إذن، مَن هو المسموح له بالتحدث مع أولادكم في المدارس؟
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•"باسم مركز بتسيلم [مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في المناطق المحتلة] أدعوكم اليوم إلى القيام بعمل فعّال. "إن أي خطوة لا تصل إلى حدّ تحرك دولي مصمم لن تحقق شيئاً باستثناء التبشير ببداية النصف الثاني من القرن الأول للاحتلال".

•هذه الكلمات التي ألقيتها في سنة 2016 أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، جعلتني أحظى بشرف منعي من التحدث في المدارس في إسرائيل، بفضل البدء بتطبيق التعديل 17 لقانون التعليم الرسمي الصادر في سنة 2018، والقائل: "كل من يعمل في الخارج على مساعدة منظمات تشجع على خطوات سياسية ضد دولة إسرائيل."

•من المفروغ منه أن أغلبية الإسرائيليين يختارون الاستمرار في السيطرة على الفلسطينيين، وقمعهم وسلبهم [أراضيهم] بالقوة. ومن أجل النجاح في ذلك فكل معارضة لسيطرتنا صُنّفت بمثابة عمل "إرهابي"، بما في ذلك التظاهرات، والتوجّه إلى الرأي العام الدولي، والهيئات القضائية، والوسائل الاقتصادية. وغير ذلك لا. نحن أقوياء جداً، وبالنسبة إلى الأغلبية عندنا من المريح الاستمرار في هذه الطريقة: الفلسطينيون ضعفاء، والعالم يسمح بذلك. لماذا نرى الفلسطيني تحت الجزمة إذا كان الواقع يسمح بيوم آخر وسنة أُخرى وجيل آخر من العمى؟

•ومع ذلك، فإن إدارة هذا الأمر المقزز تتطلب أيضاً سيطرة على وعي الإسرائيليين. وإذا فاحت الرائحة الكريهة إلى الأعلى، ربما تثير شيئاً ما في القلوب. لذا يجب وسم الذي يكرهون دعس الفلسطينيين بالحذاء كخونة، وإغلاق أفواههم. إن هذه خطوة أتفهمها جيداً كما أتفهم حجم شعبيتها وسط الناس.

•لكن عندما يحددون مَنْ يجب أن يبقى في الخارج، من غير الممكن عدم إيلاء مَنْ في الداخل مزيداً من الاهتمام: مَنْ بحسب القانون يحق له التحدث أمام أولادكم؟

•يحق لوزير التعليم الذي يدعو إلى قصف أولاد في الثامنة من العمر التحدث أمام تلامذة المدارس في إسرائيل. ومسموح لرئيس الحكومة  (الذي قال: الناخبون العرب يتدفقون بأعداد كبيرة إلى صناديق الاقتراع). ومسموح لوزيرة العدل (التي قالت: "الصهيونية لن تواصل إحناء رأسها أمام حقوق الإنسان) كما يحق لوزير الأمن الداخلي الذي يحرّض ضد ("إرهاب الحرائق") ولوزير الدفاع الفاسد (الذي قال"لا وجود لأبرياء في غزة").

•ليس مسموحاً لنوابنا فقط بالتحدث في المدارس. مسموح أيضاً للقضاة الذين يصادقون كأمر عادي على هدم منازل وعقوبات جماعية واعتقالات طويلة من دون محاكمات. ومسموح للمستشار القانوني للحكومة، البوصلة الأخلاقية المجتهدة، اقتراح طرق مبتكرة من أجل شرعنة مزيد من الجرائم والعنف. ومسموح أيضاً للنائب العسكري الأول، المخوّل الموافقة مسبقاً على أوامر فتح النار على متظاهرين عزل، والماهر في وقت لاحق في التغطية على أعمال القتل. أمام جميع هؤلاء أبواب جهاز التعليم مفتوحة. 

•أيضاً في استطاعة أولادكم الاستماع الى الدبلوماسيين المخلصين. وإلى الموفدين الذين يهتمون "بالدعاية" وبمعالجة أي "خلل في الصورة" مثل أن الممرضة الفلسطينية [التي أطلق عليها الجنود الإسرائيليون النار عمداً أمام السياج في غزة] هي التي أصرت على الوقوف في مسار رصاصة إسرائيلية، والدعاية التي تساوي بين المعارضة الدولية للاحتلال وبين العداء للسامية، وفي الوقت عينه الذي يعبّدون الطريق إلى قلوب المعادين للسامية في هنغاريا والنمسا وألمانيا.

•يتضح أن جميع هؤلاء مسموح لهم بالتحدث في المدارس، أصوات هؤلاء وأصوات غيرهم، هي صوت "الوسط الإسرائيلي"، أصوات "معيارية" مهمتها شرعنة الظلم وتشويه الأخلاق الإنسانية، هي الأصوات المسموعة عالياً وهي التي تحدد اللهجة منذ عشرات السنوات. على الرغم من هذا كله، فإن الحقيقة والوقائع تميلان إلى الظهور من شقوق الدعاية. لذا فإن مصير مشروع الاحتلال وكم الأفواه واحد: الفشل الذريع. في الإمكان تمرير قوانين حمقاء، لكن من المستحيل محو "بتسيلم". 

•إن الوعي الإسرائيلي سيظل مكشوفاً أمام واقع سيطرتنا على الفلسطينيين، ولكن هذا لا يكفي لإخراج الإسرائيليين من منطقة راحتهم، مما يجعلنا نرجع إلى المسؤولية الدولية لتغيير هذا كله: "أنا مواطن هذه الدولة. وهذه الدولة هي موطني. طوال سنوات وجود دولتي، العالم سمح لها بالاحتفاظ بشعب آخر تحت الاحتلال. كل حياتي حتى اليوم وكل يوم مر مع هذا الواقع. ملايين من الإسرائيليين والفلسطينيين لا يعرفون واقعاً آخر. ونحن بحاجة إلى مساعدتكم".