أحداً من أعضائها. طوال ولاية الكنيست العشرين، شعر الجميع بوجود أزمة ثقة ونفور بين الطيبي ورئيس القائمة أيمن عودة. الشكوك والريبة تسللتا أيضاً إلى سائر مكونات القائمة- حزب حداش، والحركة العربية للتغيير، و"بلد" التجمع الوطني الديمقراطي- لكن هؤلاء فهموا أن عليهم المحافظة على التزامهم بالقائمة وعلى استمراريتها. في مقابل ذلك طالب الطيبي وحزبه، الحركة العربية للتغيير، بإحداث تغييرات واسعة في علاقات القوى، في أساسها وضع عضوين أو ثلاثة أعضاء إضافيين من الحركة العربية للتغيير في أماكن واقعية للكنيست.
  • يطالب الطيبي بدمقرطة القائمة المشتركة، ويعلن أنه مستعد لقبول نتائج انتخابات تمهيدية مفتوحة في المجتمع العربي، أو استطلاعات مهنية تحدد هوية رئيس القائمة والمندوبين في الكنيست. يقول الطيبي إنه يجب أن نسمح للجمهور باختيار ممثليه، وعدم السماح بذلك للصفقات والصراع على الكراسي.
  • تقول سائر الأحزاب التي تتألف منها القائمة المشتركة إن مطالبته بالدمقرطة تبعث على السخرية، لأن حزبه نفسه هو الأكثر بعداً عن الديمقراطية: الحركة العربية للتغيير تعتمد فقط عليه وحده، ومن دونه ليس في إمكان الحزب الوقوف على قدميه. على الرغم من ذلك، يعرض الطيبي مبدأين مهمين في مطالبه: ديمقراطية بين الأحزاب، وتجديد الصفوف في داخل الأحزاب وخارجها. السؤال كيف يتحقق هذا كله داخل القائمة المشتركة.
  • التحديات في هذا الشأن متعلقة بالجمهور الذي تستهدفه القائمة: أيضاً في الانتخابات المقبلة سيكون للعشيرة والقبيلة دور بارز في صناديق الاقتراع، بالإضافة إلى صراعات القوى المحلية التي ليس في إمكان أي استطلاع تحليلها أو التنبؤ بها. ليس هناك مسجلين أو مؤسسات قادرة على إعطاء أعضاء لجنة حق الاختيار كي تحدد طبيعة القائمة، وتسلُل عناصر ذات مصلحة إلى منظومة التصويت سيعرّضها لخطر كبير. المعارضة لفتح الصفوف يمكن أن تأتي من الأحزاب نفسها التي لن تتنازل بسهولة عن مؤسساتها الداخلية وعن صلاحيتها من أجل انتخابات تمهيدية مفتوحة، أو انتخاب مرشحين من خلال استطلاع للرأي العام.
  • يبرّر الطيبي قرار الاستقالة بأنه السياسي العربي الأكثر شعبية- على الساحة المحلية والساحة القُطرية. وعرض استطلاعات رأي من شأنها أن تقوي هذه الحجة: بينها استطلاع نشرته بالأمس "يديعوت أحرونوت" يُظهر أن 47% من الناخبين العرب يعتقدون أن الطيبي هو أفضل من عودة كرئيس للقائمة المشتركة.
  • من المحتمل أن يحصل على تغطية مؤيدة في وسائل الإعلام الإسرائيلية وأن يكون ظاهراً أكثر من سائر أعضاء القائمة المشتركة. لكن الطيبي، الثعلب السياسي المخضرم، يعلم أن كل هذا التأييد يمكن أن يظهر كمناخ حار لا يكشف الواقع على الأرض. ويمكن أن يضر بشدة بالتمثيل العربي في الكنيست مع تشرذم الأصوات.
  • ترجمة الشعبية في وسائل التواصل الاجتماعي وفي الاستطلاعات للتصويت الفعلي في صناديق الاقتراع يحتاج إلى جهاز فاعل، لكن الحركة العربية للتغيير لم تخض وحدها قط انتخابات قُطرية. في المقابل، الأحزاب الثلاثة الأُخرى - في الأساس حداش والحركة الإسلامية - لديها تجربة مستقلة على الأرض، وحتى التجمع الوطني الديمقراطي يمكن أن يتجاوز توترات داخلية وتقديم فريق شاب. لن يستطيع الطيبي التهرب من التحدي الذي يواجه الأحزاب الأربعة: مطالبة الجمهور العربي بمقاطعة الانتخابات جرّاء قانون القومية وخيبة الأمل من أداء القائمة المشتركة في الكنيست المنتهية ولايته. علاوة على ذلك فإن الأحزاب الصهيونية، كعادتها، ستحاول بكل قوتها أن تسرق من خزان الأصوات العربي.
  • يجب على الصقور - الطيبي وأنصاره في مواجهة سائر القائمة المشتركة- أن يصغوا إلى بعضهم بعض: استطلاعات مشجعة وتأييد في وسائل الإعلام الإسرائيلية لن يأتيا بالأصوات. ليس في إمكان القائمة تجاهل المطالبات بتوسيع الآلية الديمقراطية. يجب على الطرفين أن يدركا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهما عندما يدّعون تمثيل المجتمع العربي في الكنيست. عليهما الامتناع من رهانات ومغامرات لا ضرورة لها، والتي ضررها المحتمل مزدوج: تقليص عدد أعضاء الكنيست العرب والمس بثقة الناخبين الذين ما يزالون ينتظرون من أعضاء الكنيست أن يشكلوا جداراً يحميهم في مواجهة مؤسسة وحكومة تعتبرهم مواطنين من الدرجة الثانية.

 

 

المزيد ضمن العدد 3005