المطلوب تنازل متبادل عن حق العودة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•لا توجد طريقة لفهم الكلام الذي قاله رئيس السلطة الفلسطينية في جلسة المجلس الوطني الفلسطيني أو الصفح عنه.  يقول أبناء شعبه عن ذلك أن هذه، على ما يبدو، طريقته في التكفير عن فشل الطريق التي اعتمدها طوال حياته كزعيم: طريق معارضة الإرهاب والسعي لاتفاق مع إسرائيل. هذه الطريق فشلت، لأنه منذ انتخابه، في كانون الثاني/يناير 2005، حرصت كل حكومات إسرائيل التي كانت تعرف أنه المعتدل بين الزعامات الفلسطينية على إهانته وإضعافه وفضلت "حماس" عليه فعلياً. عندما حاول إيهود أولمرت، بل وحتى نجح، في التوصل معه إلى عتبة حلّ في نهاية 2008، كانت عملية تنحيته [تنحية أولمرت عن رئاسة الحكومة] أمراً واقعاً. باستثناء هذا الفصل، ضيعت حكومات إسرائيل الفرص التي أتيحت لها منذ اليوم الذي حل فيه محمود عباس محل ياسر عرفات. هي لم تكن ترغب فيه وفي التسوية التي كان من الممكن التوصل إليها معه. هذه هي الحقيقة.

•على الرغم من ذلك، من يخطط بجدية للدفع قدماً باتفاق في أرض إسرائيل، ولا مفر من ذلك، يجب عليه إيجاد سردية تصالحية، لا تقوم على الجهل بل على فهم حساسية الطرف الآخر. بيْد أن الكلام الخطر والمؤذي الذي قاله عباس يدل أكثر من أي شيء آخر على جهل عميق بالجانب الإسرائيلي والشعب اليهودي وعدم فهمه.

•إن الموضوع الأكثر حساسية لدى الطرفين هو علاقتهما التاريخية بأرض إسرائيل بكل أجزائها. يتعين على الفلسطينيين أن يدركوا أنه بخلاف كل الهراء الذي سمعوه في الماضي وهذا الأسبوع، فإن مهد التراث اليهودي موجود في قلب الضفة الغربية. لم ينزل الوحي على يرمياهو وعاموس في حولون أو في بيت يام [مدينتان تقعان بالقرب من تل أبيب]، بل في عنتوت وتكواع. ماضينا القومي مزروع في شيلو وبيت إيل وفي طريق إفراتا. نعم من حقنا العودة إلى هذه الأماكن. إن جميع الإسرائيليين الذين يؤيدون حل الدولتين وتقسيم البلد يتنازلون عن تحقيق هذا الحق، حتى بثمن باهظ أيضاً، لكن لا مفر منه، وهو إخلاء عدد كبير من الإسرائيليين الذي جسّدوا هذا الحق.  إن هدف هذا التنازل إتاحة حياة سلام في أرض إسرائيل، تضم دولة يهودية ديمقراطية على أغلبية أراضيها.

•يتمسك الفلسطينيون بـ"حق العودة". لكنهم تنازلوا عن العودة. هذا ما قاله عباس صراحة عندما تحدث عن منزله في صفد، ونتيجة ذلك عومل بازدراء من جانب "حماس". هم يعلمون أن اللاجئين لن يعودوا إلى السكن في داخل حدود دولة إسرائيل ذات السيادة. وليس من قبيل الصدفة أن تلاقي "حماس" صعوبة في تعبئة الجماهير من أجل العرض الاستفزازي على الحدود مع غزة. 

•لكن في الحديث عن "حق العودة" يقصد الفلسطينيون في الحقيقة ارتباطهم التاريخي بيافا، واللد، والرملة، ومئات القرى التي هُجروا منها في سنة 1948. نحن كإسرائيليين علينا أن نفهم كيف نحترم ذلك. هناك فرق بين حقوق وبين تحقيقها. وفي الإمكان بناء سردية تصالحية على إدراك أنه من أجل التعايش بين كيانين قوميين في أرض إسرائيل، يتعين على الطرفين أن يتنازلا عن تحقيق ما يُعتبر في نظر كل واحد منهم حقه التاريخي.

•من المحتمل، أن يُدخل دونالد ترامب، بطلب من بنيامين نتنياهو، في خطته المنتظرة شرط التنازل عن "حق العودة". وهذه وصفة مضمونة لمنع أي مفاوضات. لكن إذا كُتبت سردية تصالحية تتضمن تنازلاً متبادلاً عن تحقيق حق العودة، فإن الطريق نحو التعايش ستكون مفتوحة.

•المطلوب من الطرفين أن يتحلوا بالشجاعة لإيجاد صيغة جديدة، تحل محل الجمود والجهل.