يزداد الشك في أننا نكرر ما حدث في سنة 1971
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

 • جرى العمل قرابة عامين في معهد دراسات الأمن القومي ( INSS) على إعداد وثيقة هدفها تحريك العمليات السياسية على الساحة الإسرائيلية-الفلسطينية. وقد أوضح رئيس المعهد اللواء في الاحتياط عاموس يادلين أن الوثيقة تسعى للوصول إلى إسرائيل" يهودية، ديمقراطية، وآمنة وأخلاقية". إنها محاولة للتجسير بين الشروط القصوى التي وضعها الفلسطينيون وإسرائيل، ووصفها يادلين بأنها "نموذج ثالث"، بين عدم الاستعداد حالياً لقيام دولتين لشعبين وبين الخوف من قيام دولة ثنائية القومية. وشبّه يادلين الصيغة التي وضعها أودي ديكل وكيم لفيا، بتطبيق الـ GPS (نظام تحديد المواقع): تبدأ مع حوار إسرائيلي- فلسطيني بمساعدة الولايات المتحدة والدول العربية، ومن الممكن إدخال تغيرات عليها بحسب التطورات على الأرض والاتصالات.
• تشبه فرص التوصل إلى تحقيق الأهداف الأربعة [التي حددها يادلين] فرص تربيع الدائرة التي أدرك الرياضيون في اليونان القديمة أنها مستحيلة – ليس مع وجود محمود عباس في رام الله، ويحيى السنوار في غزة وبنيامين نتنياهو في القدس. نظرية "لا يوجد شريك" التي اخترعها إيهود باراك لا تزال سارية المفعول؛ فهي على الأقل تضع بيد إسرائيل ذريعة تفسر للغرب تهرُّب بنيامين نتنياهو من أي بحث في تسوية.
• تأخذ الصيغة بعين الاعتبار الحاجة إلى خطوة أحادية الجانب، وهي تستند إلى الافتراض أن جدار الفصل سيكون الحدود الدائمة لإسرائيل. في الماضي كان هناك معارضة لإقامة الجدار من اليمين وأيضاً من اليسار، لأنهم لم يكونوا يرغبون في تقسيم الضفة الغربية. لكن لا توجد حدود ناجعة أكثر من هذه الصيغة التي كان يؤيدها في البداية أربعة فقط: ثلاثة "سابقون"، إيهود باراك ودان مريدور وحاييم رامون، ورئيس الشاباك سابقاً آفي ديختر.
• الصيغة المقترحة التي يقدّر يادلين أنه من الممكن تطبيقها فقط بعد انتخابات الكنيست، معتدلة وتتفادى الدخول في مواجهة مع عناصر متطرفة. كتلة المستوطنات التي ستبقى في يد إسرائيل سيُسمح البناء فيها حالياً، بينما سيجري إخلاء المستوطنات الواقعة شرقي الجدار في المرحلة الأخيرة فقط، عندما تجري مناقشة مستقبل القدس (بروحية خطة كلينتون). لا حق عودة. ترتيبات أمنية صارمة، كي لا نكرر فشل الانفصال عن غزة.
• الفلسطينيون لن يوافقوا بالتأكيد على دولة في المرحلة الأولى لاستقلالهم تمتد على 65% فقط من الأرض. مع ذلك، يأمل واضعو الصيغة بأن تمنح الدول العربية التي تخاف من إيران موافقتها الصامتة على الصيغة، على افتراض أن المقصود هو خطوة أولية فقط.
• عملياً، لا تحمل الصيغة انفتاحاً سياسياً حقيقياً، وللأسف الشديد الاتفاق الوحيد بين الطرفين هو نسف أي تسوية موقتة من هذا النوع. لقد أطلع يادلين نتنياهو على الوثيقة، وردّ هذا الأخير عليها أن اللواء في الاحتياط يفهم في الاستراتيجيا، لكنه لا يفهم في السياسة. الحكومة مرتاحة لحالة عدم المبالاة السائدة، وللادعاء القائل إن رئيس الحكومة أوجد أفضل ظروف سياسية ملائمة لا مثيل لها لإسرائيل، ولا حاجة إلى التنازل للفلسطينيين. لكن هذا الهدوء مصطنع.
• قبل 49 عاماً أرسلني غرشوم شوكين [رئيس تحرير جريدة "هآرتس" من 1939-1990] إلى القدس للعمل كمراسل سياسي للصحيفة. زملائي في تلك الفترة من الصحافيين المعروفين مثل حغاي إيشد، ويوسف حاريف، وآرييه تسيموكي، وآري روث، وغبريال شتيرن، لم يعودوا في قيد الحياة. أنا الوحيد الذي ما زلت في قيد الحياة من المراسلين السياسيين، وأتذكر لامبالاة غولدا مائير وصحبها. وخلال السنوات 1970 و1971 و1972، ألقت غولدا في سلة المهملات الدولية كل خطة سياسية للتسوية على الجبهة المصرية. قائمة طويلة من الرفض تقشعر لها الأبدان: غونار يارينغ، موشيه دايان، فيليكس هوفوات بوانيي، نيكولاي تشاوشيسكو، ويليام روجرز، مَنْ لا يزال يتذكر؟
• حينها، كان كل شيء هادئاً، حتى سماع صفارات الإنذار في يوم الغفران. أيها السادة "التاريخ يعيد نفسه" كما يقول حاييم حيفر [كاتب وشاعر إسرائيلي 1925-2012]. يزداد الخوف من معادلة سياسية – رياضية جديدة هي : 2018-1971.