ماذا بعد استقالة ليبرمان؟
تاريخ المقال
المصدر
- على الرغم من أن العرض الموجز الصادر عن مكتب رئاسة الحكومة في نهاية جلسة المجلس الوزاري المصغر مساء يوم الثلاثاء أخرج أفيغدور ليبرمان عن طوره، فإنه كان قد قرر الاستقالة من منصبه كوزير للدفاع قبل ذلك.
- في الأسابيع الأخيرة فهم أنه وقع في فرامة لحم، من اليسار وقف نتنياهو الذي يؤدي دور سيد الأمن الناضج والمسؤول. ومن اليمين طارده نفتالي بينت الذي حاول النيل من كرامته في كل مناسبه. لم يأخذ أحد على محمل الجدّ مطالب ليبرمان المتكررة، في منتديات متعددة، بالرد بقوة على "حماس" في غزة. هو وزير الدفاع، ولا يستطيع أن يكون في الوقت عينه أيضاً رئيساً للمعارضة. وعلى الرغم من الاستمتاع الكبير الذي استمده في العامين ونصف العام الأخيرين من منصبه المرغوب، فإنه أدرك أنه إذا كان متمسكاً بالحياة، عليه أن يسلم المفاتيح.
- لم يخبر ليبرمان أحداً بقراره، ولا حتى رئيس الأركان، اللواء غادي أيزنكوت، الذي اضطر إلى انتظار المؤتمر الصحافي مثل الجميع. لقد استمتع بالوقوف هناك، وبتعداد جميع الإخفاقات الأمنية للحكومة التي كان وزيراً للدفاع فيها.
- مع ذلك، لم يهاجم نتنياهو بصورة شخصية، سواء لأنه أراد المحافظة على خيار الاستمرار، أو لأنه أراد أن يتصرف بصورة رسمية وألاّ يحوّل الاستقالة إلى مسألة شخصية. في المساء، وفي استطلاع أجرته قناة "حداشوت"، حصل على مقعدين إضافيين في الكنيست، وعدم رضا الجمهور عليه كان أقل من نتنياهو، وفهم ليبرمان أن الربح السياسي المباشر قد حدث.
- السؤال المطروح الآن هو: ماذا بعد؟ هل سنذهب إلى انتخابات؟ حينئذ يكون ليبرمان قد قام بعمل مذهل، فقد تنازل عن السلطة والنفوذ من أجل أمن مواطني إسرائيل ومبادىء إيديولوجية. ولكن إذا صمد نتنياهو ونجح بطريقة ما في استمرار الحكومة نصف سنة أُخرى منذ الآن، سيكتشف ليبرمان ما سبق أن اكتشفه الذين سبقوه، موشيه يعالون، وبنيامين بن إليعيزر، وإيهود باراك، وما جربه شارون في أيامه: من يريد أن ينجح في السياسة يجب عليه أن يبقى في عجلة القيادة. اعتقد ليبرمان أنه إذا لم ينقذ نفسه من العجلة فإنه سيُسحق تحتها. في الأسابيع المقبلة سيعرف إن كان على حق.
- للوهلة الأولى تبدو لنتنياهو مطالبة نفتالي بالحصول على حقيبة الدفاع (وإلاّ لا حكومة) وقحة ولا حظوظ لها. للوهلة الثانية، وبعد أن فهم نتنياهو أن الخيار الآخر هو الانتخابات فوراً، بدأ يتسلى بهذا الاحتمال. للوهلة الثالثة، وبعد جولة مع رؤساء كتل الائتلاف (فعلياً فقط مع كحلون والحريديم) ندم نتنياهو مرة ثانية. ويبدو أنه سمع من كحلون أنه لن يؤيد مثل هذا التعيين. مَن أصغى لكحلون في الأسابيع الأخيرة يكتشف كراهية واضحة لبينت ومودة تجاه ليبرمان. إن تسمية "بينت وزيراً للدفاع" تثير الخوف حتى أكثر من "وزيرة العدل إييليت شاكيد".
- وكالعادة سيقرر نتنياهو في الثواني الأخيرة. ففي النهاية الاحتمال الوحيد له كي يمرر رغم ذلك "قانون جدعون ساعر" [ قانون يلزم رئيس الدولة بأن يكلف رئيس الحزب الذي حصل على أكبر عدد من المقاعد في الكنيست بتشكيل الحكومة]، هو تعيين بينت في الدفاع. يرغب نتنياهو بشدة في تمرير هذا القانون، كي يحبط مسبقاً إمكان الاستمرار من دونه. ففي النهاية الدور الوجودي للجميع هو المساعدة في بقائه. ينطبق هذا على المجلس الوزاري المصغر، والحزب، والقانون. المشكلة الوحيدة أن الوضع معقد إلى درجة أنه من الصعب جداً فهم ما هي السيناريوهات التي تساهم في بقائه وما هي التي لا تساهم في ذلك .
- في أي حال، لقد كان من الصعب أن نجد مساء أمس أطرافاً في المؤسسة السياسية يقدّرون أن الانتخابات بعيدة. وأي تاريخ بين آذار/مارس وحتى أيار/مايو 2019 يبدو منطقياً. لقد وصلت حكومة نتنياهو المتعثرة إلى نهاية دربها.