•من المقرّر أن ينهي اللواء هيرتسي هليفي الشهر المقبل مهمات منصبه كرئيس لشعبة الاستخبارات العسكرية ["أمان"]، بعد ثلاث سنوات ونصف السنة، شهدت فيها منطقة الشرق الأوسط تغيرات هائلة. ومع أن اتجاهات الصراعات في هذه المنطقة بصورة عامة، وفي سورية خصوصاً، آخذة في الاستقرار، إلاّ إنها لا تزال بعيدة عن أن تضمن لإسرائيل سنوات هادئة.
•وتشير هذه الاتجاهات إلى تعزّز قوة المحور الشيعي - الإيراني، وإلى قرب عودة حزب الله إلى بيته. في الوقت عينه، تشير إلى أن هناك تغيراً في الاتجاه السائد في منطقة الحدود مع لبنان، ولا سيما في الشهر الأخير، وذلك بعد أكثر من 11 سنة كانت فيها هذه المنطقة هادئة، منذ انتهاء حرب لبنان الثانية [صيف 2006].
•صحيح أن حرب لبنان الثالثة لا تبدو وشيكة، لكن كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يعتقدون أن الفترة القريبة المقبلة ستضع تحديات أمام الهدوء الطويل المستمر، منذ الحرب السابقة.
•ولا شك في أن الانتصار الوشيك للمحور الشيعي - الإيراني، والشهية الإيرانية لتكريس الهيمنة في المنطقة، إلى جانب مشروع الصواريخ الدقيقة الذي كشفت إسرائيل النقاب عنه هذا الأسبوع، يشير مرة أُخرى إلى أن لبنان وحزب الله يشكلان التهديد المركزي الذي قد ينطلق منه الشر. ومع ذلك فلدى كل من لبنان وإسرائيل ما يكفي من الأسباب لعدم الدخول في مواجهة عسكرية أُخرى.
•بالنسبة إلى إسرائيل، فإن مواجهة كهذه قد تتسبّب بتعزيز القوة السياسية الشيعية في لبنان، خلال الانتخابات العامة التي ستجري في بلد الأرز في الخريف المقبل، وذلك بعد سنوات تعرّض فيها حزب الله إلى حملة انتقاد كبيرة جرّاء تدخله في الحرب الأهلية السورية. ولهذا السبب بالذات لن يسارع حزب الله إلى خوض حرب من أجل مصنع لإنتاج صواريخ ينفجر في ظروف غامضة.
•وفيما يتعلق بشعبة "أمان"، لا بد من القول إنه ليس في إمكانها أن تتنبأ كل أسبوع بما سيحدث في منطقتنا في غضون السنة القريبة. وبينما كانت الحلبة السورية بمثابة التحدي المركزي للواء هليفي، فإن التحدي المركزي الذي سيكون ماثلاً أمام خليفته اللواء تامير هايمان هو الحلبة اللبنانية، بالإضافة إلى الحلبة الفلسطينية الهشّة. كما سيتم الأخذ بالاعتبار احتمال وقوع انفجار في الجبهتين الشمالية والجنوبية في الوقت نفسه، على خلفية وجود تقديرات في المؤسسة الأمنية تفيد أن حركة "حماس" ستشارك في عمليات القصف الصاروخية في حال اندلاع مواجهة في الجبهة الشمالية.
•لا يجوز التعامل مع المقال الذي نشره الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي العميد رونين منليس في بعض مواقع المعارضة اللبنانية، وبعض المواقع الإسرائيلية، وأشار فيه إلى أن لبنان أصبح مصنعاً كبيراً للصواريخ، وهذه العملية حولته إلى برميل بارود موجّه ضده وضد سكانه، كمقال تحليلي، بل كأداة أُخرى من أدوات المعارك بين الحروب. وبدلاً من شن هجمات أرسل المقال كلمات. وأحياناً تؤدي الكلمات إلى إشعال نيران تكون شبيهة بنيران الحرب.