من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•على افتراض أن التقارير من دمشق صحيحة، فالظاهر أن إسرائيل هاجمت في سورية مرتين خلال 72 ساعة. في القصف الأول، الذي حدث فجر السبت، أُصيبت، كما يبدو، قاعدة عسكرية تبنيها إيران جنوب دمشق، من أجل الميليشيات الشيعية التي تستخدمها وتمولها في سورية. وحدث القصف الثاني، مساء الإثنين، ولا توجد معلومات عن الهدف، لكن يمكن الاستخلاص، بالاستناد إلى هجمات سابقة نُسبت إلى إسرائيل في السنوات الخمس الأخيرة، أن الهدف مستودع سلاح، أو شحنات سلاح من ضمنها سلاح متطور، كانت ستُنقل في وقت قريب من سورية إلى لبنان، كي يستخدمها حزب الله.
•لكن بالإضافة إلى اعتبارات عملياتية ملحّة ، يُفترض أن الهجوم المنسوب إلى إسرائيل له علاقة بالرغبة في تشديد الرسالة، وأن التهديد، موجّه فعلياً، قبل كل شيء، إلى الإيرانيين. لقد شهدت الأشهر الأخيرة فيضاً من التصريحات، من رئيس الحكومة، ومن وزير الدفاع، وفي مناسبات معينة من رئيس الأركان، تقول إن إسرائيل لن تسمح بتمركز عسكري إيراني في سورية. وقد أثارت انتقادات إسرائيل العنيفة الموجهة إلى اتفاق خفض التوتر في جنوب سورية، الذي وقعته الولايات المتحدة والأردن وروسيا، قلقاً معيّناً في واشنطن. وعلى هذه الخلفية، جاء إلى إسرائيل في منتصف الشهر الماضي، عدد من كبار المسؤولين في مجلس الأمن القومي الأميركي من أجل الاجتماع مع المستويين السياسي والأمني في إسرائيل، لإجراء محادثات لم تثمر عن تقدم.
•التهديدات الإسرائيلية بالتحرك لم تؤخَذ في البداية بجدية كافية، لأن إسرائيل لم توضح ما هي خطوطها الحمراء، ومع أي نوع وجود لإيران (عسكري أو من خلال عملاء) وفي أي مناطق (في جبهة الجولان فقط أم في سورية كلها؟) هي ليست مستعدة للتعايش معه. إن تواتر الهجمات في الأسابيع الأخيرة، وخصوصاً قصف القاعدة العسكرية، جعل الرسالة أكثر حدة: إسرائيل مستعدة للمخاطرة بفتح جبهة جديدة مع إيران بالقرب من الحدود مع سورية، وأيضاً المخاطرة باتهامها بعرقلة محادثات التسوية السياسية التي من المفترض أن تهدئ الأجواء بين الطرفين في الحرب الأهلية، شريطة أن تكبح إيران مساعي تمركزها هناك. ويبدو أن هذه الرسالة وصلت إلى دمشق وطهران، وأيضاً إلى واشنطن وموسكو.
•لكن إيران لم توضح بعد ماذا تنوي أن تفعل رداَ على هذه الهجمات المركزة، باستثناء تصريحات روتينية تدين إسرائيل. في هذه الأثناء، يزداد التصعيد بين الدولتين حدّة. ولم يعد المقصود تحذيرات متبادلة بشأن المشروع النووي الإيراني، كما حدث قبل سنتين، أو شكاوى إسرائيلية ضد التآمر الإيراني ودعم الإرهاب، منذ توقيع الاتفاق النووي في فيينا في سنة 2015. ويبدو أنه توجد خطوات إسرائيلية ملموسة ، ليست موجهة ضد نقل سلاح متطور إلى حزب الله فقط.
•لقد وضعت إيران لنفسها هدفاً استراتيجياً هو ترسيخ نفوذها في سورية ولبنان، وتأمين قيام نوع من ممر بري، يربط طهران ببيروت، ويمر ببغداد ودمشق. إذا وصلت إيران إلى الاستنتاج أن الهجمات الإسرائيلية تعرقل تحقيق هذا الهدف، فهي ستضطر إلى إعادة التفكير في سياستها. ويمكن أن يكون الحل بالنسبة إليها محاولة تكبيد إسرائيل ثمناً على طول الحدود مع سورية.
•في الأسبوع الماضي، أبدت شخصية على معرفة وثيقة بعملية اتخاذ القرارات في إسرائيل تقويماً للوضع. صوّرت اتجاهات إقليمية واضحة في أعقاب انتصار نظام الأسد في الحرب الأهلية (حتى لو استمرت، فإن بقاء الأسد يبدو مضموناً). ففي رأي هذه الشخصية إن توقّف القتال في سورية يعطي الإيرانيين الوقت والموارد لترسيخ وجودهم العسكري في جنوب سورية أيضاً، ليس بعيداً عن الحدود مع إسرائيل. وعلى الرغم من الاجتماعات المتكررة بين نتنياهو وبوتين، تعلم إسرائيل أن الروس سيواصلون انتهاج مقاربة عدم التدخل. من جهة، لا تتحرك روسيا بنفسها ضد الإيرانيين، لأنهم مهمّون بالنسبة إليها في الحفاظ على نظام الأسد. ومن جهة ثانية، فهي لا تحاول كبح إسرائيل على خلفية تضارب معين في المصالح مع إيران. في مثل هذه الظروف، في تقدير هذه الشخصية، تتجه إسرائيل وإيران نحو التصادم. ليس فوراً، لكن بالتأكيد في زمن لاحق.
•لهذا، فالمطلوب من إسرائيل التنسيق الوثيق مع إدارة ترامب، ويجب أن يكون الهدف استراتيجياً وليس تكتياً. أي يجب عدم التركيز على المسافة التي يجب أن تبتعد فيها الميليشيات الشيعية عن الحدود في الجولان (5 وحتى 20 كيلومتراً قبل الاتفاق الجديد الذي لا يرضي إسرائيل)، بل التركيز على التوصل إلى سياسة متفق عليها مع الأميركيين لكبح التحرك الإيراني كله.