حادثة قطاع غزة عملية عسكرية انكشفت وليست عملية اغتيال
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف
  • السؤال المباشر الذي يُطرح بعد حادثة قطاع غزة التي قُتل خلالها ضابط في الجيش برتبة عقيد وستة عناصر من حركة "حماس" هو: لماذا الآن؟ لقد جرت العملية في عمق منطقة غزة في ذروة المساعي المبذولة من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد، في وقت كان رئيس الحكومة فيه يشارك في مؤتمر سياسي مهم في فرنسا، وبعد ساعات قليلة من خطاب طويل ومقنع ألقاه نتنياهو في مؤتمر صحافي شرح فيه رأيه في ضرورة بذل كل جهد من أجل التوصل إلى تسوية في غزة وعدم التدهور إلى حرب.
  • لم تقدم إسرائيل رسمياً تفسيراً مفصلاً في ساعات الليل لهذه المسالة. الفلسطينيون يقدمون تفاصيل كثيرة عن الحادثة، لكن يبدو أن جزءاً من التقارير على الأقل ليس صحيحاً. على هذه الخلفية، تبدو سلسلة إطلالات اللواء في الاحتياط طال روسو في التلفزيون والراديو في ساعات الليل مهمة. روسو الذي كان قائداً لمنطقة الجنوب وأمضى أغلبية سنوات خدمته العسكرية في وحدات خاصة مثل سييرت ميتكال، وشيلداغ ومَغْلان، لا يكثر من المقابلات في وسائل الإعلام. وإذا اختار الظهور في تلك الليلة تحديداً، قد يكون أحد استعان به لنقل رسائل.
  • قُتل في الحادثة قائد كتيبة "حماس" في قطاع خان يونس، نور الدين بركة، ويدّعي الفلسطينيون أنها كانت عملية اغتيال إسرائيلية. روس كذّب أقوالهم، وقال إن عملية الجيش لم تكن اغتيالاً مخططاً له، وإن الضابط من "حماس" قُتل في أثناء الاشتباك مع المقاتلين الإسرائيليين. وبحسب كلامه، الجيش يعمل "من دون أن تنتبه إلى ذلك أغلبية المدنيين. وهذه عمليات تجري على الدوام، وكل ليلة، وفي كل القطاعات. ويبدو أن هذه العملية انكشفت، وهي ليست اغتيالاً. لدينا طرق أُخرى للاغتيالات". هذا الصباح أكد الناطق بلسان الجيش العميد رونان منليس أن العملية لم تكن اغتيالاً.
  • بناء على ذلك، من الصعب أن نصدق أن المستوى السياسي وافق في هذه الظروف على عملية اغتيال ناشط من رتبة متوسطة في الذراع العسكرية لـ"حماس"، بينما ليس من الواضح من سيكون المستفيد من ذلك. ونتنياهو الذي يوظف كثيراً من جهوده في مساعي التوصل إلى تسوية مع "حماس" لا يمكن أن يسمح بمثل هذه الخطوة. ويبدو تفسير روسو معقولاً أكثر. من المحتمل أنها كانت عملية جمع معلومات استخباراتية، لها علاقة بالبنية التحتية العسكرية لـ"حماس"، أنفاق، وتطوير سلاح، وربما لها علاقة بمشكلة أُخرى ملتهبة لإسرائيل في غزة، الأسرى والمفقودين. في السنوات الأخيرة، وفي فترة المعركة بين الحروب، تستغل إسرائيل الفوضى في العالم العربي للقيام بعمليات كثيرة مشابهة ما وراء الحدود. القسم الأكبر من هذه العمليات لا يجري الكشف عنه ولا يعرف الجمهور به.
  • إن مجرد الكشف عن المقاتلين هو خطأ عملاني يتطلب الآن تحقيقاً داخلياً معمقاً في الجيش الإسرائيلي. هل هو شيء ما في سلوك القوة، أو في الاستعداد للعملية كشف المقاتلين لـ"حماس"؟ حقيقة أن العملية انتهت بقتيل واحد وجريح واحد، وأن بقية المقاتلين عادوا بسلام، من دون خسائر إضافية، وما لا يقل أهمية من دون خطف جندي، هو أمر يثير التقدير. من الواضح أنه جرى استخدام كثير من الحكمة وبرودة الأعصاب من أجل إخراج القوة بسلام، من عمق ثلاثة كيلومترات في قلب منطقة مكتظة ومعادية.
  • هذه الحادثة الصعبة ستلقي بظلالها على المسعى المصري للتوصل إلى وقف إطلاق النار وقتاً طويلاً. مع ذلك، وعلى الرغم من وقوع قتلى من الجانبين، ومن إطلاق 17 قذيفة وصاروخ على أراضي إسرائيل ومستوطنات غلاف غزة طوال الليل، فإن هذا لم يضع حداً لاتصالات التهدئة. لقد حافظت "حماس" على رد مدروس نسبياً، مقارنة بعدد القتلى. وستحاول الحركة استخدام الحادثة اليوم كإنجاز، إذ إن كشف ومهاجمة قوة خاصة إسرائيلية من النخبة ترسخ صورة "المقاومة" العسكرية ضد إسرائيل، وتحديداً الآن، بعد تصدعها في أعقاب صور نقل الأموال القطرية في حقائب في الأسبوع الماضي.

ثمة مصلحة لكل من إسرائيل و"حماس" بتجديد التهدئة، على الرغم من الحادثة الاستثنائية والخطرة، ويبدو أن أحداث هذه الليلة لن تؤدي إلى تصعيد وإلى عملية عسكرية إسرائيلية واسعة في القطاع.