من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•ينتظر أكثر من مليون لاجىء سوري في لبنان عودتهم إلى منازلهم بفارغ الصبر. عشرات الآلاف منهم يستطيعون العودة إلى منازلهم منذ الآن، وآلاف معدودة عادت، لكن الباقين عالقون في الدولة التي تستضيفهم بسبب صراع القوى السياسية داخل لبنان. لا تهتم كثيراً حكومة تصريف الأعمال في لبنان بالوضع الصعب للاجئين، وهي لم تنجح بعد مرور شهرين ونصف الشهر في تأليف حكومة مستقرة ومتفق عليها. المهم الآن من سيرضخ أولاً.
•إن مصير أغلبية اللاجئين مرتبط بمسألة أساسية: هل تتفاوض الحكومة اللبنانية مباشرة مع نظام الأسد من أجل عودة اللاجئين كما يريد حزب الله والرئيس اللبناني ميشال عون، أو أن عودتهم ستجري برعاية الأمم المتحدة من دون علاقة مباشرة بين لبنان ونظام الأسد، كما يطالب رئيس الحكومة سعد الحريري ومؤيدوه؟
•الاحتمال الأول يمنح الأسد اعترافاً لبنانياً بشرعيته، وبذلك تُخترق المقاطعة التي فرضتها الدول العربية على سورية عندما طردتها من الجامعة العربية. وبحسب وجهة نظر الحريري يجب الانتظار حتى نهاية الأزمة في سورية وقيام نظام متفق عليه، قبل أن يمنح لبنان نظام الأسد الشرعية السياسية.
•تمسُّك الطرفين الخصمين بموقفهما يجعل من لبنان، الذي كان تحت الوصاية السورية سنوات طويلة، صاحب دور سياسي مهم. في هذه القضية تتدخل دول أُخرى مثل السعودية والولايات المتحدة اللتين تؤيدان موقف الحريري في مواجهة قطر وإيران اللتين تدفعان إلى مفاوضات مباشرة مع الأسد. لقد أعلنت سورية استعدادها لاستقبال اللاجئين في أي لحظة. والمناطق الواسعة التي نجح النظام في استعادة سيطرته عليها تسمح بعودة العديد من اللاجئين، لكن الأمر المنافي للعقل أن مصيرهم مرتبط بعقدة من الاعتبارات السياسية والرسمية تشمل الخلاف بشأن عدد الوزراء والمناصب التي تطالب بها القوى السياسية في لبنان.
•حزب الله والوزير جبران باسيل، زعيم أكبر حزب مسيحي، "التيار الوطني الحر" الذي أسسه الرئيس عون، قررا عدم انتظار قرار سياسي والإسراع في فتح مكاتب لتسجيل اللاجئين الراغبين في العودة إلى سورية. الرئيس عون يُجري مفاوضات مباشرة مع سورية بواسطة الاستخبارات اللبنانية، وموظفو وزارة الخارجية ذهبوا لاستقصاء الوضع في المدن والبلدات التي يقيم بها اللاجئون غير المسجلين من أجل البدء بالتحضير لعودتهم. على ما يبدو، ليس هناك أي عقبة تقنية يمكن أن تعترض عودة هؤلاء اللاجئين غير المعابر الحدودية التي تسيطر عليها الحكومة اللبنانية التي تستطيع أن تقرر إذا كانت ستسمح لهؤلاء اللاجئين بالخروج. علاوة على ذلك، من مصلحة جميع الأطراف التخلص من اللاجئين الذي يشكلون عبئاً مالياً وإدارياً ضخماً على الحكومة اللبنانية. فالأردن الذي يواجه أزمة مشابهة، على سبيل المثال، أعلن أنه يطلب من اللاجئين السوريين الموجودين على حدوده العودة إلى سورية، بعد سيطرة الجيش السوري على معابر الحدود وعلى أغلبية المواقع الجنوبية في الدولة.
•ليس اللاجئون السوريون وحدهم هم الذين تحولوا إلى رهائن في الصراع السياسي [الدائر في لبنان]، أيضاً التجار والمزارعون اللبنانيون الذين في إمكانهم الآن تصدير منتوجاتهم إلى الدول العربية عن طريق سورية والأردن، لكن تكبلهم القيود السياسية. وبهدف الضغط على الحكومة اللبنانية قرر نظام الأسد السماح بانتقال البضائع السورية فقط عن طريق الأردن وليس البضائع اللبنانية. إذا كان لبنان يريد أن يلوي يد الأسد، فإن للأسد أيضاً قوة لا بأس بها كي يفرض على لبنان القرار "الصحيح".
•باستثناء موقفه من مسألة اللاجئين يحاول حزب الله أن يقدّم نفسه كطرف حيادي في الخلاف الدائر بشأن تأليف الحكومة. وهو يستطيع أن يسمح لنفسه بمراقبة الوضع من الخارج لأن أساس الخلاف هذه المرة هو بين المسيحيين أنفسهم وداخل المعسكر السني، وهذا ما يعرقل في هذه الأثناء جهود سعد الحريري لتأليف الحكومة.
•الحساب السياسي الناجم عن نتائج الانتخابات يعطي حزب الله 3 وزراء على الأقل، بينهم وزير سيتولى منصباً خدماتياً، على ما يبدو وزارة الصحة التي تسمح للحزب بالحصول على ميزانيات كبيرة ومهمة، والأهم من ذلك أن جزءاً من أموال المساعدات التي تعهدت بها الدول المانحة سيمر بطبيعة الأمر من خلالها. وهنا تكمن المشكلة، لأن الدول المانحة ستجمد مساعداتها إذا كان المال سيمر عبر وزير تابع لحزب الله، لكن الحكومة تستطيع الالتفاف على هذا كله من خلال قنوات غير مباشرة.
•إن الهدف الأكثر أهمية بالنسبة إلى الحزب هو أن يحقق لنفسه ائتلافاً يتألف من ثلث أعضاء الحكومة وربما أكثر. وعلى افتراض أن الحكومة ستتضمن 30 وزيراً، يسعى حزب الله لكتلة تتألف من 11 وزيراً على الأقل، ولمثل هذه الكتلة اسم معروف في السياسة اللبنانية هو "الثلث المعطل" أو "الكتلة المعطلة". وبحسب الدستور اللبناني، كل قرار أساسي، مثل الموافقة على الميزانية أو خوض الحرب، يجب أن يحصل على موافقة ثلثي أعضاء الحكومة. بناء على ذلك، تكفي معارضة 11 عضواً من أعضاء الحكومة (في حكومة 30 وزيراً) لإحباط أي قرار وشلّ قدرة الحكومة على الحكم.
•يستطيع حزب الله حالياً الاعتماد على تأييد التيار الوطني الحر المسيحي، الذي من المنتطر أن يحصل على 7 وزراء، وعلى 3 وزراء محسوبين على الرئيس عون ضمن نطاق صلاحياته، وهكذا يكون لدى الحزب مع وزراء التيار القوة الكافية لفرض سياسته على الحكومة. لكن حزب الله قد يجد نفسه في مواجهة ائتلاف يضم وزراء التيار الوطني الحر ووزراء الرئيس عون وسيكون بحاجة إلى عضو واحد كي يتحول هو أيضاً إلى "كتلة معطلة"، وفي ظروف معينة في إمكان هذا التكتل أن يكبح تشريعات أو سياسة يرغب حزب الله في تنفيذها.
•بناء على ذلك، وعلى الرغم من الحلف مع التيار الوطني الحر، فإن حزب الله يريد تقليص قوة التيار في الحكومة. المتنافسون على حقائب المسيحيين في الحكومة هم أعضاء حزب "القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع الذي يطالب بعدد متساو من الوزراء مع كتلة التيار الحر، وهو يستند في مطالبته إلى الاتفاق على تقاسم المناصب الموقّع بينه وبين زعيم التيار الوطني الحر قبل أكثر من عامين بهدف كبح الصراع السياسي الداخلي المسيحي. وبحسب الاتفاق لا يجب تقاسم وزارات الحكومة بين الحزبين المسيحيين الكبيرين فقط، بل أيضاً الوظائف العليا في الجهاز الحكومي، مثل التعيينات في الجهاز الدبلوماسي والمدراء في الإدارات الحكومية التي يجب تقاسمها بالتساوي. لكن الآن، عندما حان وقت تنفيذ الاتفاق، يقول ممثلو التيار الوطني أنه يحق لهم حصة أكبر. في هذا الخلاف يقف حزب الله موقفاً "لامبالياً" ظاهرياً. ولقد أوضح حسن نصر الله موقفه قائلاً: "يجب تنفيذ ما أسفرت عنه الانتخابات. ويجب إبداء مرونة وعدم التمسك بحسابات تكتية وطائفية تلحق الضرر بالتوازن الوطني المطلوب". فجأة يبدو نصر الله مؤيداً مخلصاً للتوازن الوطني المجرد من المصالح الطائفية أو التنظيمية، نقياً وغير ملطخ بالوحل السياسي.
•لكن نصر الله ليس ساذجاً سياسياً، وهو يجري في المقابل محادثات واستشارات أيضاً مع خصومه السياسيين، بينهم سعد الحريري الذي أجبره ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على الاستقالة من منصبه في رئاسة الحكومة، تحديداً بسبب تعاونه مع حزب الله. لكن السعودية فشلت في مساعيها لإسقاط الحكومة اللبنانية وإدخال البلد في فوضى وإجباره على الجري إلى أحضان السعودية والتخلي عن نفوذ إيران. تمكن الاحتجاج اللبناني والتدخل الدولي، وخصوصاً الفرنسي، من تحرير الحريري من الحجز في السعودية وأعاد إليه منصبه. حالياً يعرف الحريري أنه بحاجة إلى تأييد نصر الله إذا كان يريد إنجاز تأليف حكومته قريباً. والسؤال ما هو الثمن الذي سيُطلب منه أن يدفعه للحزب لقاء ذلك. حتى الآن، ليس المقصود علاقة تبعية من طرف واحد بين الحريري ونصر الله، لأن نصر الله أيضاً يفضل الحريري على مرشحين آخرين. وذلك لأنه يفهم الآن أهمية مكانة الحريري في الغرب وفي الشرق الأوسط التي تمنح لبنان شرعية ودعماً دولياً.
•لكن إذا كان حزب الله يعرف جيداً كيف يناور داخل الساحة اللبنانية للمحافظة على قوته، فإن الساحة السورية تجعل الحزب في مواجهة وضع من عدم اليقين. وإذا كانت إيران خلال السنوات الأربع الأولى من الحرب هي سيدة البيت في سورية وكان حزب الله القوة المساعدة الضرورية في حرب الأسد ضد المتمردين، فإن التدخل الروسي في الساحة الذي بدأ في نهاية سنة 2015 أعاد خلط معظم أوراق الحزب. إن السعي لبناء جبهة معادية لإسرائيل في جنوب غرب هضبة الجولان أحبطتها إسرائيل بمساعدة الضغط الروسي. ومطالبة زعماء سياسيين بإعادة قوات الحزب من سورية ومن اليمن، بالإضافة إلى أن مطالبة العائلات الثكلى للمئات من مقاتليه الذين قُتلوا في سورية، تجبر الحزب على البدء بسحب قواته.
•نصر الله الذي يعرف جيداً وزن الضغط الذي تمارسه روسيا على إيران لسحب قواتها من الحدود وللخروج من سورية كلها، لا يستطيع أن يعرف أي سورية ستنشأ بعد انتهاء الحرب. صحيح أن الأسد سيبقى رئيساً، لكن هل ستظل سورية محطة أساسية لإرسال السلاح المتقدم إلى لبنان؟ وهل بوتين والأسد ونتنياهو لا يحضرون له مفاجأة سياسية تقيّد كثيراً من نشاطه ومن قنوات سلاحه؟ هذه خيوط لا علاقة لها بشلّة الخيوط السياسية التي تفرض على الحزب التصرف بكثير من الحذر لضمان استمرار وجوده. في مثل هذه الظروف عليه أن يناور بين خصوم سياسيين وأن يحرص على تأليف حكومة تكون لمصلحته والتأكد من أنه سيبقى رصيداً استراتيجياً لإيران، وحرب ضد إسرائيل ليست هي الطريقة التي تساعده على ذلك.