خسائر الجهاد الإسلامي في تفجير النفق تزيد من احتمالات التصعيد
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

•تفجير النفق الذي حفره الجهاد الإسلامي من قطاع غزة إلى أراضي إسرائيل يرفع حدة التوتر بين الطرفين إلى درجة لم نشهدها منذ انتهاء عملية "الجرف الصامد" في آب/أغسطس 2014. ومقتل سبعة ناشطين فلسطينيين على الأقل في الحادثة بينهم قادة كبار في التنظيم المتطرف بالإضافة إلى ناشط آخر من "حماس"، من المحتمل أن يشجع الجهاد على القيام بعملية انتقامية.

•لقد بُذلت في ساعات المساء وهذه الليلة جهود كبيرة بوساطة مصرية في محاولة لتهدئة النفوس. ومع ذلك فالجيش الإسرائيلي يستعد لاحتمالات إطلاق صواريخ على مستوطنات غلاف غزة وإلى الشمال منها. لقد كانت الساعات الحرجة هي ساعات الصباح في جنوب البلد، ساعات الذهاب إلى المدارس وإلى العمل.

•وفقاً للتقارير، اثنان من بين القتلى هما قائد اللواء الإقليمي للجهاد في وسط غزة ونائبه. ويبدو أن بعض القتلى الذين دخلوا النفق لإنقاذ المصابين بعد الهجوم الإسرائيلي قضوا اختناقاً من الدخان أو الغبار أو حتى من تسرب غاز سام بعد الهجوم. في الجيش الإسرائيلي كذّبوا وجود محاولة مقصودة لاغتيال مسؤولين كبار، وقالوا إنه لم يجر إدخال أي مادة سامة إلى النفق بعد الهجوم.

•في جميع الأحوال، وعلى الرغم من أن الهجوم الواسع جاء مصادفة وليس نتيجة معلومات استخباراتية مسبقة، فإنه يبدو أن العملية الإسرائيلية نجحت أكثر بقليل مما هو متوقع لها. والعدد الكبير من القتلى من المحتمل أن يدفع الفلسطينيين إلى الرد بطريقة يمكن أن تجر الطرفين إلى تصعيد أو أن تؤثر في عملية المصالحة الداخلية الفلسطينية. 

•لقد عثر على النفق مؤخراً على مسافة قصيرة من السياج الحدودي داخل أراضي إسرائيل على بعد كيلومترين تقريباً من كيبوتس كيسوفيم. وقال وزيرالدفاع أفيغدور ليبرمان إن العثور على النفق جرى "بفضل اختراق تكنولوجي مهم". لم يعط الجيش تفاصيل بشأن كيفية قصف النفق، لكن مصادر فلسطينية قالت إنه قصف بواسطة سلاح الجو.

•قال ليبرمان إن إسرائيل غير معنية بالتصعيد. ووفقاً لكلامه، فإنه على الرغم من المصالحة بين السلطة الفلسطينية و"حماس" ظل "القطاع مملكة إرهاب". وقال الناطق بلسان الجيش رونين منليس للصحافيين بالتنسيق مع المستوى السياسي، إن إسرائيل لا ترغب في التصعيد، وإن الجيش ليس لديه أي نية لتصعيد الوضع في الحدود مع غزة.

•لقد اتخذ قرار قصف النفق في ختام مشاورات جرت مؤخراً بين المستوى السياسي والمستوى الأمني في إسرائيل. واعتبر توقيت العملية حساساً لسببين: اتفاق المصالحة بين "حماس" والسلطة الفلسطينية الذي تحقق بوساطة مصرية، واستمرار أعمال بناء العائق الإسرائيلي ضد الأنفاق على طول الحدود مع القطاع، وتلك الأعمال تجرى على مسافة معينة شمالي المكان حيث عثر على النفق.

•على الرغم من تحفظ حكومة إسرائيل علناً على التقارب بين السلطة و"حماس"، إلاّ أنها لا ترغب في الظهور وكأنها تخرب الاتفاق بصورة فاعلة، وذلك بسبب علاقاتها الوثيقة مع مصر. إن تدهوراً أمنياً بين إسرائيل و"حماس" يمكن أن يؤدي إلى انهيار اتفاق التفاهمات الداخلية الفلسطينية. وكان من المفترض أن يفتح المصريون من جديد معبر رفح يوم الأربعاء في إطار الاتفاق، وذلك للمرة الأولى بوجود عناصر من الحرس الرئاسي التابع لمحمود عباس.

•إن "حماس" بحاجة ماسة إلى هذا الإنجاز، ومن أجل تحقيقه هي بحاجة إلى لجم الجهاد الإسلامي ومنعه من التحرك. ومن شأن التصعيد مع إسرائيل حالياً أن يبرز العيوب في اتفاق المصالحة الذي امتنع عن معالجة نزع "سلاح المقاومة" وأنفاق "حماس" والجهاد والصواريخ التي لدى التنظيمين. لم يوقع الجهاد الاتفاق بخلاف "حماس"، وهو تنظيم يضم 12 ألف مقاتل ولديه آلاف الصواريخ.

•وفي المقابل، إسرائيل بحاجة إلى فترة زمنية تقارب السنة لإنجاز بناء العائق الذي من المفترض أنه سيمنع حفر أنفاق إضافية في المستقبل، وسيتيح الكشف عنها بواسطة أدوات استشعار تكشف عن الأنفاق الموجودة وتلك التي هي في مرحلة الحفر. وعلى الرغم من ذلك اتخذ القرار بالتحرك اليوم. وذكرت مصادر أمنية لـ"هآرتس" أن الاعتبارات كانت "موضوعية تماماً".

•يضاف هذا الموقف الإسرائيلي الحازم إلى التوتر في جبهة أخرى هي الحدود الشمالية الذي سببه الأساسي تموضع إيران في جنوب سورية. ومؤخراً هدد ليبرمان ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو علناً وفي عدة مناسبات، بأن إسرائيل لن تسمح لإيران بتوسيع وجودها العسكري في سورية، ولن تسمح بالتأكيد باقتراب ميليشيات شيعية تعمل تحت إمرتها أو باقتراب حزب الله، من منطقة الحدود بين سورية وإسرائيل في هضبة الجولان.

•إن سير الأمور في غزة اليوم وهجوماً إسرائيلياً استهدف قصف نفق هجومي حُفر تحت الحدود، يشبهان إلى حد كبير الطريقة التي تدهور فيها الطرفان إلى حرب في عملية "الجرف الصامد". لاحقاً اتضح لشعبة الاستخبارات في الجيش أن الاشتباك حينها نبع من سلسلة سوء فهم وتفكير خطأ للطرفين، اللذين لم يكونا معنيين بمواجهة واسعة إلى ذلك الحد. إن استمرار التدهور حالياً يمكن أن يؤدي إلى عودة سيناريو 2014.

 

•لدى إسرائيل اليوم، كما آنذاك، أسباب تكتيكية جيدة وكافية كي تفعل ما فعلته. إن ما ينقصها في موضوع غزة هو استراتيجية، والتأخّر سنوات طويلة في اقرار مشروع يساعد في التخفيف من الضائقة المدنية الهائلة في القطاع، يساعد هو أيضاً في احتمال حدوث انفجار إضافي.