التسليم بابتعاد الحزب الديمقراطي عن إسرائيل سيكون مدعاة للندم الشديد
المصدر
مكور ريشون

صحيفة إسرائيلية يومية بدأت بالظهور في سنة 2007. تميل نحو مواقف اليمين وتؤيد نشاطات المستوطنين في الضفة الغربية، كما تعكس وجهة نظر المتدينين في إسرائيل.

•هذه السنة من المفيد جداً لكل من يعرف الحلف بين إسرائيل والولايات المتحدة ويعتز به ويدرك الأهمية الاستراتيجية لتأييد الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة للدولة اليهودية، أن ينتبه جيداً لما سيحدث في الانتخابات النصفية [التي ستجري في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل]: المرشحون، الحوار، الاتجاهات والنتائج. قد يبدو غريباً الحديث عن ذلك في ذروة شهر عسل علاقاتنا بالولايات المتحدة. وفي الوقت الذي نستفيد فيه من ثمار العلاقة الحميمة غير المسبوقة بين إدارة ترامب وحكومة نتنياهو، يشهد العالم كله الرأي الموحد المطلق إزاء كل الموضوعات الملتهبة في المنطقة: إيران، العملية السياسية، الحرب على الإرهاب، الدعم لإسرائيل في ساحة الأمم المتحدة تحت إدارة السفيرة هايلي، وطبعاً، انتقال السفارة إلى القدس. في الوقت عينه، اختفى الكلام السيئ الذي ملأ آلاف المقالات وأوراق المواقف خلال ثماني سنوات من رئاسة أوباما. 

•لكن الآن تحديداً، وفي وقت حرارة العاطفة تجاهنا هي مفرحة وربما مسكرة، يجب أن نتذكر أن الرئيس أوباما لم يكن المصدر الوحيد للسياسة التي أثارت كثيرين من الإسرائيليين ضده، واعتُبرت كضعف وسذاجة، وفي أحيان أيضاً معادية لإسرائيل. لقد كان أوباما ممثلاً حقيقياً لمزاج وقيَم ورغبة نصف الأميركيين. هذا النصف من أميركا لا يتفق مع إسرائيل بشأن علاقتها بالفلسطينيين، ويعتقد أن الاتفاق النووي هو الأمر الوحيد الذي يقف بين أميركا وبين حرب أُخرى في الشرق الأوسط، ويربط بغير حق بين أزمة العمال المهاجرين في إسرائيل وبين الجدل المتشنج بشأن الهجرة إلى الولايات المتحدة، ويشمئز من مبادرات تشريع في إسرائيل يعتبرها تتعارض مع قيم الديمقراطية. يضاف إلى ذلك موقف اليهود الأميركيين من قضايا الدين والدولة، ووقوفهم ضد كل من يتماهى مع إدارة ترامب، وطبعاً، ضد تصاعد العداء للسامية، ونحن نعرف أن الديمقراطيين ليسوا شركاء في الابتهاج بشهر العسل هذا.

•تشير نسبة تأييد إسرائيل وسط عموم الجمهور الأميركي كله إلى الثبات، وخصوصاً بعد الارتفاع الكبير في تأييد الجمهوريين بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر. ولكن تشير أبحاث معمقة بثبات إلى أنه في الجانب الديمقراطي، وخصوصاً وسط الجيل الشاب وقطاع الأقليات، هناك تآكل في التأييد لإسرائيل. وبالاستناد إلى استطلاع أجراه معهد "بيو" [Pew Research Center] في كانون الثاني/يناير، تبيّن أن 79% من الجمهوريين يتماهون مع إسرائيل أكثر مما يتماهون مع الشعب الفلسطيني، بينما تبلغ نسبة التأييد لنا وسط الديمقراطيين 27%.

•هناك من يقول إن هذه الفجوات في وجهات النظر قد تجاوزت نقطة اللاعودة وتفرض التفكير بمسار جديد على الساحة الأميركية. ففي رأي هؤلاء يتعين على إسرائيل التوقف عن العمل على إرضاء الذين لا يتفقون معنا ولا يؤيدوننا، وأن عليها أن تحوّل كل محبتها نحو أصدقائها من اليمين ومن الجالية اليهودية الأرثوذكسية والجمهور الإنجيلي. إن هذا خطأ كبير جداً. لقد كانت نتائج الانتخابات [الأميركية] في سنة 2016 متقاربة جداً، فهل هناك من هو مستعد للمجازفة بجميع أرصدة إسرائيل الاستراتيجية والمراهنة على أن الجمهوريين سيبقون في السلطة إلى الأبد؟ إن عقارب الساعة السياسية الأميركية ستميل بالتأكيد نحو الاتجاه الديمقراطي عاجلاً أو آجلاً.

•خلال عملي كدبلوماسي في واشنطن أتذكر مصاعب التأقلم الصادمة خلال مرحلة تبادل الرئاسة بين بوش وأوباما. وجود كونغرس ديمقراطي ودود جداً خفف الصدمات، لكنه لم يمنعها كلياً. اليوم، الفلسطينيون وإيران وآخرون مضطرون إلى التكيف وفق الواقع الجديد. لكن في المرة المقبلة التي سيسيطر فيها الديمقراطيون على البيت الأبيض، سيكون التأييد والتفهم للتحديات التي تواجه إسرائيل أقل مما كانا عليه في كانون الثاني/يناير 2009، وسنشتاق إلى فترة أوباما. وهناك حجة إضافية يجب أن نعرضها على مؤيدي "خطة الانفصال عن الديمقراطيين" هي أن تأييد الثنائي الحزبي في الولايات المتحدة لإسرائيل هو أشبه بمعركة سباق إيجابي على مستوى الالتزام بأمن إسرائيل وفهم تحدياتها. وإذا ضعُف الجانب الديمقراطي بصورة كبيرة سيختفي أيضاً السباق الإيجابي من جانب الجمهوريين. وممنوع أن يتوقف سياسيون أميركيون عن التساؤل "ماذا فعلتم من أجل إسرائيل".

•بالعودة إلى الانتخابات النصفية، بحسب التوقعات سيخسر الجمهوريون السيطرة على مجلس النواب لمصلحة الديمقراطيين، ويبدو أن مجلس الشيوخ سيبقى في يد الجمهوريين. هذه الانتخابات يجب أن تشكل مؤشراً لإسرائيل إلى أن لا شيء محصن. يجب علينا، تحديداً الآن، العمل بثبات وحكمة على بناء جسور، والتحاور مع جزء من الجمهور الأميركي تضامن في الماضي عاطفياً وأخلاقياً مع المشروع الصهيوني. وسيكون التسليم بالابتعاد الديمقراطي عن إسرائيل كقدر من السماء مدعاة للندم الشديد. وهو سيؤثر سلبياً في قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها والإبحار في مياه دولية هائجة.  

 

•إن العلاقة الأخلاقية العميقة، الاستراتيجية، والسياسية المسيحية - اليهودية بين إسرائيل والولايات المتحدة هي معجزة نادرة. وتأييد الحزبين الكبيرين هو الأساس السياسي - الجماهيري الذي استندت إليه هذه المعجزة. الآن، حان الوقت للمحافظة على هذا التأييد الثنائي، كي لا يعتبر المؤرخون انتخابات 2018 نقطة تحوّل في التحالف الإسرائيلي - الأميركي، وبداية مرحلة برودة في العلاقات بيننا وبين صديقتنا الكبيرة والمهمة.