نتنياهو لن يسارع إلى الدعوة إلى انتخابات في ظل الانتقادات لتراجعه أمام "حماس"
تاريخ المقال
المصدر
هآرتس
من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
- مؤيدو نتنياهو الأوفياء، القاعدة ذاتها، مستعدون لمسامحته عن كل شيء تقريباً: الشكوك القوية بتلقي رشى، والزوجة المحبة للحياة المتهمة بالتحايل على المال العام، والابن مع كلامه القذر وانجذابه نحو تلميحات معادية للسامية، الخضوع للحريديم، وتورط المقربين منه في فضائح الغواصات. لكن من الصعب على هؤلاء المؤيدين ابتلاع اتفاق وقف إطلاق النار (الذي علم به مواطنو الدولة من وسائل الإعلام الفلسطينية، كالعادة).
- ويبدو هذه المرة أن جزءاً من ناخبي الوسط - اليسار أيضاً يشعرون بعدم الارتياح حيال ما يُصور أنه تراجع إسرائيلي سريع أمام إملاءات "حماس". بعد حصول التنظيم الإرهابي على الأموال من قطر بموافقة إسرائيل، وردّه بإطلاق نحو 460 صاروخاً، كانت التوقعات أن يكون الرد الإسرائيلي أكثر عنفاً. تدمير بضعة أبنية في غزة لا يسقط أحداً عن كرسيّه في إسرائيل وما بُني يعاد بناؤه بسرعة في أيامنا. وسقوط بضعة قتلى من الفلسطينيين الذين قيل إنهم إرهابيون، لا يخلق في إسرائيل شعوراً بـأنه الرد الصهيوني المناسب على القصف الشرس.
- بالأمس صرّح أحد سكان سديروت، والذي عرّف عن نفسه بأنه ناخب متحمس لنتيناهو، أنه إذا دخل وقف إطلاق النار في حيز التنفيذ فإن نتنياهو سيخسر صوته، وأصوات عائلته وتأييد جنوب إسرائيل كله. من المحتمل أن يكون جرفته مشاعره، لكن مما لا شك فيه أن الشعور في سديروت وفي عسقلان، معقلي حزب الليكود، قد تغير بصورة مطلقة بعد هذه الجولة. لقد تضرر عنصر أساسي في نتنياهو، هو عنصر "سيد الأمن". والنتيجة المباشرة أنه لن يسارع حالياً إلى إجراء الانتخابات، إلاّ إذا قدم إلى ناخبيه انطباعاً قوياً مختلفاً بشأن قطاع غزة.
- قد يكون من الكليشيه تذكيره بما قاله قبل عشر سنوات، وكيف وعد بالقضاء على "حماس"، ومنذ ذلك الحين هو يحترس بكلامه. وفي الواقع تصرف إزاء كل ما له علاقة بكارثة الكوارث المسماة غزة خلال العقد الماضي كرئيس حكومة معتدل ومنضبط، وربما أيضاً الأكثر خشية. لو فقط تخلى عن سياسته المعادية للحرب وبلور استراتيجية أكثر جرأة لمشكلة غزة، لكنا اليوم في وضع آخر.
- كلامه في المؤتمر الصحافي في باريس، قبل حدوث التدهور، ضد الحرب بأي ثمن تقريباً، كان الكلام الأكثر تصالحاً الذي يمكن أن يخطر في البال. الويل لأي رئيس حكومة آخر يتجرأ على قول هذه العبارات. ماذا كان سيفعل له نتنياهو وغلعاد إردان ويسرائيل كاتس وتساحي هنغبي.
- لكن نتنياهو على حق: بعد الحرب سنعود إلى نقطة البداية، وإلى النقاشات عينها بشأن التسوية. فقط سيكون لدينا قتلى من العسكريين والمدنيين، ولديهم أضعاف الأضعاف من القتلى وكارثة إنسانية.
- الجو الصعب في اليمين، والإحباط الكبير في القاعدة الانتخابية لنتنياهو في الليكود، يمكن أن نجدهما في الأساس في وسائل التواصل الاجتماعي. وكذلك في مجموعات الواتساب من الليكوديين. هناك تظهر بصورة حادة الانتقادات والغضب والاحتقار. وبالأمس خرق الاحتجاج حدود وسائل التواصل وخرج إلى تقاطع الطرق في نير عام، وإلى منطقة سديروت، حيث سمعنا لأول مرة هتافات تقول: "بيبي ارحل".
- يائير لبيد وعوفر شاليح سارعا إلى الهجوم من ناحية اليمين واتهموه بالتخلي عن سكان الجنوب وعن الردع الإسرائيلي. هذا الموقف لن يحمل إلى حزب "يوجد مستقبل" أصوات الضواحي الجنوبية، ولا إلى المعسكر الصهيوني برئاسة آفي غباي وتسيبي ليفني. ربما سيصوت هؤلاء لرئيس الأركان السابق بيني غانتس ما دامت هذه هي الحال فإن نتنياهو ليس في عجلة من أمره بالنسبة إلى الانتخابات.
- من الذي هو في عجلة من الأمر؟ إنه وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا ووزير التعليم نفتالي بينت زعيم حزب البيت اليهودي، اللذان ما داما يشكلان جزءاً من الحكومة ومن المجلس الوزاري المصغر، فإنهما يتحملان مسؤولية مشتركة. ولن يربحوا جراء مقاعد لحزبهما في الكنيست. هل سيستقيلان؟ قد يصح ذلك على ليبرمان. فهو يبدو وزير دفاع غير مهم، وغير مؤثر، ولا أحد يحسب له حساباً. فما الغاية من وجوده في الحكومة؟