من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
• هل دولة إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي أو دولة لجميع مواطنيها؟ في السنوات الأخيرة يُطرح هذا السؤال مرات كثيرة، ويُطلب منك الاختيار بين أحد الخيارين. أريد القول إنه لا يوجد تعارض بين الاثنين. على عكس ذلك ترتكز الرؤية الصهيونية على أن دولة إسرائيل هي دولة قومية للشعب اليهودي، وأيضاً دولة لجميع مواطنيها.
• حق الشعب اليهودي في أرض إسرائيل هو الأساس. لم نأتِ إلى أرض غريبة. لقد عدنا إلى أرضنا، لكن الصهيونية لم تكتفِ أبداً بحجة الحق في الأرض. فقد أضافت إلى هذه الحجة شرطاً حيوياً: أغلبية يهودية. وتحقيق هذا الحق يكون من خلال أغلبية يهودية. ومن دون أغلبية لا وجود لدولة يهودية. ومن أجل هذا المطلب حاربت الصهيونية وحارب العرب ضده.
• لماذا تحارب الصهيونية من أجل أغلبية يهودية؟ لأنه بحسب الرؤية الصهيونية، الدولة التي ستنشأ ستكون دولة ديمقراطية، فيها مساواة في الحقوق، وسيُعطى الجميع، اليهود والعرب، حق الاقتراع. ولكي تكون هذه الدولة دولة يهودية، يجب أن يكون اليهود أغلبية كبيرة وثابتة بين مواطنيها. لو اعتقدت الصهيونية أن اليهود فقط سيكونون مواطنين في الدولة اليهودية ولهم فقط الحق في تقرير مصيرها، لما كان هناك حاجة إلى النضال من أجل أغلبية يهودية. لكن الصهيونية ليست أبارتهايد وليست عنصرية، بل تستند إلى أسس العدالة.
• لقد نجحت الصهيونية، وأنشأنا الدولة، وفي وثيقة إعلان إقامة الدولة التزمنا بـ"المساواة الكاملة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لجميع المواطنين من دون تفريق بين دين وجنس وعرق". وهذه ليست كلمات جميلة فقط. إنه واقع حياتنا. الكنيست هو الذي يسنّ قوانيننا ويختار حكومتنا، لا ينتخبه الشعب اليهودي فقط. الكنيست ينتخبه جميع مواطني إسرائيل اليهود والعرب. وكون اليهود يشكلون أغلبية ثابتة تقارب 80% من مواطني الدولة، لا خطر على أن تكون دولة إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي.
• "دولة قومية للشعب اليهودي" و"دولة لجميع مواطنيها" مصطلحات تأخذ من عالمين مضموناً مختلفاً: الأول مضمون قومي، تاريخي، ثقافي وأخلاقي. والثاني مضمونه الدولة الديمقراطية. في بعض الأحيان ينشأ توتر بين العالمين. لكنه قابل للحل، وهذه مسألة تتعلق بالتوازن المناسب.
• إن الدولة الديمقراطية في أساسها هي دولة لجميع مواطنيها. أشخاص يتوحدون ويقيمون لأنفسهم دولتهم. في الحقيقة العرب لم يرغبوا في إقامة دولتهم لا بل حاربوا ضد قيامها. لكن من اللحظة التي نجحنا فيها وأقمنا دولة إسرائيل، فرضت الدولة قوانينها وسيادتها على جميع الذين يعيشون داخل حدودها، اليهود والعرب، واعتبرت الجميع مواطنين عندها. الدولة هي دولتنا جميعاً. لقد كان هذا فعلاً أساس الصهيونية منذ بدايتها. ونظراً إلى أن كل البشر متساوون في حقوقهم بما فيها حق الاقتراع، كان المطلوب أغلبية يهودية. من دون هذه الأغلبية ستصطدم "دولة الشعب اليهودي" مع "الدولة الديمقراطية" (أو "دولة لجميع مواطنيها") وهذا صدام لا حل له.
• ونظراً إلى وجود أغلبية يهودية، لا يوجد تعارض بين المصطلحين. لكن أيضاً مع وجود أغلبية يُطرح السؤال هل يحق للأغلبية استخدام قوة الدولة ومواردها (مثلاً أراضيها وأموال الضرائب التي تُجبى من كل السكان) في أهداف تفضّل الأغلبية على الأقلية، أو تمس بالأقلية، بحجة أن هذه الدولة ليست فقط دولة لجميع مواطنيها، بل أيضاً، وربما قبل كل شيء، دولة الشعب اليهودي؟
• جوابي هو أن من حق الدولة، في اعتباراتها وسياستها، العمل كدولة للشعب اليهودي، لكن يتعين عليها الامتناع من أعمال تمس بالمساواة في حقوق الإنسان. الأغلبية هي المسيطرة والتي تملك القوة، ويجب أن تتعامل مع الأقلية بسعة صدر وأن تطبّق المساواة في الحقوق داخل الدولة (بما في ذلك أحياناً تطبيق تفضيل مهيأ لمصلحة الأقلية). وهذا أيضاً محق وحكيم.
• نحن يهود وإسرائيليون أيضاً. وهم عرب وإسرائيليون أيضاً. ليس من الحكمة أن نقول لهم ليلاً نهاراً: هذه ليست دولتكم، هذه دولة اليهود فقط (وإذا لم تكن دولتهم ما هي دولتهم؟). نحن اليهود لدينا مصلحة كبيرة في زيادة اندماج المواطنين العرب في الدولة، وعدم إقصائهم. موضوع الهجرة إلى البلد مختلف، وأقصد : حق العودة، الذي هو من أسس الصهيونية. وبصورة عامة لا تميز الصهيونية بين مواطني الدولة، لكنها تنظم الدخول إليها..