من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•الميت لا ينتحر. لقد فات الأوان. أيضاً طريح الفراش من الصعب عليه أن ينهي حياته بنفسه، ومن الصعب عليه حتى "إطلاق النار على قدمه". هكذا هو الأمر في الحياة، وفي الموت. موجة النحيب والندب على "انتحار اليسار" بعد قضية تمار زندبرغ [الزعيمة الجديدة لحركة ميريتس التي استعانت في حملتها الانتخابية بنصائح مستشار سياسي يميني] كما عبّر عنها نحميا شترسلر (في "هآرتس" 27/3) تصور واقعاً غير موجود: كأن اليسار موجود كان يوشك أن يزدهر، وإذا به ينتحر.
•إذن، لا وجود لليسار تقريباً، وهو بالتأكيد لا يزدهر ولذا فهو غير قادر على الانتحار. طبعاً هو نفسه مسؤول عن احتضاره. لقد ضلّ اليسار الصهيوني طريقه، لم يعد لديه شيء خاص كي يقترحه، وهو لا يختلف كثيراً عن اليمين كما يتخيل، ولا يملك زعامة ملائمة، ويتعرض لمعركة غسل دماغ ونزع للشرعية، من الصعب عليه مواجهتها.
•لهذا اليسار ينزف. إذا كان سيبقى شيء من قضية زندبرغ، فهو سيستخدم كتذكير إيجابي بما كان يجب أن يكون عليه اليسار: النضال من أجل خصوصيته. لا الانتحار ولا الاختفاء.
•إن أسوأ النصائح التي يمكن إعطاؤها لليسار حالياً هي تلك المنتشرة: أن يكون يمينياً أكثر، وأن يستخدم مستشاري اليمين، ويتبنى أساليبه، ويتوجه أكثر نحو الوسط، ويكبح نفسه أكثر، ويكذب أكثر، الجميع يفعل ذلك. وحتى نصيحة فتح صفوفه أمام مجموعات جديدة هي نصيحة لا معنى لها. إذ يجب أن تتوجه إلى هؤلاء مع شيء جديد وليس بالطريقة القديمة. إن الهجمات الحادة التي تعرضت لها زندبرغ ذكرت أن اليسار الذي يموت لا تزال لديه بقايا القدرة على النهوض مجدداً والقول: لسنا من اليمين لا في المضمون ولا في أساليب العمل.
•يعاني اليسار الصهيوني جرّاء مشكلة بنيوية منذ ولادته تقريباً: التناقض الفظيع بين اليسار وبين الصهيونية، وذلك في ظل واقع الأبرتهايد الصهيوني في سنة 2018 والغموض المقصود في مفهوم الصهيونية. يبذل اليسار الصهيوني جهده لاخفاء هذا التعارض والتغطية عليه، وطمسه، وكبته وإنكاره. لكن لا فرصة لهذا. وما دام اليسار يتمسك بصهيونيته، وما دامت هذه الصهيونية أيديولوجيا لا تؤمن بالمساواة ، وتقمع وتنهب وتحتل وتقدم امتيازات إلى قسم من سكان البلد وتحرم القسم الآخر، فإن هذا اليسار لا يستطيع أن يكون يساراً. إنه فقط يمين أكثر نعومة، وأكثر اعتدالاً وضبطاً للنفس، صيغة أكثر ليبرالية من اليمين القومي.
•إن حزب العمل هو طبعاً الأم التي ولدت هذه الخطيئة، وكل الخطايا، ولكن ميرتس أيضاً، التي يصر أغلب زعمائها على تعريف أنفسهم كصهيونيين هم شركاء في الخيانة. يريد اليسار الصهيوني الاستفادة من الصهيونية ومن المساواة الإنسانية أيضاً، لذا هو يخسر كل شيء.
•إن هذا مستحيل في دولة محتلة، تمارس القمع العسكري في باحتها الخلفية. لذا ليس لهذا اليسار فرصة، مع موشيه كلوغهافت [المستشار الذي تسبب بالأزمة] ومن دونه.
•إن زندبرغ وأعضاء حزبها مفعمون بالنوايا الطيبة من أجل تغيير الوضع، ووقف طرد طالبي اللجوء، وزيادة المساواة للعرب في إسرائيل، والمحافظة على المحاكم، وحتى من أجل إنهاء الاحتلال في إطار الدولتين. لكنهم يريدون البقاء صهيونيين، وهذا لا يمكن أن ينجح.