استراتيجيا الصواريخ الإيرانية
المصدر
معهد السياسات والاستراتيجيا – جامعة ريخمان، المنظّم لمؤتمر هرتسليا السنوي

من معاهد الدراسات الاستراتيجية المعروفة، ولا سيما المؤتمر السنوي الذي يعقده ويشارك فيه عدد من الساسة والباحثين المرموقين من إسرائيل والعالم. يُصدر المعهد عدداً من الأوراق والدراسات، بالإضافة إلى المداخلات في مؤتمر هرتسليا، التي تتضمن توصيات وخلاصات. ويمكن الاطّلاع على منشورات المعهد على موقعه الإلكتروني باللغتين العبرية والإنكليزية.

المؤلف
  • بعد دخول العقوبات الأميركية الجديدة في حيّز التنفيذ، تجد إيران نفسها في واحدة من أدنى نقاط الهبوط في العقد الأخير، وفي مواجهة معضلات صعبة لكيفية مواجهة التحديات التي أمامها. يمر الاقتصاد الإيراني بإحدى أخطر الأزمات التي واجهها منذ قيام الجمهورية الإسلامية، فالعملة قد انهارت وازداد التضخم بصورة كبيرة، وارتفعت معدلات البطالة ارتفاعاً كبيراً، وهناك نقص في التزود بالمياه والكهرباء. والأزمة الحالية ليست ناجمة فقط عن الصعوبات الموضوعية في الحياة اليومية، بل وأيضاً عن أزمة التوقعات التي برزت وسط الجمهور الإيراني بعد الاتفاق النووي في سنة 2015، والذي كان من المفترض أن يؤدي إلى تحسن الوضع الاقتصادي، وعن خيبة الأمل.
  • على الرغم من الأزمة الاقتصادية والضغط الأميركي المتصاعد، وربما تحديداً كردّ على هذه التحديات، تستخدم إيران إحدى الأدوات الاستراتيجية التي طورتها على مر السنين، وهي منظومة الصواريخ والقذائف. تسعى إيران لهيمنة إقليمية والتوصل إلى سلاح نووي يمنح حصانة للنظام. وهناك ثلاثة أطراف مركزية تعمل على إحباط الطموحات الإيرانية: الولايات المتحدة، وإسرائيل، والتحالف العربي السني بقيادة السعودية.
  • تسمح منظومة الصواريخ والقذائف الإيرانية التي يسيطر عليها الحرس الثوري لإيران بخلق تهديدات استراتيجية لأعداء إيران في الشرق الأوسط وخلق توازن ردع هدفه منع مهاجمتها.
  • يمكن تصنيف هذه المنظومة ضمن مجموعتين: منظومة الصواريخ الباليستية الاستراتيجية، التي تعتمد على صواريخ بعيدة المدى قادرة على أن تضرب من مواقع إطلاقها في إيران أهدافاً استراتيجية في إسرائيل، وقواعد أميركية في شتى أنحاء الشرق الأوسط. وهذه المنظومة معدّة مستقبلاً لحمل رؤوس نووية عندما تتمكن إيران من تطويرها.
  • وهناك منظومة صواريخ وقذائف متوسطة وقصيرة المدى زودت بها إيران التنظيمات الواقعة تحت وصايتها، وبينها: حزب الله، و"حماس"، وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني، والميليشيات الشيعية في سورية والعراق، والمتمردون الحوثيون في اليمن. الجزء الأساسي من هذه المنظومة أُقيم من أجل السماح بضرب إسرائيل من عدة جبهات، من لبنان وقطاع غزة، ومؤخراً من العراق ومن سورية، حيث تدور معركة بين إسرائيل وإيران تعمل فيها إسرائيل على منع التمركز الإيراني في هذه الساحة.
  • الانتشار الحالي للمنظومة الباليستية يسمح لإيران، بواسطة التنظيمات الواقعة تحت وصايتها، ليس بضرب إسرائيل فقط بل وأيضاً السعودية التي تتعرض لهجمات صاروخية يومياً من المتمردين الحوثيين. نشر صواريخ إيرانية في العراق وفي اليمن يسمح بمهاجمة أهداف في كل أنحاء السعودية ودول الخليج، وبالمسّ بالقوات الأميركية في سورية والعراق وفي دول الخليج.
  • لا تقوم إيران فقط بالتزويد بالصواريخ والقذائف وتدريب الطواقم على استخدامها، بل تزود أيضاً التنظيمات بمعلومات تكنولوجية، وتحاول أيضاً إقامة مصانع لإنتاج هذا العتاد لمصلحة التنظيمات الواقعة تحت وصايتها في لبنان وسورية واليمن.
  • استخدام المنظومة الباليستية خارج حدود إيران بواسطة التنظيمات التابعة لها يسمح لإيران بخلق تهديد استراتيجي ضد أعدائها، واستخدام هذه المنظومة ضدهم عند الحاجة، مع الامتناع من تحمّل المسؤولية ومن دفع ثمن رد الدول التي استهدفها هجوم التنظيمات المدعومة من إيران.
  • وتزود إيران التنظيمات الواقعة تحت وصايتها بصواريخ بر - بحر أيضاً، وبواسطتها تستطيع أن تخلق تهديداً للمعابر البحرية الحيوية، مثل مضائق باب المندب في البحر الأحمر. لقد سبق أن أطلق المتمردون الحوثيون صواريخ بر - بحر على سفن عسكرية ومدنية في هذه المنطقة عدة مرات. وزودت إيران حزب الله بصواريخ بر - بحر استخدمها الحزب لضرب سفينة حربية إسرائيلية في حرب لبنان الثانية، وهي تشكل تهديداً للسلامة البحرية لإسرائيل ولمنصات الغاز. وقد أحبطت إسرائيل في الماضي محاولة إيرانية لنقل صواريخ بر - بحر أيضاً إلى "حماس" في قطاع غزة.
  • إسرائيل هي في مركز التهديد الذي تمثله المنظومة الباليستية الإيرانية، ولذا المطلوب منها بلورة استراتيجيا شاملة لمواجهة التهديدات التي تفرضها إيران في ساحات متعددة. ويتعين على إسرائيل العمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة والائتلاف السعودي والمجتمع الدولي، وبالوسائل السياسية، لتقليص انتشار المنظومة الباليستية الإيرانية.