إسقاط الطائرة المقاتلة السورية يزيد احتمالات التصعيد في الجبهة الشمالية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

•تسارعت في الآونة الأخيرة وتيرة الأحداث الأمنية في منطقتي الحدود الجنوبية [مع قطاع غزة] والشمالية [مع سورية]. وسُمع دوي صافرات الإنذار في مستوطنات المنطقتين الجنوبية والشمالية بفارق أيام معدودة. 

•يوم الأحد الفائت شنت إسرائيل، وفقاً لتقارير إعلامية سورية، هجوماً على مصنع لإنتاج الصواريخ شمال غرب سورية، ويوم أول أمس (الاثنين) تم إطلاق صاروخين من منظومة "مقلاع داود" [المضادة للصواريخ متوسطة المدى] في اتجاه صاروخين سوريين، وأمس (الثلاثاء) أسقطت الدفاعات الجوية الإسرائيلية طائرة مقاتلة سورية من طراز "سوخوي 22" اخترقت المجال الجوي الإسرائيلي. وفي قطاع غزة استمرت بشكل جزئي عمليات إطلاق البالونات المفخّخة. 

•في ظل هذا الوضع ثمة أربع قضايا رئيسية يجب الإدلاء برأي بشأنها: أولاً، نظراً إلى أنه من غير المرغوب بتاتاً خوض مواجهة عسكرية في جبهتين في الآن نفسه، من الحيوي التوصل إلى تهدئة في الجنوب، لكون التحديات الماثلة في الشمال أشد خطورة. ويستلزم التوصل إلى تهدئة في الجنوب أن تقدم إسرائيل على خطوة لم تقدم عليها بعد، وهي الإقرار بأن ترميم قطاع غزة يمكن أن يتم فقط من خلال التعاون مع الحكومة هناك، حتى ولو كانت بقيادة "حماس". وفي هذا الشأن فإن فتح معبر كيرم شالوم [كرم أبو سالم] بشكل جزئي أمس لا يشكل جواباً كافياً. فماذا ينفع أهالي القطاع إدخال مزيد من شاحنات البضائع إليهم إذا كانت نسبة البطالة في صفوفهم أكثر من 60%، وإذا لم تكن لديهم كميات كافية من الكهرباء والمياه؟. 

•ثانياً، لا شك في أن إسقاط طائرة "سوخوي 22" أمس كان عملية ناجحة، لكن ليتها لم تحدث. إن هذه العملية، خلافاً لعمليات مهاجمة أهداف إيرانية في سورية، تضع إسرائيل في جهة، وتضع سورية وروسيا في جهة أخرى ضدنا. ويمكن القول إن مشهدية العملية تزيد من احتمالات التصعيد. ويجدر أن نتذكر كيف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "انفلت من عقاله" عندما قام الأتراك بإسقاط طائرة روسية بحجة قيامها باختراق المجال الجوي التركي.

•ثالثاً، في الفترة الحالية تجري بلورة الواقع في سورية في اليوم التالي للحرب الأهلية. وتصرّ إسرائيل، بحق، على العودة إلى اتفاق فك الاشتباك الموقع سنة 1974. ووفقاً لهذا الاتفاق، ثمة منطقة منزوعة السلاح في الجانب السوري يحظر دخول قوات عسكرية إليها بصورة تامة. إن عرض هذه المنطقة كاف لمنع أي احتكاك بين القوات البرية الإسرائيلية والسورية، لكن هذه المنطقة غير كافية لمنع وقوع مواجهة جوية في جنوب هضبة الجولان. ولذا يجب التوصل إلى اتفاق مع الروس على إقامة منطقة جوية منزوعة السلاح أوسع مما هو قائم، بغية الحؤول دون وقوع أحداث مثل حادثة يوم أمس. ويبدو أنه لم يكن في نيّة الطائرة المقاتلة السورية القديمة نسبياً أن تهاجم إسرائيل، لكن بسبب انعدام هوامش أمنية كافية يمكن أن تتكرّر أحداث كهذه لا تعود بالنفع على أي من الجانبين.

•رابعاً، تتبّع الحكومة الإسرائيلية إزاء سورية سياسة يمكن وصفها بأنها مثالية، وهي سياسة تدمج بين نشاط دبلوماسي براغماتي وحكيم ورسائل عسكرية حازمة. فلماذا تعتبر هذه السياسة مقبولة ومتوازنة في الجبهة الشمالية، لكن تعتبر خاطئة في مقابل قطاع غزة؟ يبدو لي أن الإجابة عن هذا السؤال كامنة في حقيقة أننا ما نزال في مقابل غزة عالقين في أسر الالتزام المرتبط بالدعاية الإسرائيلية. فلقد أعلنا مراراً وتكراراً أن "حماس" منظمة إرهابية ولن نتوصل معها إلى أي اتفاق. ويظهر أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يخشى من الانحراف عن هذه الدعاية، لأن ذلك من شأنه أن يتسبّب بدفع ثمن باهظ في أوساط جمهوره وقاعدته الانتخابية. أما في الجبهة الشمالية فإن السياسة متحرّرة من أي التزام إيديولوجي أو دعائيّ أو سياسيّ، وتُدار بحق وفقاً للمصالح فقط.

•لقد أثبت بوتين أكثر من مرة أن من يدير سياسة بلده وفقاً لمصالحها الباردة يحقق إنجازات أكثر. ويجدر بنا أن نتعلم من الطريق التي تعمل إسرائيل بواسطتها في الجبهة السورية، ونطبقها في جبهات أخرى، وليس فقط في مقابل غزة، ولا في القضايا الخارجية والأمنية فقط.