هدية ترامب في عيد الميلاد
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الإلكتروني
المؤلف

•إن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس القدس عاصمة إسرائيل هو حدث تاريخي ليس في إمكان أي احتجاج عربي إعادته إلى الوراء، وهو يدفع قُدُماً إلى اعتراف دولي بدولة يهودية عاصمتها القدس، وبذلك يفرض حقيقة أنه عاجلاً أو آجلاً ستحذو حذوه دول أُخرى في العالم ودول عربية أيضاً.

•مع ذلك، يجب الانتباه إلى أن الرئيس ترامب لم يتحدث عن القدس غير المقّسمة، بل عن القدس بطريقة مجردة، وأشار إلى أنه لن يحدد حدود القدس البلدية كعاصمة لدولة إسرائيل، ولا حدود الدولة اليهودية الدائمة.  إن الامتناع من تحديد هذه الموضوعات مقصود، وهو يهدف إلى التشديد على أن دونالد ترامب لم يتراجع عن نيته بلورة "صفقة العصر" لإنهاء النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني.

•إن هدف الامتناع من تحديد حدود القدس وحدود إسرائيل هو السماح للفلسطينيين وللدول العربية، بعد فترة احتجاج معينة، بالعودة إلى المشاركة في محاولة إحياء العملية السياسية. وتحديداً، هذا هو السبب الذي من أجله أشار ترامب إلى أنه مع حل الدولتين لشعبين، "إذا رغب الطرفان في هذا الحل"، وهو بذلك يذكّر بما سبق أن قاله في أثناء اجتماعه برئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو في البيت الأبيض بأنه مع حل الدولتين لشعبين أو دولة واحدة لشعبين، إذا رغب الطرفان في ذلك. ولكن هذه المرة لم يأتِ على ذكر الدولة الواحدة وتحدث فقط عن دولتين لشعبين.

•إن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا الإدلاء بهذا الاعلان الآن بالذات؟ تدل زينة البيت الأبيض على أن توقيت الإعلان موجّه إلى المسيحيين عشية عيد الميلاد. لقد كان في الإمكان رؤية شجرة الميلاد والزينة وراء الرئيس ترامب الذي كان يتحدث وخلفه العلم الأميركي وعلم الرئيس بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة الأميركية. ويهدف هذا كله إلى مخاطبة أبصار وآذان المواطنين المسيحيين في الولايات المتحدة، وإلى أن يثبت لهم أن ترامب يفي بوعوده الانتخابية عشية  أول عيد ميلاد  في ولايته. 

•كما أن الإعلان موجّه أيضاً إلى الناخبين اليهود، وبصورة خاصة إلى صهره جاريد كوشنير، والسفير فريدمان وزعماء يهود، هو بحاجة إلى دعمهم في الفترة الصعبة التي يمر بها حالياً في البيت الأبيض. 

•لكن من المحتمل أن هذا الإعلان الجميل بالنسبة إلى الإسرائيليين، هو جزء من استراتيجيا شرق أوسطية أكبر كثيراً، ينوي من خلالها ترامب، كما قال علناً، أن يفعل أشياء مختلفة عن الذين سبقوه، ومن المحتمل أن هدف الإعلان هو التحضير لاحتمال أن يعلن لاحقاً أموراً تلاقي استحساناً أكبر لدى الفلسطينيين تحديداً ، وحينها ستضطر إسرائيل إلى ابتلاع ما يقوله بصمت لأنها سبق أن حصلت على ما تريده.

•لكن المسألة التي تشغل مواطني إسرائيل أكثر من غيرها هي كيف سيكون الرد الفلسطيني ورد العالم العربي؟ يمكن أن نرى مؤشراً إلى ذلك في الخطاب الذي ردّ فيه أبو مازن على إعلان ترامب. لقد كان الخطاب اعتذارياً وغاضباً، لكنه لم يتضمن أي تهديد وأي دعوة إلى العنف، ولا حتى دعوة إلى احتجاج شعبي. أحد أسباب ذلك أن أبو مازن، كما يبدو، يفهم ما يفهمه العديد من المواطنين الفلسطينيين وأيضاً من الزعماء العرب، أن ما جرى قد جرى، والرئيس الأميركي لن يتراجع عن تصريحه، حتى لو اشتعل العالم العربي ونشبت حرب مع إسرائيل.

•بخلاف الانتفاضة ضد البوابات الممغنطة [التي وضعتها الشرطة الإسرائيلية على مداخل الحرم القدسي الشريف] لا يوجد هنا هدف عملي يمكن تحقيقه بواسطة الاضطرابات وعنف الشارع. ما جرى قد جرى، وقد حرص أبو مازن على القول إن الإعلان لن يغيّر شيئاً على الأرض. وهو على حق في قوله هذا، ومن المعقول أن الفلسطينيين سيفهمون الإشارة وسيكتفون بخطوات احتجاج سياسي، وبتجميد العملية السياسية، والعلاقات مع الولايات المتحدة، لكن إذا سمحتم لي بالتنبؤ فإن هذا لن يستمر وقتاً طويلاً وستعود الأمور إلى ما كانت عليه.

•هذه هي التقديرات حتى الآن، لكن في الشرق الأوسط، أي خطوة، أو قول غير حكيم، أو صاروخ تُطلقه جهة مارقة، يمكن أن يؤدي إلى تغيّر الصورة تغييراً كلياً، لذا يتعين علينا أن ننتظر بضعة أيام لرؤية كيف سيأتي الرد على الأرض. ويوم الجمعة المقبل هو يوم اختبار الرد الفلسطيني على "تصريح بلفور" الذي أطلقه الرئيس  الأميركي دونالد ترامب.

 

•وعلى أي حال، لن ينقل ترامب السفارة إلى القدس في وقت قريب. صحيح أنه أعلن إعطاء وزارة الخارجية تعليماته في هذا الشأن، لكنه أيضاَ وقّع أمراً رئاسياً يؤجل لمدة نصف عام تنفيذ نقل السفارة، والتنفيذ يمكن أن ينتظر عدة سنوات. وحالياً، تُعتبر أهمية هذا الإعلان رمزية فقط، لكن حتى الرموز لها أهمية.