1-هل اعتقدتم أنه مع مجيء ترامب سيبدأون بالبناء في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] لأنهم قالوا لكم إن المشكلة كانت في أوباما؟ هل تصدقون كل الأرقام المبالغ فيها عن البناء في الضفة الغربية التي ينشرها السياسيون؟ لا تصدقوها، لأنهم يضللونكم. لقد نشر مكتب الإحصاء المركزي في هذه الأيام محصلة بدايات البناء في إسرائيل لسنة 2017، وهذه المعطيات القاطعة الصادرة عن الهيئة الأكثر رسمية وصدقية في إسرائيل من شأنها أن تصدم كل شخص يميني: في السنة الأولى لترامب، بدأ العمل في البناء في كل الضفة الغربية في 1636 وحدة سكنية فقط، وهو ما يشكل تراجعاً يقدر بـ47% مقارنة بـ 3069 وحدة سكنية بدأ العمل في بنائها في سنة 2016 (وهذا رقم ضعيف بحد ذاته لمن يريد أن يفرض وقائع على الأرض) في السنة الأخيرة لولاية أوباما.
•بناء 1636 وحدة سكنية من أجل نحو 400 ألف نسمة هو رقم يشبه التجميد. لا يميز مكتب الإحصاء المركزي بين البناء الذي له دلالة سياسية خارج الكتل [الاستيطانية] وبين البناء داخل الكتل. ونظراً إلى أن أغلبية السكان في الضفة الغربية تتمركز في عدة كتل كبيرة من المنطقيالافتراض بأن أغلبية البناء تتركز في هذه الكتل. ومعنى ذلك أن بضع مئات من الوحدات السكنية فقط بُنيت خارج كتل المستوطنات. بهذه الطريقة لا نفرض وقائع على الأرض، ولا نغير واقعاً سياسياً، ونضيع وقتاً ثميناً.
معطيات المكتب المركزي للإحصاء: بدايات البناء في الضفة الغربية من 1996 حتى 2017.
•الخلاصة الأساسية من هذا الرسم البياني أن رؤساء الحكومات بنوا بصورة مشابهة أقل أو أكثر. الليكود في ولاية نتنياهو الأولى لم يؤد إلى حركة بناء مهمة. وهذا مخيب للأمل. لدى النظر إلى أرقام متوسط البدء بأعمال البناء خلال ولاية جميع رؤساء الحكومات منذ 1996 حتى 2017 يظهر أن متوسط البناء خلال حكم نتنياهو بلغ نحو 2090 وحدة سكنية في السنة، وخلال حكم إيهود براك 3383 سنوياً، وخلال حكم أريئيل شارون 1905، وفي عهد إيهود أولمرت 1774 وحدة سكنية سنوياً.
2-إرث يتسحاق شمير: حكومة إسرائيل ليست مضطرة لأن تحصل على موافقة من أجل البناء في أرض إسرائيل من أي حكومة في العالم. إن الوصول إلى مثل هذا الوضع هو فقدان السيادة. عندما هدد جورج بوش الأب يتسحاق شمير بتجميد الضمانات إذا لم يجمد البناء، رفض شمير ذلك رفضاً مطلقاً وبنى من دون قيود. والنهاية معروفة، اليسار صرخ وهدد، لكن مليون مهاجر [إشارة إلى المهاجرين من الروس] جرى استيعابهم في إسرائيل. وتقريباً لم تستخدم إسرائيل الضمانات الأميركية التي مُنحت لحكومة رابين (وزارة المال لا تزال حتى اليوم تحتفظ بها كاحتياط للطوارىء) السماء لم تقع. هكذا يتصرف إيديولوجي صارم. وكان يتعين على نتنياهو أن يتصرف بالطريقة ذاتها مع أوباما.
•دعونا نفترض أن نتنياهو لا يقبل هذه الأطروحة للسيادة ويعتبر أن كل ما تقوله واشنطن له أهمية عليا. ما هي مشكلة البناء الآن في هذا الوقت بينما كل القيادة في الإدارة الأميركية الجمهورية مؤلفة من صقور من محبي إسرائيل؟ نائب الرئيس هو أنجيلي ويؤمن بأرض إسرائيل الكاملة، طاقم الموفدين إلى الشرق الأوسط: جيمس غرينبلات والسفير ديفيد فريدمان (رئيس جمعية أصدقاء بيت إيل في الولايات المتحدة) وصهر الرئيس جاريد كوشنير، هم من اليهود الأرثوذوكس المتعاطفين إيديولوجياً مع المستوطنين في الضفة الغربية. ويمكن أن نضم إليهم نيكي هايلي الرائعة، ومايك بومبيو وزير الخارجية وجون بولتون مستشار الأمن القومي. كل واحد من هذه المجموعة يمكن أن يجعل بتسلئيل سموتريتش [عضو كنيست من البيت اليهودي ومن كبار المؤيدين للمستوطنين في الضفة الغربية] يبدو مثل حمامة بيضاء. إذا لم يبنوا اليوم ولم يضموا المنطقة ج متى سيفعلون ذلك؟ لماذا يسكت أعضاء الكنيست من الليكود والبيت اليهودي؟ هل لديكم شيء أهم للدفع به قدماً؟
3-خيبة أمل ضخمة من صمت وسائل الإعلام اليمينية. إنني أتفهم، وأقبل، وأشارك في ضرورة التعاون من أجل الدفاع عن رئيس الحكومة وعن حكم اليمين في مواجهة التحريض الخسيس ضده وضد عائلته. كاتب هذه السطور هو ليكودي أصيل، ولا بديل من الليكود في قيادة المعسكر القومي. وأنا مؤمن تماماً باستقامة رئيس الحكومة وتؤلمني ملاحقته، لكن هذا لا يبرر أبداً غياب النقد وسلبية اليمين. ليس لدي توقعات من وسائل الإعلام اليسارية، لكن لماذا وسائل الإعلام اليمينية تمتنع بصورة دائمة من انتقاد نتنياهو لتجميده البناء في الضفة الغربية مثلما هو من المفترض أن تقوم به ومن واجبها أن تقوم به؟ ما هو الهدف من وجودها؟
4-حكم معسكر اليمين القومي ليس مفروغاً منه. إن الغطرسة الغبية لمعسكر اليمين القومي كما لو أن الفوز في الانتخابات المقبلة مضمون أمر مقلق ومحبط. لسوء الحظ الليكود في الحقيقة لم يكن طوال 40 عاماً في الحكم بشكل متواصل. في أغلبية السنوات منذ 1977 لم توجد في إسرائيل حكومة يمينية "صافية". لقد كان هناك أيضاً شمعون بيرس، ويتسحاق رابين، وإيهود براك، وإيهود أولمرت، وأريئيل شارون (في ولايته الثانية) رؤساء حكومة إسرائيل من اليسار. وأيضاً نتنياهو، مثل شمير، تقاسم السلطة في أغلب السنوات مع اليسار، تركيبة الحكومة الحالية هي غير مسبوقة.
إذا سكتنا عن التقصير في البناء وإذا فشلنا في النقد البناء القاطع والواضح من أجل الدفع قدماً بسياسة يمينية فإننا سنندم على ذلك ندماً كبيراً. لم يفت الوقت بعد، سيدي رئيس الحكومة، لا أحد يعرف كم بقى من الوقت قبل صدور قرار المستشار القانوني وماذا سيحدث بعده، لكن في الأشهر القادمة لديك فرصة نادرة كي تدخل التاريخ بصفتك الشخص الذي ضمن لإسرائيل حدوداً آمنة لسنوات.