هل يريد حزب الله حقاً مهاجمتنا؟
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- عملية "درع شمالي"، كما هو متوقع، ترافقت مع الكشف عن نوايا حزب الله الهجومية ضد إسرائيل، وطغيان السؤال الأساسي: كيف نزيل تهديد صواريخ حزب الله الدقيقة. هناك سؤالان لا يجري طرحهما، والجمهور لا يطالب بتوضيح: على ماذا يدور الصراع الإسرائيلي - اللبناني الذي يتعين على إسرائيل أن تستعد، تحت غطائه، ضد حزب الله؟ وكيف يمكن الحؤول دون انفجاره؟
- يدل تاريخ الصراع الإسرائيلي - العربي بصورة عامة على أن الجانب العربي لا يقوم بعملية ضد إسرائيل من دون سبب وجيه من وجهة نظره، ومن دون أن يكون للعملية هدف واضح. تنطبق هذه القاعدة على حزب الله تحت القيادة البراغماتية لحسن نصر الله. لكن فكرة وجود عرب يريدون تدمير إسرائيل هي فكرة متجذرة، وتُعتبر نقطة انطلاق لا جدال فيها، بحيث أن الجمهور لا يسأل، ومتخذي القرارات لا يتكبدون عناء إخباره، ما هو مصدر العداء الإسرائيلي - اللبناني.
- ليس فقط أنه ليس مطلوباً فهم دوافع حزب الله لمهاجمة إسرائيل، بل يكفي أن يجري تصوير الحزب كفرع من إيران. وإذا اعتقدنا أن هناك مصلحة لإيران في تسخين المنطقة، نستنتج أن حزب الله يمكن أن يهاجم، كي يخدم من يقدم له الرعاية.
- نحن نتعامل مع حزب الله مثلما تعاملت الدعاية العربية والسوفياتية في الماضي مع إسرائيل بصورة مبالَغ فيها - بصفتها الذراع التنفيذية للولايات المتحدة. لم يكن صعباً أن نرى الشرر يتطاير من عيني شخصيتين أمنيتين جرت استضافتهما في أحد الأستديوهات، عندما بُث شريط يعود إلى 30 عاماً على الأقل، تحدث فيه نصر الله عن رؤية تحويل لبنان إلى جزء من الجمهورية الإسلامية بزعامة إيران.
- وفعلاً، تشويه هذه الرؤية مرتبط بتجاهل التغير السياسي الكبير الذي طرأ من خلال انتقال حزب الله من تنظيم ميليشيا ومقاوم للوجود الإسرائيلي في جنوب لبنان، إلى حزب سياسي مهم، لديه ذراع عسكرية. وبصفته كذلك حزب الله هو شريك في المسؤولية السياسية حيال جميع مواطني لبنان. لذا ضئيل جداً احتمال مبادرته إلى شن عملية هجومية ضد إسرائيل، التي وضع رئيس أركانها عقيدة استخدام القوة المفرطة ضد أي حي مدني تُطلق منه الصواريخ في اتجاه إسرائيل - الأمر الذي سيلحق دماراً هائلاً بلبنان آخذ في إعادة الإعمار. يجب أن نتذكر أيضاً، أن نصر الله قال سابقاً إنه لم يتنبأ بصورة صحيحة برد إسرائيل على خطف الجنود، الأمر الذي أدى إلى حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006].
- من هنا، العد العكسي لنشوب حرب لبنان الثالثة يصوّر وكأنه أمر حتمي. لقد ذكرت تقارير نشرت في "هآرتس" سابقاً، أنه جرت اتصالات مع لبنان لحل خلافات قبل نشوب حرب لبنان الثانية، لكن المستوى السياسي في إسرائيل امتنع من استغلال هذه الفرص. في السنوات الأخيرة امتد الخلاف أيضاً ليشمل مسألة الحدود البحرية التي يحق للدولة التنقيب عن الغاز فيها، لكن القيادة السياسية لا تُطالب بإعلام الجمهور بما تفعله للحؤول دون وقوع الحرب.
- في هذه الظروف، لم يبقَ سوى ارتكاب فشل إضافي، يميز السياسة العسكرية في إسرائيل: تحقيق تهديد لإزالته. أي مهاجمة لبنان (أو دفع حزب الله إلى مهاجمتنا)، لإزالة تهديد الصواريخ، الذي ليس مؤكداً أنه سيتحقق في يوم ما، وتعريض كل سكان إسرائيل لهجوم صاروخي.