الانقسام في اليمين
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • أول أمس برز انشقاق آخر في اليمين الإسرائيلي: كتلة المعسكر الصهيوني انقسمت. ناشطان مركزيان من اليمين، تسيبي ليفني وآفي غباي، كلاهما من خرّيجي الليكود، فككا الشراكة بينهما. النكتة السوداء التي لا تصدّق: إسرئيل توهم نفسها أن ما جرى هو انقسام في اليسار؛ كما لو أنه يوجد بشكل جدّي معسكران في إسرائيل: يسار ويمين، وأن الصراع المحتدم بينهما هو على تشكيل وجه الدولة. هذه أوهام باطلة، أصوات متخيّلة يسمعها فقط المصاب بالفصامي. لا وجود لليسار، ولا حتى نصف يسار، هناك فقط يمين، بأشكال متعددة.
  • ما يجري في نظامنا السياسي قبيل الانتخابات يمكن وصفه فقط كما يلي: يمين "أ" ضد يمين "ب"، وانقسام في اليمين "ج"، وتوحيد محتمل في اليمين "د"، وانبثاق أمل جديد في اليمين "ه". في الطرف الآخر، تمثل حركة ميرتس والقائمة المشتركة، اليسار الإسرائيلي الوحيد، الأولى ضعيفة وباهتة، والثانية معزولة ومنبوذة، والاثنتان ليس لهما أي تأثير. على الرغم من ذلك يتحدثون عن "الاستقطاب" في إسرائيل، وأننا قريبون في أي لحظة من نشوب حرب أهلية. من الصعب التفكير بشيء أسخف من ذلك.
  • معظم زعماء الأحزاب في إسرائيل، هم خريجو الليكود: ليفني، أفيغدور ليبرمان، أيلييت شاكيد، نفتالي بينت، موشيه "بوغي" يعلون وموشيه كحلون. أيضاً أورالي ليفي أبسكيس كبرت في منزل ليكودي. يمين، وسط، ويسار مزعوم، كلهم تلقوا تعليمهم في الليكود. ولم تكن صدفة أنهم كبروا في الليكود. اليمين كان بيتهم وما يزال. هذا هو الانتصار الحاسم لليكود منذ انقلاب 1977، بعد سيطرته المفاجئة على الخريطة [السياسيةٍ] كلها. هو ما يزال يرسل أتباعه في كل اتجاه. يقف إلى جانبه، طبعاً، المستوطنون، وأيضاً الحريديم الذين تحولوا إلى يمين قومي، وفي الجانب الآخر هناك يائير لبيد وبني غانتس. هما أيضاً يمين قومي، الأول سبق أن أثبت ذلك، والثاني سيثبته قريباً؛ الاثنان متنكران. لقد سمح لبيد وغانتس للعنصريين من رامات هشارون وأمثالهم بالتمسك بقوميتهم والسماح لأنفسهم بأن يظهروا كمتنوّرين؛ وبأن يصوتوا للبيت اليهودي.
  • مكان هؤلاء جميعاً كان يمكن أن يكون في الليكود. حزب واحد لإسرائيل. نظام الحزب الواحد، كما في كوبا، وإيران، وكوريا الشمالية، لكن بصورة طوعية، وعن خيار. الوهم بأن إسرائيل هي "الديمقراطية الوحيدة" كذب ليس فقط بسبب الأبرتهايد - أيضاً وسط اليهود من أصحاب الامتيازات لا يوجد فعلاً تعددية حزبية. يتنافسون بأسماء متعددة من أجل الهدف عينه. كلهم يؤمنون بالشيء عينه، في كل القوائم الانتخابية، جوقة الجيش الأحمر.
  • مَن عارض قانون القومية، الحد الفاصل في الولاية الأخيرة للكنيست؟ حزب كاديما برئاسة ليفني سبق أن بادر إلى طرحه في الكنيست الـ18، غباي تلعثم بشأن إلغائه، لبيد قال إنه مع "قانون قومية للشعب اليهوي" فقط بصيغة أُخرى، والباقون جميعاً أيدوه. هل هناك فوارق بينهم؟ لا يوجد البتة. وطبعاً لا توجد أيضاً فوارق عميقة بارزة بشأن مسألة الاحتلال. في جميع الأحزاب باستثناء حزبين، يقولون الشيء عينه، يفكرون في شيء واحد تحديداً ويعملون بالطريقة عينها من أجل إدامته. في النهاية، وبعد كل الصيغ والمراوغات، والكلام الجميل والأقل جمالاً - كلهم مع استمرار الاحتلال. وأسفاه، كم هم معه.
  • يوجد 50 نوعاً من اليمين داخل الليكود وخارجه. إذا كان هذا هو الوضع، لماذا كل هذه المهزلة؟ لو كانت السياسة الإسرائيلية حقيقية، كان يتعين عليهم جميعاً أن يتنافسوا على الانتخابات الداخلية في الليكود التي ستجري على أساسها الانتخابات في إسرائيل. هل يناسب لبيد الليكود؟ كيف؟ بعنصريته؟ بعسكريته السخيفة؟ غباي؟ ليفني؟ ليفي - أبسكيس؟ شاكيد؟ يعلون؟ أيضاً غانتس، قائد عملية الجرف الصامد، هو أيضاً سيشعر أنه في بيته في الليكود أكثر من ميريتس.
  • في مواجهة هؤلاء كلهم لا يقف أحد ليصرخ بأن الإمبراطور عار. عندنا سياسة معاقة. ينقصها عضو حيوي لتكون حيّة، لا يوجد فيها يسار. ولا يوجد فيها من يملك شجاعة أن يقترح شيئاً مختلفاً. مع أن هذا يبدو ميؤوساً منه - ويمكن أن ينتهي بانتحار سياسي موقت - في الأمد البعيد لا يوجد سبيل آخر للذين يريدون أن يكونوا معارضة وبديلاً. حتى الآن يوجد لدينا متنكّرون ضعفاء. فإذا كان لا بد من اليمين - لمَ لايكون اليمين الأصلي؟