أزمة خطرة وحقيقية: هل غيّرت روسيا مقاربتها حيال إسرائيل؟
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف
  • في الأيام الأخيرة تمسكت إسرائيل بموقفها المحق تماماً في إدارة الأزمة مع الروس. في هذه المرحلة على الأقل ولدى فحص النتيجة، فإن عمليات التخفيف الإسرائيلية أعطت نتائج محدودة فقط. وعلى الأقل، على مستوى التصريحات، فإن زيارة قائد سلاح الجو عميكام نوركين إلى روسيا لم تحقق النتائج المرغوبة وتطرح السؤال: هل معالجة الأزمة كان يجب أن تكون على المستوى السياسي وليس العسكري؟
  • الأزمة مع الروس خطرة وحقيقية: من المتوقع أن يكون لنشر بطاريات S-300 تأثير مهم في نشاط سلاح الجو، وفي المجال الجوي في المنطقة. لكن هذا ليس هو النقطة المركزية: مهما كانت المنظومات متقدمة فإنها لن توقف سلاح الجو عن العمل في أجواء سورية. أهمية نشر البطارية، إذا حدث، هي في مسألة هل يغيّر الروس مقاربتهم الاستراتيجية حيال حق إسرائيل في العمل ضد حلفاء روسيا في الحرب في سورية؟
  • إن مسألة حرية العمل التي تمنحها روسيا لإسرائيل حاسمة. شئنا أم أبينا، تعتمد إسرائيل على روسيا في هذا الشأن. وروسيا دولة عظمى وإسرائيل ليست كذلك، مع أننا ننسى ذلك أحياناً. يبرز هذا الأمر خصوصاً في مقابل ضعف الولايات المتحدة في المنطقة. إن الدعم الأميركي لإسرائيل في قضايا تتعلق بالفلسطينيين مهم، لكن دائماً كانت أهمية الولايات المتحدة تكمن في قدرتها على دعم إسرائيل في مواجهة دولة عظمى أُخرى. في الحادثة الأخيرة يبدو عدم تحرك الأميركيين واضحاً جداً. بالأمس فقط وصل رد مستشار ترامب جون بولتون الذي حذّر من أن تزويد سورية ببطاريات الصواريخ هو "خطأ" يمكن أن يؤدي إلى "تصعيد خطر". باستثناء ذلك، لخير أو لشرّ، كي تقوم إسرائيل بعمليات أُخرى في المجال السوري، الروس هم اللاعب المسيطر.
  • لا يعني هذا الكلام القول أو التلميح إلى أنه يجب على إسرائيل أن تتذلل للروس، أو أن تتنازل عن الخطوط الحمراء التي وضعتها. عمليات الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو بصورة خاصة في السنوات الأخيرة ضد التمركز الإيراني ومن أجل وقف سباق التسلح لحزب الله أثمرت إنجازات عديدة، وهذه خلاصة مهمة. لكن يجب على إسرائيل أن تعمل بصورة حكيمة وبتواضع في إدارة الأزمة الحالية، وهناك العديد من النقاط التي يجب أن تحقق فيها بنفسها.
  • في هذه الحادثة أيضاً الكل يفهم أن اللوم المباشر يقع على عاتق سورية، ويمكن الافتراض أن وزير الدفاع الروسي فهم ذلك منذ المرحلة الأولى. لكن دائماً كان للروس طريقتهم في عرض الحقائق بما يتلاءم مع مصالحهم. بناء على هذه المقاربة لم يستخدم الأسد سلاحاً كيميائياً قط، وكل ما يقال عن ذلك هو تلاعب غربي بالحقائق. من يعرف هذه العقلية كان يجب أن يفهم أن الأزمة كان يجب أن يديرها المستوى السياسي وليس العسكري. وفي أحسن الأحوال عندما تقرر إرسال وفد إلى روسيا، كان يجب أن يكون لسلاح الجو تمثيل مهني فقط. وكان يجب أن يجري أصحاب الاختصاص والمستوى السياسي المفاوضات. التحقيق والوقائع المؤكدة لهما دور ضئيل في إدارة الأزمة. قد يكون نوركين طياراً ممتازاً لكنه ليس الرجل الذي كان يجب أن يقود الوفد إلى روسيا. ومع أننا نحن الذين بادرنا إلى هذه الزيارة، فإنها،عملياً، تحولت إلى فخ عسكري لدى وزارة الدفاع الروسية.
  • هذه ليست المرة الأولى التي يهدد فيها الروس إسرائيل بنصب قدرات دفاعية متقدمة في سورية، لكن في الفترة الأخيرة، ارتفع التوتر، ويمكن التقدير أن الروس احتجوا سابقاً من أن التحذير يصل من إسرائيل في وقت قريب من الهجوم، كما أنهم لم يحبوا ما نشرته إسرائيل مؤخراً عن عدد الهجمات في سورية في السنتين الأخيرتين (أكثر من 200 هجوم) والتصريحات بشأن استمرار الهجمات.

في السنوات الأخيرة، يتحدثون في إسرائيل، وهم على حق، عن أهمية العمليات ضمن إطار معركة بين الحروب، لكن في الأشهر الأخيرة يبدو أنهم نسوا "مجال التواضع". وإلى أن يفعل الزمن فعله، يجب أن تُجري إسرائيل أيضاً تحقيقاً معمقاً ومختصاً في الجيش وفي المستوى السياسي بشأن إدارة الأزمة والفترة التي سبقتها، وتحقيق سلاح الجو الذي عُرض في وسائل الإعلام هو جزء ضئيل جداً منه.