يجب ألاّ نكون ألعوبة في يد حزب الله
تاريخ المقال
المصدر
- تدمير أنفاق حزب الله الإرهابية الذي بدأته إسرائيل في الأسبوع الماضي، هو دليل إضافي على التفوق التكنولوجي والاستخباراتي للجيش الإسرائيلي الذي لا يخفى عن أنظاره أي شيء يجري في لبنان. وما حدث هو أيضاً ضربة تلقاها حزب الله، ليس فقط لأنه فُوجىء وأُحرج، بل أيضاً، وبالأساس، لأن الأنفاق كان من المفروض أن تكون "سلاح يوم القيامة"، وبواسطته كان الحزب ينوي تحقيق الحسم في المعركة.
- كما في الماضي، الانتصار في الجولة المقبلة سيكون قبل كل شيء انتصاراً في مجال على الوعي، من ينجح في تقديم صورة انتصار وتقويض معنويات الطرف الثاني، يتوَّج كمنتصر وينجح في فرض وقف إطلاق النار بشروط مريحة بالنسبة إليه. أمِل حزب الله بأن تشكل السيطرة المفاجئة من خلال الأنفاق على موقع عسكري أو مستوطنة، ورقة رابحة. ولقد حرمت إسرائيل الحزب هذه الورقة.
- ولأن المواجهة في جزئها الأكبر هي تحديداً على الوعي، من المؤسف أن نكتشف أنه في هذا المجال، على خلاف مطلق مع المجال التكنولوجي والاستخباراتي، لم تلعب إسرائيل اللعبة بصورة جيدة. وبدلاً من إظهار قوة وإصرار وإطلاق تهديدات في اتجاه حزب الله الذي انتهك سيادتها بصلف، اختارت إسرائيل تعظيم صورتها في نظر الجمهور الإسرائيلي كمهدَّدة وخائفة، وبذلك كانت ألعوبة في يد حزب الله. ويا للأسف.
- تجري العملية الهندسية التي يقوم بها الجيش كلها داخل الأراضي التابعة للسيادة الإسرائيلية. ليس المطلوب أن تكون خبيراً كي تقدّر أن حزب الله في مثل هذه الظروف سيمتنع عن القيام بأي رد، وسيحرص على عدم تجاوز خط الحدود، كما حرص على ذلك منذ حرب لبنان الثانية. مع ذلك، التقارير المنشورة في وسائل الإعلام أشاعت خوفاً ورعباً من رد محتمل من حزب الله، وزرعت في الجمهور خوفاً من حرب على الأبواب. وبذلك، بدلاً من أن يشعر الحزب بأنه مهدَّد لأنه انتهك سيادة إسرائيل، تحولت هذه الأخيرة إلى موقع دفاعي.
- من أثبت قدراته هو تحديداً الجيش الإسرائيلي، بينما ظهر حزب الله كتنظيم "مخترق" ومكشوف وفي الأساس مهدد ومرتدع. وبدلاً من أن يلعق الحزب جراحه، أعطيناه نقاط تفوّق في الصراع على الوعي.
- في الحقيقة، حزب الله هو عدو يمكن أن يكون هجومه على إسرائيل مؤلماً ويجب التعامل معه بجدية. وليس عبثاً أن حزب الله هو المرتدع والخائف من إسرائيل، وزعيمه حسن نصر الله لا يتجرأ على الظهور علناً منذ أكثر من عشر سنوات.
- في إمكان الحزب أن يحاول إدخال عشرات من عناصره إلى أرض إسرائيل، وحتى السيطرة على مستوطنة أو عدد من المنازل؛ وهو قادر على إمطار إسرائيل بالصواريخ. لكن إسرائيل، إذا أرادت وكان حازمة كفاية، قادرة على احتلال لبنان كله وألاّ تُبقي فيه حجراً على حجر. كل ولد في لبنان يعرف ذلك؛ من هنا الخوف في لبنان، وأيضاً داخل تنظيم حزب الله، من حرب إضافية، خوف لا يعرفه كثيرون في إسرائيل.
- هذ الأمر مهم، لأن التحدي في مواجهة حزب الله ما يزال أمامنا. منذ وقت ليس بعيداً كشف رئيس الحكومة نتنياهو أن حزب الله يريد أن يقيم في وسط بيروت مصانع لتطوير دقة الصواريخ التي لديه. وأوضح أن بدء العمل في هذه المصانع بالنسبة إلى إسرائيل هو خط أحمر لا يمكن تجاوزه. لكن في حالة كهذه عمليات خرق وحفر في أرض إسرائيل ليست كافية، ومن الواضح أننا سنكون بحاجة إلى عملية عسكرية يمكن أن تجر المنطقة إلى جولة عنف لم نشهد مثلها منذ صيف 2006.
- قبل جولة عنف كهذه - على أمل بأن يرتدع حزب الله وألاّ تكون هناك حاجة إليها - نحن بحاجة إلى حصانة جماهيرية، وفي الأساس إلى رأي عام واعٍ ويقظ، وليس إلى رأي عام يعيش خوفاً دائماً. هذا هو السر الذي سيؤدي إلى الحسم وتقصير أمد المواجهة المقبلة. في اللحظة التي يقتنع فيها حزب الله أن جهوده لترهيب الرأي العام في إسرائيل كي يضغط على الحكومة لتتنازل، لم تفلح، يتحقق الحسم.