إسرائيل تعود إلى أفريقيا، بعد فترة طويلة من العزلة الدولية
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف
  • في السنوات الأولى لإقامة دولة إسرائيل ازدهرت علاقاتها بالدول الأفريقية، بما فيها تشاد. دول كثيرة في "القارة السوداء"، من الدول التي ناضلت من أجل استقلالها ومن أجل التخلص من سيطرة القوى الاستعمارية رأت في إسرائيل وفي نضالها الناجح ضد البريطانيين والعرب، وفي إنجازاتها - وخصوصاً في المجال الزراعي، وأيضاً في المجال العسكري - مصدراً للإلهام، وحاولت التقرب منها للتعلم منها. وكانت لدى أربع دول أفريقية سفارات في القدس.
  • إسرائيل من جهتها، رأت في أفريقيا فرصة لخرق الحصار الدبلوماسي - الاقتصادي الذي فرضته الدول العربية عليها فور قيامها، ونسجت شبكة واسعة من العلاقات خدمت الطرفين.
  • استمرت قصة الحب هذه حتى مطلع السبعينيات، حين اكتشفت الدول العربية أهمية سلاح النفط الموجود لديها، وتخلت دول أفريقية عن إسرائيل تحت الضغوط الهائلة التي مارسها العرب الذين وعدوهم بتقديم مساعدة سخية لهم. بالنسبة إلى تشاد فقد أثمرت هذه الضغوط حتى قبل نشوب حرب يوم الغفران [حرب تشرين/أكتوبر 1973]- النقطة الزمنية التي قررت فيها أغلبية الدول الأفريقية قطع علاقاتها الدبلوماسية بإسرائيل.
  • فيما يتعلق بتشاد، الدولة التي تقع في وسط أفريقيا وأغلبية سكانها من المسلمين، أدت ليبيا الدولة المجاورة لها دوراً مركزياً في إبعادها عن إسرائيل. وقد نظر معمر القذافي - الذي انتهج سياسة ناشطة معادية لإسرائيل، إلى تشاد سنوات طويلة بصفتها باحته الخلفية ومركزاً لترسيخ تمدد ليبيا إلى شتى أنحاء أفريقيا، وذلك من خلال استغلال التوترات الداخلية بين الجماعات الإثنية والدينية في الدولة. زيارة رئيس تشاد إدريس ديبي إلى إسرائيل وإعادة العلاقات الدبلوماسية من جديد بين الدولتين، يشكلان ذروة محاولة تقرّب طويلة لإسرائيل من تشاد - الدولة ذات الأهمية الكبيرة ليس فقط بسبب موقعها في وسط أفريقيا بل أيضاً لكونها دولة ذات أغلبية إسلامية.
  • طُرحت مسألة عودة العلاقات الدبلوماسية على بساط البحث قبل عشر سنوات، لكنها ما لبثت أن أُزيلت من جدول الأعمال بسبب ضغوط مارستها دولتان عربيتان مجاورتان لتشاد ومعاديتان لإسرائيل - ليبيا والسودان. نُضج العملية المهمة لمستقبل علاقات إسرائيل بأفريقيا المسلمة بات ممكناً بفضل سقوط نظام القذافي وغرق ليبيا في حروب أهلية والاعتدال البطيء لنظام السودان بفضل تأثير السعودية ودولة الإمارات. وليس من المستبعد بعد أن تعيد تشاد عجلة علاقاتها بإسرائيل إلى الوراء، أن تحذو حذوها دول أفريقية أُخرى ذات أغلبية سكانية من المسلمين.
  • العودة المباركة لإسرائيل إلى أفريقيا صارت ممكنة لأن إسرائيل أخرجت نفسها من العزلة السياسية التي فرضتها على نفسها خلال فترة طويلة جداً. يجب قول الأمور كما هي: لقد تبنت إسرائيل سياسة خارجية سلبية، تمحورت على تركيز نشاطها في مناطق مريحة شملت في الأساس الولايات المتحدة وأوروبا. التغير الإيجابي في الوضع الدولي لإسرائيل في السنوات الأخيرة، والذي يجري بصورة منفصلة عن عدم التقدم في "عملية السلام"، التقطته أيضاً العواصم الأفريقية. وكما كان عليه الأمر في الماضي، لدى إسرائيل الكثير لتقدمه إلى أفريقيا، كما لدى أفريقيا الكثير لتقترحه على إسرائيل.

ضعف العالم العربي والدبلوماسية الناشطة التي تمارسها إسرائيل يفتحان أمام الأخيرة آفاقاً واسعة في أفريقيا، وتعاوناً أكبر مع الدول الأوروبية التي أدركت أخيراً أن عليها أن تساعد أفريقيا على حل مشكلاتها، وذلك لمنع غرق أوروبا بملايين المهاجرين من "القارة السوداء".

 

المزيد ضمن العدد 2977