الحل الحقيقي للإرهاب: دونم أرض في مقابل كل قطرة دم!
تاريخ المقال
المصدر
- على مدى أيام طويلة، كان أبناء عائلة إيش ـ ران الثلاثة [من مستوطنة "عوفرا"] يرقدون في المستشفى، محاطين بأفراد العائلة وبالأصدقاء وبالصلوات. تجند عموم شعب إسرائيل لتأدية هذه الصلوات انطلاقاً من إيمانهم بأن الطفل الرضيع الذي لم يرتكب أي خطيئة يستحق فرصة الحياة، وبأنه بريء وطاهر ويُفترَض أن يكون محمياً ومغموراً بعطف أمه الجميلة التي أصابتها رصاصات الكراهية بجراح، وبأن البراءة والطهارة أيضاً يجب أن تنتصرا أحياناً، وليس الشرّ المطلق الذي ضغط على الزناد.
- مجموعات الواتس أب كانت تعج بالدعوات إلى الصلاة والتضرع من أجل شفائه. وفي اليوم الذي توفي فيه الطفل في نهاية الأمر، اختار الصحافي والكاتب ب. ميخائيل نشر مقالة رأي في صحيفة "هآرتس" تحت عنوان "جنين في خدمة العقارات". وكتب ميخائيل في مقالته أنه في اللحظة التي عُلم فيها أن طفلاً رضيعاً ابن يوم واحد يصارع الموت، طالب المستوطنون الكلبيون وقيادتهم العربيدة بأن يكون المقابل/ الرد شرعنة مستوطنة "عوفرا". وأضاف أنه "ما من شك في أن السرعة العقارية - الزراعية تثير الدهشة والقرف".
- وتابع ميخائيل "وإن مات الطفل المصاب، لا قدّر الله، فلا شك في أن الثمن سيرتفع أكثر فأكثر. سوف تطالب إدارة "مشروع الاستيطان"، بالتأكيد، باحترام وتخليد ذكراه بعدة دونمات أخرى من العقارات المنهوبة والمُربحة، لتقام عليها مستوطنة يهودية جديدة، فخورة، قد يُطلق عليها اسم "نأوت بري - بيطن" [ثمرة البطن الجديرة]. إن تجار العقارات المستوطنين يركبون على الدم لتحقيق نبوءة الرعب الخاصة بهم. وإن الإرهاب هو عزيز المستوطنين، لأن هذا المشروع الخسيس يتعزز ويتوسع بفضله. أي أنه لو لم يطلق العرب النار عليها [الوالدة]، لأطلقناها عليها نحن بأنفسنا".
- ويقتبس ميخائيل في مقالته تغريدة نشرتها وزيرة العدل أييلت شاكيد ["البيت اليهودي"] ودعت فيها إلى اعتماد "تسعيرة للإرهاب": "أي عملية يتم تنفيذها ستقوّي الاستيطان بدل إضعافه، وعلى أي مخرّب بالاحتمال أن يعلم أن تعزيز الاستيطان مسجَّل على اسمه". شكراً لك، ب. ميخائيل العزيز، على أنك نشرت دعوة الوزيرة شاكيد على نطاق أوسع. إنها تنطوي على حقيقة وحكمة: تواجه دولة إسرائيل إرهاباً عربياً - إسلامياً منذ سنوات عديدة. إننا نحاول ونجرب شتى الطرق لمحاربته، بنجاح متفاوت. لكن فوق الجدل حول ما إذا كانت عقوبة الإعدام بحق المخربين ستؤدي إلى خفض سقف العنف أو إلى جعل هؤلاء شهداء وإثارة موجة ثأر جديدة، وفوق معضلة محكمة العدل العليا الغبية إن كان ينبغي هدم منزل المخرب كله أم إبقاء الثلاجة له فقط ثم الهرب، ثمة أمر واحد لم نجرّبه حتى الآن مطلقاً، وهو الذي سيدفع المخرّب القادم - حسب رأيي - إلى التفكير ملياً قبل أن يطلق النار على سيدة حامل.
- ما هو الشيء الأكثر أهمية بالنسبة للفلسطيني؟ العَرض والأرض، وليس بهذا الترتيب بالضرورة (ربما أكون تبسيطية وضحلة وأقوم بتسطيح الواقع، لكن كل شيء يبدو أفضل بالمقارنة مع ب. ميخائيل). فكِّروا بالأمر: لو نعود إلى ما كنا عليه من قبل، في تلك الأيام البعيدة، التي كانت دولة إسرائيل تتصرف فيها بطريقة صهيونية حقيقية، وحين كان حتى اليسار أيضاً يعرف كيف يردّ رداً صهيونياً مناسباً على قتل اليهود فيقيم مستوطنة جديدة في أي موقع تحصل فيه عملية قتل، فقد يكون هذا بمثابة اختراق في هذه الحرب الحالية. إذا ما قمنا، كما يقترح ب. ميخائيل بسخرية والوزيرة شاكيد بجديّة، بفرض غرامة بالأرض على العرب في إثر كل عملية، بموجب تسعيرة واضحة ومعروفة سلفاً - عدة دونمات في مقابل كل روح - وبإقامة مستوطنة جديدة عليها، أو بتوسيع مستوطنات قائمة، ثم نتوّج ذلك بتعليق يافطة كبيرة عند مدخل المستوطنة الجديدة نكتب عليها اسم القاتل الذي بفضله استطعنا تخليص قطعة أخرى من أرض إسرائيل، فكم عملية ستكون لدينا بعد، حسب رأيكم؟
- سيقول المعارضون: الفلسطينيون ليسوا شعباً وليسوا كتلة واحدة. إنهم مقسَّمون إلى حمائل مستقلة ومتنافرة تماماً. سأقول: أنتم على حق. سنأخذ الأرض من حمولة القاتل فقط. سيقولون: هذا عقاب جماعي وهذا عمل غير إنساني. سأصمت. وفي خضم هذا الصمت، سأفكر في قلبي: كم من الغباء وقسوة القلب يمكن أن يكونا لدى هؤلاء الذين يرفعون أعينهم إلى السماء بتبريرية ذاتية مصطنَعة حين يُسفك دم يهودي؟. يجب أن نضرب حيث يُؤلم، ليس كثأر وانتقام (بالرغم من أن الثأر أمر طبيعي وصحّي) إنما من أجل وقف الإرهاب أو إبقائه حدثاً ثانوياً عابراً على الأقل، لا مثلما هو الآن، يتحكم بحياتنا وبموتنا على حدّ سواء.