الربيع العربي الحقيقي تطوّر التكنولوجيا المتقدمة الهاي - تك
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الإلكتروني
المؤلف
  • الحديث عن الشرق الأوسط بصفته منطقة غارقة في الاضطرابات، وعدم الاستقرار والإيديولوجيات الإسلامية المتطرفة، يدفع الإسرائيليين إلى تفويت الفرصة للتعرف على التغييرات العميقة التي يقوم بها في العقد الأخير جيل شاب من أصحاب الابتكارات في المنطقة. في سنة 2017، كانت هناك نحو 3000 شركة ناشئة تنشط في حاضنات للابتكارات أُقيمت في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومصر، والأردن، والسعودية، ولبنان، والمغرب، وتونس وغيرها. وثمة منافسات إقليمية تجري صباحاً ومساءً وتشكل ساحة لقاء بين مبتكرين ومستثمرين وأطراف حكومية وأصحاب الشأن، ليس فقط من الشرق الأوسط، بل وأيضاً من الشركات الناشئة العالمية.
  • على سبيل المثال، في دبي عاصمة الابتكار الإقليمي، برز نجاحان بارزان: موقع "سوق" الضخم للتجارة الإلكترونية في العالم العربي، اشتراها أمازون في مقابل 650 مليون دولار، وتطبيقات "كريم"، وهي شركة سفريات تعمل في أكثر من 100 مدينة في 14 دولة وتساوي نحو 1.5 مليار دولار.
  • ومثل كل قصة نجاح جيدة، فإن نقطة البداية تتعلق بنقطة هبوط: الأزمة الاقتصادية في سنة 2008، والانخفاض الكبير في أسعار النفط، ونشوب احتجاجات في "الربيع العربي" التي غيرّت وجه الشرق الأوسط. وقد بحثت دول المنطقة عن مخرج يشجع النمو الاقتصادي ويقدم رداً على ضائقة البطالة بين الشباب المتعلم من أبناء جيل الألفية الثانية. وفي آب/ أغسطس 2009، وقع حدث أساسي، عندما اشترت "ياهو" الموقع الإلكتروني الأردني "مكتوب" بـ 175 مليون دولار. وأصبح موقع "مكتوب" للبريد الإلكتروني العربي الأكثر تداولاً في المنطقة، وأثار آمال الملايين من الشباب المتعلم في العالم العربي.
  • التغيّر التكنولوجي الذي طرأ على المنطقة مع دخول الإنترنت وزيادة انتشار وسائل الاتصال النقالة سمح بنمو مطرد لسوق التجارة الإلكترونية العربية. يوجد في العالم اليوم نحو 400 مليون شخص يتحدثون باللغة العربية، نصفهم تقريباً موصول بالإنترنت، ومعدل زيادة المستخدمين في المنطقة هو الأسرع في العالم. لكن نسبة قليلة من مضمون الإنترنت متوفر بالعربية، من هنا فإن إمكان نمو سوق الابتكارات العربية مرتفع.
  • لقد تعرّف العالم العربي إلى إمكانات السوق المحلية والعالمية، وفي السنوات الأخيرة جرى توظيف أموال كبيرة في تطوير مجال الابتكارات وخلق مناخ للأعمال للشركات الصغيرة والمتوسطة. تضمنت هذه الخطوات إزالة الحواجز البيروقراطية، وتقديم تسهيلات في فتح حساب مصرفي، والحصول على بطاقات قروض، وتشجيع قنوات الاستثمار والقروض وإلغاء عقوبات بالسجن بسبب الشيكات المرتجعة.

الشركات الناشئة الغزاوية

  • الطريقة التي جرى من خلالها تحقيق هذه الخطوات عملياً تختلف بين دولة وأُخرى، ويبدو أن أغلبية هذه الدول ما تزال تعاني جرّاء عدم وجود خطة عمل استراتيجية منهجية ومنسقة تسمح بالتنسيق بين الجهود المتعددة، وأيضاً بين دول المنطقة. ومع ذلك، تبشر هذه التطورات بحدوث تغييرات عميقة في الشرق الأوسط.
  • تحولت ساحة الابتكارات إلى ساحة تحرير افتراضية تسمح للمواطنين بالبحث والمشاركة والعمل معاً مع مؤسسات الدولة والجهات المدنية والدولية. وقد جرى التعبير عن المشاركة والمسؤولية المدنية من خلال نشاطات شركات ناشئة تطوّر حلولاً ذكية لتحديات اجتماعية، مثل تقديم خدمات لذوي الحاجات الخاصة، والطاقة الخضراء والتنمية المستديمة، وتقليص الفجوات في التعليم وغيرها.
  • إحدى هذه الشركات هي "سان بوكس"[ Sun Box] التي طوّرها فلسطيني من غزة، والمقصود طاقة شمسية ذكية هدفها استكمال تأمين الكهرباء التي تخضع لتقنين لا يتجاوز بضع ساعات في اليوم. نموذج آخر هو "نفهم" الذي طورته شركة حاضنة في القاهرة ويتضمن أفلاماً قصيرة أنتجها معلمون وتلامذة تدور حول مجموعة موضوعات من المنهج الدراسي. والتعليم موجّه أيضاً إلى الذين ليس لديهم إمكانات الذهاب إلى المدرسة، ويتيح لهم التعلم بصورة مستقلة.
  • يؤثر مجال الابتكارات في وضع النساء في المجتمع العربي، ويقدم فرصاً جديدة مهمة للعمل، ودخلاً أكثر ارتفاعاً، ومرونة في ساعات العمل وإمكان الجمع بين مهمات المنزل والمهنة.
  • الصحيح حتى اليوم أن إسرائيل ليست شريكة في النمو الإقليمي في مجال الابتكارات. والحاجز الأساسي هو الحائط المسدود الذي وصل إليه النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، ونشاط حركة المقاطعة الإقليمية. والصلات القليلة الموجودة تجري بحماية سفارات أجنبية، ومنتديات دولية، وشركات هاي - تك عالمية.
  • على سبيل المثال، إنكلترا أدركت الفرصة وأقامت في سفارة إسرائيل في لندن مركزاً للابتكارات يقترح مشاريع أعمال للإسرائيليين، وفرعاً يركز على النشاطات في المجتمع العربي. وبالإضافة إلى النوايا الحسنة، فالهدف هو مصلحة بريطانية اقتصادية للاستفادة من السوق العربية المزدهرة بواسطة أصحاب ابتكارات من العرب درسوا في إسرائيل.
  • يكتسب مجال الابتكارات في العالم العربي زخماً ويخلق فرصاً جديدة للتعاون. ويجب على متّخذي القرارات في إسرائيل أن يكونوا واعين أن مفتاح الانضمام إلى النمو الإقليمي موجود في يد القطاع العربي والناطقين بالعربية في إسرائيل. ومن أجل بناء جسر يربط إسرائيل بجيرانها، من المهم أن نقدم للشبان في المجتمع العربي فرص عمل في هذا المجال، تسمح باندماج أفضل في المجتمع والمنطقة.

في ضوء الظروف الصحيحة، يمكن أن تشكل الابتكارات مجالاً جديداً منعشاً للتعاون بين إسرائيل وجيرانها لم يجر اختباره حتى الآن، وأن يثير أملاً "بشرق أوسط جديد" أو لمزيد من الدقة شرق أوسط خلاق.