الجيش الإسرائيلي يطبّق "عقيدة الضاحية" في جبهتي غزة والجولان
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف

•لا شك في أن "القبضة الفولاذية" التي يلجأ الجيش الإسرائيلي إلى استعمالها في الآونة الأخيرة في منطقة الحدود مع قطاع غزة، وكذلك في هضبة الجولان، وضد إيران في سورية، تسببت بإقصاء مصطلحات مثل "ضبط النفس" و"احتواء" وما إلى ذلك. فكل تهديد يُعالَج عسكرياً، وكل استفزاز مهما يكن بسيطاً يواجَه بعقوبة، وكل من يحاول اجتياز الحدود يهدّد حياته بالخطر، وهلم جرّاً.

•من ناحية عملية يمكن القول إن الجيش الإسرائيلي يطبّق في الجبهتين الشمالية والجنوبية "استراتيجيا [عقيدة] الضاحية" التي سكّها رئيس هيئة الأركان العامة الحالي الجنرال غادي أيزنكوت في إثر حرب لبنان الثانية [صيف 2006]، لكن بما يتلاءم مع كل حادث على حدة. وهذا بالتأكيد ما يرغب فيه ساسة إسرائيليون على غرار وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان [رئيس حزب "إسرائيل بيتنا"]، ووزير التربية والتعليم نفتالي بينت [رئيس حزب "البيت اليهودي"]. 

•يدرك أيزنكوت جوهر التغييرات التي طرأت على ساحة القتال، وتأثير وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي والتحولات في العالم. كما أنه يعرف أنه في أي جولة قتال مع حزب الله و"حماس" (أو مع كليهما) ستتعرض الجبهة الإسرائيلية الداخلية إلى كمية غير مسبوقة من الصواريخ، وأنه من أجل عدم إطالة أمد بقاء السكان الإسرائيليين في الملاجئ سيتعين عليه أن يوجّه قوة كبيرة من نيرانه نحو مراكز إطلاق الصواريخ الموجودة في قلب تجمعات السكان المدنيين. 

•وفي مثل هذه الحالة سيبدأ عمل الساعة الرملية. ويكون الصراع بين الشرعية التي سيحظى بها تفعيل القوة هذه في العالم وثقة الجمهور الإسرائيلي العريض بالجيش من جهة، وبين قدرة العدو ورغبته في الاستمرار في إطلاق الصواريخ على إسرائيل من جهة أُخرى. هذا هو بالضبط جزء مما حدث في غزة أخيراً. وكان الهدف الحؤول دون اندلاع حرب استنزاف وإيصال رسالة واضحة فحواها منع قيام أي فرد باجتياز السياج الحدودي.

•لقد تم إحراز هذا الهدف بسرعة فائقة، لكن بثمن سقوط عشرات القتلى الفلسطينيين. ويدرك المسؤولون في قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية وهيئة الأركان العامة أن أي قتيل فلسطيني يخدم دعاية "حماس"، لكن ليست لديهم سيطرة على الأمور. 

 

•بين حرب لبنان الثانية وعملية "الرصاص المسبوك" العسكرية في قطاع غزة [2008- 2009] غيّر الجيش الإسرائيلي قواعد القتال المعمول بها. وقُدمت إلى رئيس هيئة الأركان العامة السابق، الجنرال غابي أشكنازي، نتائج توصيات طاقم خاص ساهم فيه أيضاً كل من اللواء احتياط عاموس يادلين، والبروفسور آسا كاشير [واضع المدونة الأخلاقية للجيش الإسرائيلي] وغيرهما. قبل هذه التوصيات كانت التعليمات للجيش تنص على الالتزام بضرورة حماية السكان المدنيين الإسرائيليين أولاً وقبل أي شيء، ثم حماية السكان المدنيين في جبهة العدو، وبعد ذلك حماية الجنود الإسرائيليين. غير أنه بعد عملية "الرصاص المسبوك" أصبحت التعليمات تنصّ على حماية السكان المدنيين الإسرائيليين أولاً ثم حماية الجنود الإسرائيليين، وتراجعت مسألة حماية السكان المدنيين في جبهة العدو إلى المرتبة الثالثة. وكان مثل هذا التغيير في سلم أولويات الحماية التي يتعين على الجيش توفيرها ضرورياً بسبب تغير طابع ساحة القتال، وجرّاء حقيقة أن كلاً من "حماس" وحزب الله يستخدم السكان المدنيين كدرع بشري.