إيحاء إيراني، قوة لبنانية، أرض سورية: جولة على طول الحدود السورية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الإلكتروني
المؤلف
  • قبل بضعة أسابيع عادت منطقة هضبة الجولان، مثلها مثل جنوب سورية حتى حدود الأردن، رسمياً، إلى سيطرة نظام بشار الأسد في دمشق. لكن عملياً، أي شيء هناك لم يعد كما كان سابقاً.
  • صحيح أن المتمردين المسلمين السنّة الذين ثاروا على النظام العلوي-الشيعي سلموا سلاحهم الثقيل، لكنهم لا يزالون يحتفظون ببنادقهم وبقذائف الآر بي جي. لقد أبقى الأسد هذا السلاح بين أيديهم في إطار "اتفاقات المصالحة" لأنه فهم هو أيضاً أنه إذا نزع سلاح المتمردين بصورة كاملة، فإن قواته والميليشيات الموالية له يمكن أن ترتكب مذبحة في حق سكان المنطقة. الشرطة الروسية التي يتحرك أفرادها على طريق درعا - دمشق تفتح عيونها هي أيضاً لمنع حدوث حمام دم.
  • "اتفاقات المصالحة" هي فعلياً اتفاقات استسلام للمتمردين، لكن الأسد ليس مهتماً حالياً بتصفية الحسابات. حالياً، هناك مصلحة مشتركة له مع الروس هي إعادة الاستقرار إلى المنطقة بحيث يصبح ممكناً التوصل إلى تسوية سياسية برعاية الكرملين، والبدء بإعادة إعمار سورية من دمارها.
  • هذا ما يفهمه أيضاً اللاجئون المسلمون السنّة الذين هربوا من وسط سورية ومن جنوبها، وأقاموا على بعد أمتار معدودة من السياج الحدودي والمواقع الإسرائيلية. لقد علموا أن النظام وتنظيمات المتمردين المتخاصمة، الجهادية، لن تجرؤ على قصفهم خوفاً من "انزلاق" إلى الأراضي الإسرائيلية يؤدي إلى تعرضهم لنيران قاسية من الجيش الإسرائيلي.
  • لقد نقلت إسرائيل إلى هؤلاء الغذاء والمواد الإنسانية، وقدمت لهم المساعدة الطبية على الحدود، كما عالجت في مستشفياتها المرضى والجرحى والأولاد. هذه المساعدات ساعدت جيداً طرفين: اللاجئون سكان القرى وأيضاً أعضاء نحو 12 تنظيماً "معتدلاً" ردوا على المساعدة الإسرائيلية بالامتناع من القيام بهجمات إرهابية "خارج السياج" وإبعاد الجهاديين المتطرفين مثل أعضاء جبهة النصرة، ومنعهم من الاحتكاك بالجيش الإسرائيلي.
  • حالياً، انتهى هذا كله. لقد قررت حكومة إسرائيل، بناءً على توصية من الجيش، الاعتراف بالنظام السوري بصفته المسؤول عن المنطقة مع كل ما يستتبع ذلك، بشرط ألاّ يسمح لعناصر "المحور الإيراني" بالعمل برعايته من داخل مواقعه، وبشرط أن يحترم نصاً وروحاً اتفاق فصل القوات العائد إلى سنة 1974. وقد فهم النظام في دمشق، إلى حد كبير بمساعدة الجنرالات الروس، أن من الأفضل له حالياً الاستجابة لمطالب إسرائيل.
  • لقد عاد الجيش السوري إلى الانتشار شرقي المنطقة المنزوعة السلاح بشكل دقيق مثل انتشاره قبل نشوب الحرب الأهلية: انتشرت الفرقة الخامسة في المنطقة الآمنة مع اللواء 90 (في شمالي الهضبة) واللواء 112 (جنوبي الهضبة) على الخط المتقدم. حالياً، توجد الميليشيات الإيرانية على مسافة تبعد نحو 40 كيلومتراً من المعسكرات حول دمشق، لكن عناصر الاستخبارات من الحرس الثوري ينشطون من على التلال البركانية العالية التي استعاد الجيش السوري السيطرة عليها.
  • لكن ما يقلق إسرائيل فعلاً هو الجهود التي يبذلها حزب الله من أجل تأسيس وجود سري، لكنه دائم في هضبة الجولان السورية، في المنطقة المحاذية لحدود إسرائيل. حالياً، هناك هدف مشترك لقاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، ولحسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني: فتح جبهة مستقلة من إرهاب وسلاح منحني المسار في هضبة الجولان السورية.
  • ومن المفترض أن تسمح هذه الجبهة لحزب الله وللقوات الإيرانية الأُخرى بالتسلل عبر السياج الحدودي والقيام بهجمات ضد المستوطنات الإسرائيلية في هضبة الجولان وإطلاق راجمات الصواريخ عليها.
  • يعلم نصر الله أنه إذا قام عناصره بذلك من الجنوب اللبناني، فإن الرد الإسرائيلي سيكون قاسياً ويمكن أن يدمَّر لبنان كله. لذا فهو مهتم بإقامة جبهة أُخرى ضد إسرائيل في أراضي سورية. في نهاية الأمر نصر الله هو لبناني ويخاف على اللبنانيين. الإيرانيون يريدون استخدام سورية كساحة إضافية يستطيعون انطلاقاً منها إطلاق صواريخهم الثقيلة والدقيقة واجتياح أراضي إسرائيل في حال نشوب حرب، أو عندما تحاول إسرائيل ضرب مشروعهم النووي العسكري. جبهة إضافية ضد إسرائيل في سورية ستجبر الجيش الإسرائيلي على تقسيم قواته وجهوده، على الأقل في بداية القتال، وستسمح للإيرانيين بإبعاد صواريخهم الثقيلة إلى شمال سورية بصورة تجعل من الصعب على سلاح الجو ضربها.
  • لقد استجاب الروس لمطالبة إسرائيل بإبعاد الميليشيات الشيعية وعناصر الحرس الثوري إلى مسافة تبعد 85 كيلومتراً شرقي هضبة الجولان. وهم لم يفعلوا ذلك حباً بصهيون، لكن لأنهم يعلمون أن الوضع في سورية لن يستقر ويسمح لهم بإنجاز التسوية السياسية طالما أن إسرائيل تعمل بنفسها على إبعاد الإيرانيين والتنظيمات الدائرة في فلكهم عن الحدود في هضبة الجولان.
  • يوجد تعارض في المصالح الاقتصادية بين إيران وسورية. والكرملين لا يؤيد تلقائياً جهود التمركز الإيراني في سورية، لكن الروس لم ينجحوا في إبعاد الميليشيات الشيعية التي تعمل بإمرة إيران عن منطقة دمشق. فقد طالب النظام السوري بأن تستمر الميليشيات الشيعية في حمايته وحماية الأماكن المقدسة الشيعية في منطقة دمشق. واضطر الروس إلى قبول الطلب كما اضطروا إلى التخلي عن محاولاتهم الفصل بين حزب الله في لبنان وبين سورية مع انتهاء الحرب الأهلية.
  • لكن في الجيش يشعرون بالقلق، وخصوصاً من جهد حزب الله المستمر للتمركز بالقرب من "الخط البنفسجي" أي السياج الحدودي مع إسرائيل. هذا الجهد هو سرّي لكنه حازم، ويجري بمساعدة أطراف محلية مستعدة للتعاون مع التنظيم اللبناني. جزء منها في مقابل المال، وجزء آخر لأنه يؤيد النظام العلوي المسيطر في سورية، والذي يعمل حزب الله تحت رعايته.

حزب الله ليس مستعجلاً. هو يريد إقامة جبهة سورية من دون أن تزعجه إسرائيل لذا فهو يتصرف بسرية وببطء، وهو ما سيسمح له بعد نصف سنة أو سنة بالبدء بوضع عبوات وإطلاق صواريخ مضادة للدبابات على الدوريات الإسرائيلية بالقرب من السياج. يصرون في الجيش الإسرائيلي على عدم السماح بحدوث ذلك، وإذا احتاج الأمر، بالقوة. ينطوي مثل هذا الوضع على احتمال تصعيد لا يرغب فيه أي طرف من الأطراف حالياً. لكن في الأيام الأخيرة، مثلاً في قضية إسقاط الطائرة ، رأينا أن في مثل هذه الأوضاع كيف تتجه الأمور إلى الخروج عن السيطرة.