التوتر في الشمال: ما يبدو كأنه فوضى سيكون فوضى قريباً!
المصدر
يسرائيل هيوم

صحيفة يومية توزَّع مجاناً وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية. صدرت للمرة الأولى في سنة 2007، مالكها شيلدون أدلسون، وهو من الأصدقاء المقرّبين من بنيامين نتنياهو، وتنتهج خطاً مؤيداً له. ونظراً إلى توزيعها المجاني، فقد تحولت إلى الصحيفة الأكثر توزيعاً في إسرائيل.

المؤلف

•تصوّر العناوين القادمة من الجبهة الشمالية حالة من الدراما تفوق كثيراً ما يجري في الميدان حقيقة: الجيش السوري لم يهجم بكامل قوته بعد على قوات الثوار على طول منطقة الحدود، وتيار اللاجئين لم يصبح سيلاً بعد، وتعزيز قوات الجيش الإسرائيلي ما يزال خفيفاً نسبياً. 

•لكن يجب ألاّ نخطئ التقدير. فما يُشتمّ كأنه فوضى ويُسمع كأنه فوضى، لا بد من أن يصبح فوضى قريباً. يعتزم بشار الأسد الاستيلاء على جنوب البلد واستعادة سيطرته هناك ـ في منطقة درعا على الحدود الأردنية أولاً، ثم في منطقة الجولان على الحدود مع إسرائيل ـ ويبدو أن عمليات القصف التي شهدتها الأيام الأخيرة كانت تحضيراً لذلك. من المرجح ألاّ يبادر إلى هجوم واسع قبل انتهاء المونديال في روسيا، أو قبل أن يتم إقصاء روسيا منه على الأقل. وقمة ترامب ـ بوتين، التي سيحتل الوضع في سورية صدارتها، لن تُعقد قبل 15 تموز/ يوليو الحالي. 

•في هذه الأثناء، يحاول الأسد الضغط على الثوار، فربما يضطرهم إلى الهرب أو الاستسلام. وهم، من جانبهم، يحاولون تحسين مواقعهم. على طول منطقة الحدود مع إسرائيل، تُلاحَظ تغييرات في انتشار قوات الثوار، اعتقاداً منهم أن سورية ستهاب العمل في منطقة قريبة جداً من الحدود مع إسرائيل، تجنباً لمواجهة مباشرة معها. ثمة شك فيما إذا كانت سورية سترتدع عن ذلك، ولو بسبب الرسالة الواضحة التي تلقتها من إسرائيل أيضاً: سنتصرف وفق اتفاقيات وقف إطلاق النار منذ سنة 1974، وبلغة بسيطةـ هذا شأن سوري داخلي وإسرائيل لن تُحارب نيابة عن متمرد أو لاجئ أو من أجلهما.  

•وكي لا تبدو سلبية تماماً، دفعت إسرائيل أمس بقوات من المدرعات والمدفعية إلى منطقة هضبة الجولان. الهدف: ردع الجيش السوري عن خرق الاتفاقيات من خلال الدفع بقوات محظورة إلى هضبة الجولان، لكن ليس أقل من هذا أيضاً ـ ردع إيران عن أي فكرة لاستغلال سيطرة الجيش السوري المتجددة على المنطقة من أجل زرع ميليشيات خاصة بها في تلك المنطقة. المحادثة التي أجراها وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، أمس، مع نظيره الروسي، واللقاء الذي أجراه رئيس هيئة أركان الجيش غادي أيزنكوت مع نظيره الأميركي، كانا يرميان إلى إغلاق هذه الزاوية تحديداً: نعم لعودة الجيش السوري إلى هضبة الجولان، لا لدخول إيران إلى المنطقة، ولو كان الثمن مواجهة عسكرية. 

•تشير التقديرات في إسرائيل إلى أن استيلاء الجيش السوري على المنطقة سيجري بصورة سريعة، لكن ليست سهلة بالضرورة. ومن هنا، فليس من المؤكد أيضاً أن تستطيع إسرائيل البقاء خارج الصورة عند اندلاع القتال الشديد في الجولان، وخصوصاً حيال احتمال إقدام تنظيمات الثوار على خطوات يائسة في محاولة لحث الجيش الإسرائيلي على التحرك وعلى خلفية نزوح أعداد كبيرة من اللاجئين الذين قد يبحثون عن ملاذ لهم من المعارك. 

•لقد أوضحت إسرائيل أنها ستقدم لهؤلاء مساعدات إنسانية، لكنها لن تحتضنهم في داخل حدودها. غير أنه مع استمرار القتال ـ الذي سترافقه صور فظيعة ـ ستزداد وتتسع بالتأكيد الأصوات المنادية بتصرف آخر مغاير. ولذا ستكون المصلحة الإسرائيلية تجاوُز هذه الأسابيع من دون التورط العسكري في الشمال. 

•لاحقاً ستعود إسرائيل إلى التعامل مع رب بيت واحد ووحيد في مقابلها هو الأسد المعروف بما ارتكب من سيئات، وسيكون ضعيفاً عسكرياً حقاً، لكنه مدعوم من روسيا، ومن إيران التي ستبحث عن أي طريقة لزعزعة الاستقرار الذي ساد على طوال منطقة الحدود طيلة أربعة عقود. إن إسرائيل تستعد لهذا منذ الآن، وهي تدرك أن قابلية الانفجار على طول منطقة الحدود ستكون في ذروتها خلال الفترة القريبة المقبلة.