رفض الجيش الإسرائيلي اتهام وزارة الدفاع الروسية بأن المسؤولية الكاملة عن إسقاط طائرة الاستطلاع الروسية من طرف الدفاعات الجوية السورية خلال غارة إسرائيلية بالقرب من اللاذقية الأسبوع الفائت تقع عليه، وكرّر تأكيده أن هذه المسؤولية تقع على عاتق سورية وحدها.
وجاء هذا الرفض في سياق بيان أصدره الجيش الإسرائيلي أمس (الأحد)، تعقيباً على المعطيات التي نشرتها وزارة الدفاع في موسكو بشأن إسقاط الطائرة الروسية المذكورة، أصرّ فيه أيضاً على روايته أن تلك الطائرة أُسقطت بسبب إطلاق عشوائي لنيران الدفاعات الجوية السورية، وأكد أنه سيواصل العمل لمنع التنظيمات المتطرفة من الحصول على أسلحة متطورة.
وقال بيان الجيش الإسرائيلي إن التفاصيل الكاملة والدقيقة والحقيقية معروفة لدى الجهات المعنية في الجيش الروسي، ومن الواضح لهم أن آلية تفادي التصادم والاحتكاك نجحت وتم تفعيلها في الوقت المناسب كما حدث خلال العامين ونصف العام الفائتين، في إشارة إلى الخط الساخن بين الجيشين الإسرائيلي والروسي الذي يهدف إلى منع مثل هذه الاشتباكات غير المقصودة.
وأضاف البيان أن سلاح الجو الإسرائيلي لم يختبئ وراء أي طائرة، وأكد أن الطائرات الإسرائيلية كانت في المجال الجوي الإسرائيلي عندما ضرب السوريون الطائرة الروسية.
وشدّد البيان على أن الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل بموجب توجيهات المستوى السياسي حيال محاولات إيران المستمرة في التموضع عسكرياً في سورية، وحيال تسليح حزب الله بوسائل قتالية متطورة. وأكد أن تزويد عناصر غير مسؤولة بأسلحة متطورة مثلما حدث هذه المرة يشكل تهديداً للمنطقة وقد يؤدي إلى إلحاق أضرار جسيمة.
وأعرب البيان عن أمل الجيش الإسرائيلي بأن تتواصل جهود التنسيق مع روسيا، مشيراً إلى أن التنسيق بين الجيشين الإسرائيلي والروسي أثبت نفسه في عدد من المناسبات على مدى السنوات، وإلى أن استمرار التنسيق يُعدّ مصلحة مشتركة للجانبين في ضوء التحديات الإقليمية المتعددة. كما أشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يضع حياة القوات الروسية في سورية في رأس سلم أولوياته، وهي تمثل اعتباراً مهماً في الحصول على الإذن في أي تحرك [داخل الأراضي السورية].
وكانت وزارة الدفاع الروسية نشرت، في وقت سابق أمس، نتائج تحقيقها بشأن حادثة إسقاط إحدى طائراتها التي أسفرت عن مقتل أفراد طاقمها الذي ضم 15 شخصاً، وأكدت مجدداً أن إسرائيل هي المسؤول الوحيد عن هذه الحادثة، واتهمت الجيش الإسرائيلي بعدم إشعارها بالهجوم في الوقت المناسب، وأشارت إلى أن الطيارين الإسرائيليين استخدموا الطائرة الروسية كغطاء خلال هجومهم على منشأة أسلحة في مدينة اللاذقية السورية الساحلية.
ورفض الناطق بلسان وزارة الدفاع الروسية الجنرال إيغور كوناشينكوف، في مؤتمر صحافي عُقد في موسكو أمس، نتائج التحقيق الإسرائيلي بشأن هذه الحادثة، وقال إن تصرفات الطيارين الإسرائيليين إمّا أنها افتقرت إلى المهنية أو كانت إهمالاً جنائياً على أقل تقدير.
وكرّر كوناشينكوف أن المسؤولية عن حادثة إسقاط الطائرة الروسية تقع بالكامل على سلاح الجو الإسرائيلي وأولئك الذين اتخذوا القرار لتنفيذ مثل هذه الأفعال. وأضاف أن ما قامت إسرائيل به يخالف اتفاق تفادي الاحتكاك الذي وُقّع بين البلدين في سنة 2015 ويهدف إلى تجنب اشتباكات كهذه، وأشار إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي نادراً ما يُبلّغ موسكو بخطط هجومه.
وقال كوناشينكوف إن إسرائيل ضللت الجيش الروسي بشأن موقع الهجوم، ولم تمنحه الوقت الكافي لنقل طائرته إلى موقع آمن. وأشار إلى أن ضابطاً إسرائيلياً قال إن إسرائيل سوف تهاجم خلال بضع دقائق منشآت صناعية في شمال سورية، وبعد دقيقة واحدة أطلقت 4 طائرات إسرائيلية من طراز "إف 16" قنابل موجهة في اتجاه منشآت صناعية في اللاذقية. وأضاف أن مدينة اللاذقية تقع في غرب سورية وليس في شمالها، وبناء على ذلك فإن المعلومات المضللة التي وفرها الضابط الإسرائيلي بشأن الهجوم الجوي لم تسمح للطائرة بالانتقال في الوقت المناسب إلى منطقة آمنة. ولفت إلى أن الطائرات الإسرائيلية بقيت قبالة السواحل السورية بعد الهجوم، في حين علقت الطائرة الروسية في الوسط، وهو ما جعل منها هدفاً أكبر للصواريخ السورية المضادة للطائرات.
تجدر الإشارة إلى أن وفداً عسكرياً إسرائيلياً رفيع المستوى برئاسة قائد سلاح الجو اللواء عميكام نوركين قام، يوم الخميس الفائت، بزيارة إلى موسكو لإطلاع المسؤولين الروس على التحقيق الأولي الذي أجرته إسرائيل لتقصي وقائع حادثة إسقاط الطائرة الروسية. وقال الوفد إن الجيش السوري أطلق أكثر من 20 صاروخاً مضاداً للطائرات رداً على الهجوم الإسرائيلي، وهو عدد كبير نسبياً لسيناريو من هذا القبيل. وأشار إلى أن أغلبية هذه الصواريخ، بما في ذلك الصاروخ الذي أصاب الطائرة الروسية، تم إطلاقها بعد مغادرة الطائرات الإسرائيلية.