الفلسطينيون يسعون أكثر فأكثر لتدويل النزاع وإحالته إلى ساحة القضاء الدولية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

•شهدت الأيام الأخيرة ثلاثة أحداث يجب أن تشعل ضوءاً أحمر فاقعاً أمام أصحاب القرار في إسرائيل. الحدث الأول، الذي حظي بتغطية إعلامية واسعة، هو انعقاد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف في نهاية الأسبوع الفائت. وقرّر هذا المجلس، بشكل غير مفاجئ، إقامة لجنة تحقيق لتقصّي وقائع ما حدث في منطقة الحدود مع قطاع غزة الأسبوع الفائت. ومن المتوقع في إثر هذا القرار أن يعين رئيس المجلس، زيد رعد الحسين، لجنة فورية للتحقيق في "خروقات حقوق الإنسان والقانون الدولي في المناطق الفلسطينية المحتلة". ولا بد من ملاحظة التعريف الواسع للتفويض الذي مُنحت اللجنة إياه، والتي من المتوقع أن تكون شبيهة إلى حدّ بعيد بلجنة غولدستون السيئة الصيت [التي تقصّت وقائع عملية "الرصاص المسبوك" العسكرية التي قام الجيش الإسرائيلي بشنّها في قطاع غزة في 2008- 2009]. 

•الحدث الثاني وقع في لاهاي [هولندا] أول أمس (الثلاثاء). فقد عقد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي هناك لقاء مع المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، وقدّم لها طلباً بفتح تحقيق ضد إسرائيل. ومع أن السياق الفوري لهذا الطلب هو الأحداث الأخيرة في منطقة الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة، فإنه تضمن هذه المرة أيضاً طلباً بإجراء تحقيق أوسع بكثير. فالمالكي طالب المحكمة، التي سبق أن فتحت تحقيقاً ضد إسرائيل سنة 2015، بـ"التحقيق في أعمال إسرائيل" في كل ما يتعلق بتوسيع مشروع الاستيطان في سياق ما يصفه الفلسطينيون بأنه "سرقة أراض" [فلسطينية]. ويطالب الفلسطينيون المحكمة، في إطار هذا التحقيق، بالعمل ضد مسؤولين إسرائيليين كبار، مدعين أنهم مسؤولون بشكل شخصي عن النشاطات في كل هذه المجالات.

•والحدث الثالث، الذي يبدو في الظاهر أن لا علاقة له لكنه في الجوهر ذو علاقة متينة جداً، هو بيان الاتحاد الأوروبي الذي يطالب إسرائيل بالتحقيق الفوري في إصابة جعفر فرح، المدير العام لـ"مركز مساواة"، الذي اعتُقل خلال تظاهرة تضامن مع قطاع غزة جرت في مدينة حيفا في نهاية الأسبوع الفائت. وهذه هي أول مرة يطالب فيها الاتحاد الأوروبي بمثل هذا الأمر، إذ إنه لم يسبق له أن طالب إسرائيل بالتحقيق في إصابة شخصيات عامة خلال إخلاء بؤرة عمونه الاستيطانية غير القانونية مثلاً. 

•ترتبط هذه الأحداث الثلاثة بعضها ببعض ليس بسبب مضمونها المحدد، ولا بسبب من يقف وراءها، إنما لكونها تعبّر عن ميل عام يستثمر فيه الفلسطينيون منذ سنوات، لكن فقط الآن وعلى خلفية أحداث غزة يحظى بتمكين متجدد. ويدور الحديث حول محاولة فلسطينية محمومة لتدويل النزاع، وبقدر كبير أيضاً إحالته إلى ساحة القضاء الدولية. والهدف من وراء ذلك هو نقل ساحة إدارة النزاع من منطقة الحدود الجنوبية ومن يهودا والسامرة [الضفة الغربية] إلى مبنى الأمم المتحدة في نيويورك، وإلى جنيف، ولاهاي، وبروكسل.

•ويراود الفلسطينيون أمل غير عديم المنطق، بأن يؤدي نقل النزاع إلى الساحة الدولية إلى تغيير ما في موازين القوى. فبينما تتمتع إسرائيل في منطقة الحدود مع غزة بتفوّق عددي وتكنولوجي ونوعي، يمكن أن تنقلب المعادلة في الساحة الدولية. وكجزء من هذه الاستراتيجيا، يحاول الفلسطينيون أيضاً تغيير اللغة التي يُدار بها النزاع: التوقف عن "الكلام السياسي" والشروع في "الكلام القانوني". كما يعتقد الفلسطينيون أن لغة القانون الدولي، المتأثرة جداً بالخطاب القانوني - الأكاديمي المعادي لإسرائيل في أرجاء العالم، ستعمل في غير مصلحة إسرائيل. وهو اعتقاد لا يمكن دحضه للأسف.

 

•إزاء ذلك فإن إسرائيل ملزمة بالعمل في هذه الساحة، وملزمة أيضاً بأن توظف جزءاً مهماً وحاسماً من جهودها. إن الانتصار في منطقة الحدود مع غزة مهم جداً، لكنه أيضاً سهل نسبياً. أمّا الانتصار في لاهاي وفي جنيف فهو أصعب بكثير.