تزويد الأسد بمنظومة الـS-300 رسالة إلى الولايات المتحدة، وعلى إسرائيل الاستعداد بما يتلاءم
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•تواصل منظومة الدفاع الجوية S-300 تقديم خدمة مزدوجة إلى روسيا: أولاً، كأداة عسكرية للدفاع عن الأرصدة العسكرية الروسية في سورية. وثانياً، كأداة فعالة جداً في الحرب النفسية التي تدفع قدماً بالمصالح الروسية الأوسع. طوال عقد تقريباً، خلال المفاوضات بشأن الاتفاق النووي، هددت روسيا بأنها ستزود إيران بهذه المنظومة المتطورة، التي تصعّب مهاجمة المواقع النووية الإيرانية. وفي النهاية زُوّدت طهران بالمنظومة، بعد توقيع الاتفاق النووي في سنة 2015. حالياً، يسرّب الروس معلومات بشأن نيتهم نقل منظومة مشابهة إلى الجيش السوري، وفي الأيام الأخيرة انتقل الروس إلى الحديث  علناً عن ذلك.

•عملياً، تم فعلاً نشر منظومة S-300 في شمالي غرب سورية، ومنظومة  S-400 الأكثر تطوراً، وحدث ذلك في إثر إرسال طائرات من سلاح الجو الروسي إلى مطار حميميم، قبل عامين ونصف العام، ويتولى تشغيلها قوات من الجيش الروسي. ويتعلق التهديد الحالي هذه المرة باحتمال تزويد جيش الرئيس السوري بشار الأسد مباشرة بمنظومة إضافية. ويبدو أن الرسالة موجهة، قبل كل شيء، إلى الولايات المتحدة، وليس إلى إسرائيل. وهي تهدف، بعد الهجوم الانتقامي الأميركي ضد النظام (بعد استخدام الأخير السلاح الكيميائي ضد المدنيين)، إلى إرسال رسالة مفادها أن روسيا هي التي تقرّر ما يحدث حالياً في سورية، وأن موسكو تتوقع من الرئيس ترامب الالتزام بتصريحاته العلنية وسحب العدد القليل من الجنود الأميركيين  الذين لا يزالون في أراضي سورية.

•الجدول الزمني لتنفيذ التهديد ليس واضحاً. أولاً، ليس معروفاً ما الذي تنوي روسيا القيام به اذا التزم ترامب بكلامه. ثانياً، بما أن المقصود هو منظومة معقدة نسبياً، فإن تدريب طواقم سورية على استخدامها سيتطلب وقتاً طويلاً. ومع ذلك، بالنسبة إلى إسرائيل، هذه طبعاً ليست أخباراً جيدة. صحيح أن سلاح الجو، بحسب تقارير أجنبية، تدرب على مواجهة منظومات روسية مضادة للطيران بيعت لقبرص (وموجودة اليوم لدى اليونان). ويمكن التقدير أيضاً أن إسرائيل تملك أساليب ووسائل تسمح لها بالتحليق عند الضرورة على الرغم من وجود هذه المنظومات. 

•لكن السؤال الأساسي هو ما هي درجة الخطر التي يفرضها وجود هذه المنظومات في سورية على سلاح الجو كل يوم، إذا أخذنا في الاعتبار التقارير التي تتحدث عن هجمات إسرائيلية متكررة هناك؟ بالتأكيد، يشكل هذا تحدياً يتطلب استعداداً مختلفاً، خاصة وأن سورية تلمح منذ فترة، كما في إسقاط طائرة إف-16 في الحادثة التي وقعت في شباط/فبراير، أن أيام ضبطها النفس في مواجهة القصف الإسرائيلي قد انتهت.

سيناريو عملية انتقامية إيرانية لا يزال قائماً

•في هذه الأثناء، على الرغم من التهديدات الإيرانية المتواصلة والتصريحات التي لا تنتهي (وجزء منها لا ضرورة له) من الجانب الإسرائيلي، لم يحدث حتى الآن رد إيراني على الهجوم المنسوب إلى إسرائيل على قاعدة T-4 في سورية في بداية هذا الشهر. ومع ذلك، تستمر حالة التأهب العالية في المؤسسة الأمنية ، انطلاقاً من الافتراض أن الإيرانيين لن يتخلوا عن الفكرة. 

•بحسب تقدير الاستخبارات فإن طهران ستبحث عن رد يوضح أنها لن تتغاضى عن مقتل 7 عناصر من الحرس الثوري في الهجوم على القاعدة، لكنها لن تنجر إلى مواجهة عسكرية مباشرة وكثيفة مع إسرائيل، تصل إليها وهي في وضع غير مريح. حالياً، لا يزال الانتشار الإيراني في سورية مقلصاً ومكشوفاً نسبياً أمام ضربة إسرائيلية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن شركاء إيران في المحور المؤيد لمعسكر الأسد، النظام السوري نفسه، وروسيا، وحزب الله، ليسوا متحمسين إزاء احتمال فتح مواجهة تعرّض بقاء النظام [السوري] للخطر.

•في الخلفية هناك أيضاً عوامل كابحة إضافية. حزب الله مشغول بالانتخابات النيابية اللبنانية في 6 أيار/مايو، ولا يريد أن يظهر حالياً كألعوبة في يد إيران. لهذا أوضح قادة الحزب أن الحساب المفتوح هو شأن بين إيران وإسرائيل. ومن وجهة النظر الإيرانية، فإن هجوماً انتقامياً مع اقتراب موعد القرار الأميركي المحتمل بالخروج من الاتفاق النووي، في 12 أيار/مايو، سيدعم حجج ترامب من أجل الخروج من الاتفاق. 

•ومع ذلك، وعلى الرغم من كل هذه الحجج المقنعة، يبدو أن طهران لم تقتنع بصدقية التحليل الإسرائيلي أنه من الأفضل لها ألاّ ترد. إن استمرار التطورات مرتبط، طبعاً، بقوة الرد الإيراني إذا قامت بعملية. إسرائيل سترد بطريقة معينة على صواريخ تسقط في أراض مفتوحة، وبصورة مختلفة على هجوم ضد سفاراتها في الخارج (وهذه عملية إذا لم تكن معدّة سابقاً، تتطلب استعداداً إيرانياً طويلاً نسبياً). 

•بحسب الكثير من التقارير الأجنبية والإسرائيلية، يبدو أن القدس مشغولة حالياً بشدة بنقل مجموعة من الرسائل الرادعة لإيران. لكن على الرغم من دعوة مندوبين إسرائيليين وإيرانيين هذا الأسبوع بصورة منفصلة إلى سوتشي في روسيا، ثمة شك أيضاً في أن موسكو تستطيع أن تؤدي دور الوسيط الحقيقي بين الطرفين. ومن دون هذه الوساطة ومن دون تسوية معقولة ببن المصالح المتعارضة، المتمثلة في تمركز إيراني في سورية في مقابل إصرار إسرائيلي علني على إحباطه بشتى الوسائل، فإن سيناريو عملية انتقامية إيرانية يظل قائماً.