إطلاق النار على جنود جيش الاحتلال شرعي
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • يعتصر القلب ألماً ويتمزق جراء إصابة وموت شبان يافعين في العملية المسلحة الأسبوع الفائت بالقرب من مستوطنة "عوفرا". لكن بالرغم من ذلك يتعين علينا، الآن أيضا، قول الحقيقة لأنفسنا: إن إطلاق النار على جنود جيش احتلال هو عمل شرعيّ، بحسب كل القوانين. ولشديد الأسف، في "عوفرا" وأخواتها وبناتها، وفي الخليل وضواحيها، وفي كل المناطق التي احتُلت في حرب 1967 ـ نحن شعب/ جيش مُحتل هناك.
  • نعم، في "يهودا والسامرة وغزة" نحن شعب مُحتل ومُضطَهِد ـ بواسطة الجيش الإسرائيلي، جهاز الأمن العام ["الشاباك"] والمستوطنين، الذين يشكلون الذراع المدنية للاحتلال ـ ضد الشعب القاطن هناك، الشعب الفلسطيني. هذه المناطق ليست "تابعة" لنا ولا أحد في العالم سوانا (ولا حتى دونالد ترامب، مسيحنا المنقذ) يعترف بحقنا أو بملكيتنا عليها. نحن شعب، جيش، "شاباك"، مستوطنين، محتَلّون هناك.
  • إن الشعار الدارج على ألسنتنا، والقائل "إنهم، الفلسطينيون، يطلقون النار على الأطفال عمداً"، هراء وكذب. وهذا ليس لـ"أنهم" أفضل أو أسوأ منـّا، وإنما لأنه ليست لديهم أي قدرة تقريباً على التصويب نحو الأطفال بالذات.
  • ليست الأرض الموعودة من الربّ هي التي تقبع تحت الاحتلال، بل بنو البشر، الفلسطينيون، الذين يعيشون هناك. ومن حقهم، مثل حق أي شعب في العالم يقبع تحت سلطة احتلال، أن يثوروا ضد الاحتلال وأن يحاولوا طرده من أرضهم. ولذا فإن عملية إطلاق النار على جنود جيش الاحتلال، الإسرائيلي في حالتنا هنا، هي عملية شرعية تماماً، وفق أي معايير أخلاقية أو قانونية.
  • ليس اليساريون الكارهون فقط هم الذين يقولون هذا، وإنما أيضاً رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، بنفسه شخصياً، حيث أكد (في كتابه "الإرهاب: كيف يمكن للغرب الانتصار"): "يصف الإرهابيون أنفسهم، عادة، بأنهم "مقاتلون أنصار"، وتردد وسائل الإعلام هذا التعبير من دون إعادة التفكير فيه. لكنّ مقاتلي الأنصار ليسوا إرهابيين. إنهم جنود غير نظاميين، يقاتلون ضد قوات جيش نظامية، وليس ضد مدنيين. مقاتلو الأنصار، فعلياً، هم النقيض المطلق للإرهابيين. وخلافاً لهؤلاء المقاتلين الذين يخرجون لمحاربة قوات جيوش نظامية، هي أقوى منهم بكثير في الغالب، يختار الإرهابيون مهاجمة مدنيين ضعفاء وغير محميين: مسنون، نساء وأطفال - عملياً، أي إنسان، ما عدا الجنود. مع هؤلاء (الجنود) هم (الإرهابيون) يحاولون تجنب المواجهة والصدام، قدر المستطاع".
  • والمعنى، كما يقول نتنياهو، أن مقاتلي حركة "حماس" والتنظيمات "الإرهابية" الأخرى ليسوا إرهابيين، بل هم مقاتلو أنصار، بكل المعاني والمفاهيم، لأنهم "يقاتلون ضد قوات جيش نظامي... أقوى منهم بكثير"، بينما الإرهابيون ـ حسب نتنياهو ـ يختارون "مهاجمة المدنيين الضعفاء وغير المحميين: مسنون، نساء وأطفال، وعملياً أي إنسان ما عدا الجنود".
  • فمن هم، إذاً، الذين يهاجمهم المدنيون "الإرهابيون" من "حماس" عند الجدار الأمنيّ في قطاع غزة كل أسبوع، إن لم يكونوا "قوات جيش نظامي... أقوى منهم بكثير"؟ وعلى من أطلق "الإرهابيون" النار، الأسبوع الفائت، في "غفعات أساف" المحتلة، إن لم يكن على جنود "أقوى منهم بكثير"؟
  • كذلك فإن الشعار الدارج على ألسنتنا جميعاً، عن "أنهم، الفلسطينيون، يطلقون النار على الأطفال عمداً"، هو هراء وكذب. وهذا أيضاً ليس لأنهم أفضل منّا أو أسوأ إطلاقاً. وإنما لأنهم، الفلسطينيون، لا يملكون أي قدرة تقريباً على التصويب ضد الأطفال بالذات. ليست لديهم القدرة على التصويب إطلاقاً. وحين يصيبون أطفالاً، فغالباً ما يكون الأمر صدفة فقط، مثلما يصيبون فلسطينيين أيضاً صدفة.
  • إن العكس هو الصحيح، فنحن بالذات الذين نمتلك كل أنواع الأسلحة، الموجهة والدقيقة، الأكثر تطوراً في العالم كله، وها نحن نقتل منهم مدنيين بينهم أطفال أكثر مما يقتلون هم منّا بكثير.
  • من هم، إذاً، مقاتلو الأنصار هنا ومن هم الإرهابيون؟ استناداً إلى تعريفات رئيس حكومة إسرائيل، إجاباتكم، كما يتضح، غير صحيحة.