•لا علاقة بين العثور على نفق على حدود غزة بالأمس، وبين أحداث "الغضب" التي أعلنها الفلسطينيون بعد اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، لكن هذا الأمر يرفع مستوى التوتر أكثر. هذا هو النفق الثاني الذي يعثر عليه الجيش الإسرائيلي داخل أراضي إسرائيل، فالنفق الأول عُثر عليه قبل نحو 40 يوماً. وعلى الرغم من أن النفقين يهدفان إلى أمر واحد، وهو التسلل مستقبلاً إلى إسرائيل بهدف القيام بهجمات وأعمال إرهابية، فإن هناك فارقاّ كبيراّ بينهما.
•النفق الأول حفره أعضاء في حركة الجهاد الإسلامي، بمعرفة "حماس"، أمّا الثاني فهو تابع لـ "حماس". الأول تسلل نحو بضعة عشرات من الأمتار داخل إسرائيل. بينما تسلل النفق الحالي مسافة كيلومتر تقريباً، داخل منطقة زراعية غير بعيدة عن كيبوتس نيريم. النفق الأول فجره الجيش الإسرائيلي، ونتيجة ذلك دُمّرت بدايته في قطاع غزة، وقُتل جرّاء القصف 12 شخصاً من أعضاء حركتيْ "حماس" والجهاد الإسلامي كانوا موجودين فيه، أو هرعوا إليه من أجل إنقاذ رفاقهم. أمّا النفق الحالي، وبسبب تسلله العميق نسبياً إلى داخل إسرائيل، فقد قامت القوى الأمنية بتحييده بصورة هادئة.
•لقد ردت حركة "الجهاد الإسلامي"، المكبوحة من "حماس"، في وقت متأخر جداً، قبل أقل من أسبوع، على العثور على النفق ومقتل أفرادها، فأطلقت عشر قذائف مدفع هاون على موقع للجيش الإسرائيلي. ثمة شك في أن تقوم "حماس" بخطوة مشابهة، لكن لا يمكن استبعاد مثل هذا الإمكان بصورة مطلقة. إن النفق الذي عُثِر عليه هو من أكثر الأنفاق التي عثر عليها الجيش تطوراً، مع دعامات وأقواس من الباطون مدعومة جيداً، من دون فتحة خروج. لكن بحسب عقيدة الأنفاق في "حماس"، كما برزت في عملية الجرف الصامد، فإن الحركة كانت تنوي حفر الأمتار الأخيرة يوم توجيه الأوامر للقيام بالمهمة.
•في الحالتين كان الجيش على علم بوجود النفقين بفضل العتاد التكنولوجي الجديد للعثورعلى الأنفاق والذي وُضع في قيد الاستعمال في الفترة الأخيرة، وبفضل متابعته لهما منذ وقت طويل.
•في هذه الأثناء، تتواصل أعمال بناء العائق عميقاً تحت الأرض على طول 65 كيلومتراً على حدود القطاع، وستنتهي بعد نحو سنة ونصف السنة. إن الجمع بين العائق الذي يُحفر تحت الأرض وبين الجدار فوقه، وبين أجهزة الاستشعار والعتاد التكنولوجي، يطوّق "حماس" ويحرمها أحد وسائلها الاستراتيجية المركزية، أي الأنفاق. تدرك "حماس" ذلك كما أنها تعاني من ضائقة كبيرة تتعلق بكيفية تمويلها.
•في إمكان "حماس" أن تتشجع قليلاً بسبب عدم عثور إسرائيل بعد على رد شامل على وسيلتها القتالية الثانية المهمة، أي الصواريخ، وخصوصاً قذائف الهاون التي تصل إلى مدى بضعة كيلومترات. ولا تستطيع القبة الحديدية من الناحية التكنولوجية والعلمية أن تقدم رداً على ذلك، كما رأينا في نهاية الأسبوع، عندما اتضح أن صاروخين أُطلقا على سديروت.
•تقدير المؤسسة الأمنية الأساسي هو أن "حماس" غير معنية حتى الآن بجولة عنف إضافية مع إسرائيل، بسبب ضائقتها الاستراتيجية والسياسية (العلاقات مع مصر لا تتقدم بالوتيرة المرغوب فيها، والمصالحة مع السلطة تترنح)، والاقتصادية (إعادة إعمار غزة تسير ببطء شديد، وضائقة مليوني شخص من سكان القطاع تصمّ الآذان).
•تدرك قيادة "حماس" أن إسرائيل يمكن أن تقوم في الحرب المقبلة بإسقاط حكمها، كما يحاول وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان أن يأمر الجيش الإسرائيلي. لكن لا يمكن استبعاد احتمال أن تقرر "حماس"، وتحديداً بسبب ضعفها وضائقتها، تصعيد الكفاح من قبيل "تموت نفسي مع فلسطين". من المبكر إسماع صفارات انتهاء الإنذار.