غيوم المواجهة العسكرية الشاملة آخذة بالتلبّد في منطقة الحدود الجنوبية مع القطاع
تاريخ المقال
المصدر
- ما يتبين الآن هو أننا في خضم الفصل الثالث من المواجهة التي بدأت بها حركة "حماس" في مقابل إسرائيل منذ آذار/ مارس الفائت. وقد انتهى الفصل الأول من هذه المواجهة، الذي بدأ بـ"مسيرات العودة"، بسقوط نحو 200 قتيل فلسطيني، وبجولتين من التصعيد شملتا إطلاق نحو 200 صاروخ وقذيفة صاروخية في اتجاه المستوطنات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة.
- وبدأ الفصل الثاني من المواجهة في أول أسبوع من آب/ أغسطس الفائت، الذي شهد محاولات دؤوبة للتوصل إلى تسوية بين "حماس" والسلطة الفلسطينية وإسرائيل. ولم تكن هذه المحاولات حقيقية، لكنها أتاحت إمكان تخفيف الضغط الداخلي عن جميع الأطراف.
- ولا تقود المحادثات إلى أي مكان، بينما يهدّد فصل الشتاء الآخذ بالاقتراب بتفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع. ويمكن القول إنه في أواسط أيلول/ سبتمبر الفائت، انتقلت "حماس" إلى الفصل الثالث، وهو ما يجوز اعتباره "تصعيداً محسوباً"، وفقاً لتسمية أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.
- منذ عدة أسابيع يقوم زعماء "حماس" بإجراء اتصالات مع قادة الفصائل الفلسطينية في القطاع - أساساً مع الجبهة الشعبية لكن ليس فقط معهم- يتم خلالها التداول بشأن إمكان خلط كل الأوراق والدخول في مواجهة عسكرية شاملة مع إسرائيل. وعلى ما يبدو، يدور الحديث حول نزع القفازات، وحول قيام عناصر الجناح العسكري باختراق الجدار الحدودي الأمني في عدة نقاط ومحاولة التسلل إلى المستوطنات واختطاف مدنيين.
- وقال الرئيس السابق لبلدية خانيونس، الدكتور فوزي شمالة، المقرب من "حماس"، في سياق مقابلة أجرتها معه إحدى شبكات التلفزة المحلية في القطاع، إن الهدف هو احتلال "مستوطنة" (كيبوتس) وأسر عدد كبير من السكان. ويقدّر زعيم "حماس" يحيى السنوار أنه في حال وجود مخطوفين إسرائيليين بحيازته فإن إسرائيل ستردّ بشكل عدوانيّ لكنها في نهاية المطاف ستتراجع وتضغط على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كي يمرّر الأموال إلى القطاع، وتشجع إقامة بنى تحتية في غزة بأموال أجنبية، وتطلق أسرى. ومن وجهة نظره فإن إسرائيل ضعيفة وقابلة للابتزاز، والمجتمع الإسرائيلي لا يمكنه تحمّل وضع يكون فيه عدد كبير من المخطوفين والأسرى والمفقودين.
- بناء على ذلك ليس مبالغة القول إنه في كل مرة يقوم الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي بنشر بيان يذكر فيه أن ناشطين فلسطينيين حاولوا اختراق الجدار الأمني في منطقة الحدود مع القطاع والتسلل في اتجاه الأراضي الإسرائيلية، يكون ذلك متعلقاً بقيام ناشطين من "حماس" باختبار المناطق التي يمكن التسلل من خلالها لتنفيذ الخطة المذكورة.
- ومنذ آب/ أغسطس الفائت تقوم حركة "حماس" وفصائل أُخرى بنشاطات متعددة على طول منطقة الحدود خلال ساعات الليل والنهار. ولا بد من ملاحظة أن معظم المتظاهرين في منطقة الحدود، الذين يزداد عددهم يوماً بعد يوم، ليسوا من "العوام"، بل من أفراد الجناح العسكري في "حماس"، وهم يقومون بـ"تدريس" الجيش الإسرائيلي كيفية العيش مع إطلاق العبوات الناسفة ومع المحاولات الصغيرة لاختراق الجدار الحدودي. ويقوم الإيرانيون بتمويل هذا المشروع. وفي الآونة الأخيرة استُدعي مشتركون في التظاهرات للتوجه إلى فروع بنوك في غزة وتلقى كل منهم مبلغ 200 دولار بتمويل من إيران. ووفقاً لمفاهيم غزة فإن هذا المبلغ كبير جداً.
إن السؤال المطروح حيال ذلك هو: ماذا تفعل الحكومة الإسرائيلية في مقابل غيوم المواجهة العسكرية الشاملة الآخذة بالتلبّد في منطقة الحدود الجنوبية؟ هل تبذل جهداً سياسياً حقيقياً للتوصل إلى تسوية؟ هل تمارس ضغطاً على السلطة الفلسطينية كي تغيّر موقفها إزاء القطاع وعلى الدول المانحة كي تنقل الأموال إلى القطاع؟ أم أنها كعادتها تنتظر انتهاء الردع وعندها تقوم بتكسير عظام "حماس" وعظامنا؟.