هل تتلاءم شروط نتنياهو للتفاوض مع حكومة فلسطينية موحدة مع مبادرة ترامب للسلام؟
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

المؤلف

•ظاهرياً قرار المجلس الوزاري السياسي - الأمني المصغر (يوم الثلاثاء) دراما كبيرة. عنوان رئيسي يتكرر: بعد مراوغة عقيمة استمرت يومين أو ثلاثة، يقف رئيس الحكومة نتنياهو مع اليمين، ويردّد ما قاله بينت: قبل أن تتخلى "حماس" عن سلاحها، وتعترف بإسرائيل، وتقطع علاقتها بإيران وتعيد رفات الجنود الإسرائيليين، والمدنيين اللذين تحتجزهما، لن تجري إسرائيل مفاوضات مع السلطة الفلسطينية.

•هذا لا يعني أن مفاوضات ما تجري بشكل ما، بل هناك شخص في البيت الأبيض اسمه ترامب يواصل التصريح في كل مكان بأنه ينوي جدياً تقديم مبادرة سلام قريباً جداً، وبأنه مقتنع بأن الفلسطينيين يريدون التوصل إلى  السلام وبأن هذا ممكن. في مثل هذه الحال، فإما أن يكون نتنياهو ينسّق سراً مع ترامب لتلافي حدوث شيء لأنه ليس هناك شيء (وهذا احتمال ضئيل)، أو أن نتنياهو كعادته يلعب مرة بعد أخرى. في هذه الأثناء هو بحاجة إلى أن يحتضن القاعدة اليمينية بقوة مترقباً ضجة التحقيقات، وعندما يأتي أحد ما مع "مبادرة سلام"، "سنعرف حينها ما يجب أن نفعله".

•في نهاية الأمر، كما قال هنري كيسنجر الأسطوري: لا توجد في إسرائيل سياسة خارجية فكل شيء سياسة داخلية. المختلف في هذه المرحلة هو عدم وجود نقطة توازن في الحكومة. عموماً الائتلاف يكون عادة مؤلفاً من عناصر من اليمين ومن الوسط، وقليل جداً من اليسار. ويحرص رئيس الحكومة، كائناً من كان، على أن يقف دائماً في الوسط، لكن في ائتلاف نتنياهو الحالي الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، تخلى رئيس الحكومة منذ وقت طويل عن وسط اليمين، وهو يقف بصورة دائمة مع  نفتالي بينت. من يبحث عن عزاء يستطيع أن يدرك أن الأمر يمكن أن يكون أكثر سوءاً، لأنه إلى يمين بينت هناك سموتريش [عضو كنيست من البيت اليهودي أكثر تطرفاً وعداء للفلسطينيين من بينت]، ولم يصل نتنياهو بعد إلى هناك.

•المطالب المقدمة لـ"حماس" محقة. لا مجال للتفاوض مع "حماس". فهي تنظيم متطرف، مجرم، لا يتمتع بحكمة أو قدرة براغماتية حقيقية. لكن من جهة أخرى، فإن الحجج التي يقدمها اليسار حقيقية: لا يمكن عندما تكون هناك قطيعة بين غزة والضفة أن تقول إسرائيل أنه لا يوجد شريك لأن الشعب الفلسطيني منقسم على نفسه، وعندما توجد وحدة تدعي إسرائيل عدم وجود شريك بسبب "حماس". في الائتلاف الحالي في إسرائيل أيضاً هناك أجزاء تعارض الدولة الفلسطينية ولا تعتبر الشعب الفلسطيني شريكاً في السلام (حزب البيت اليهودي وأغلبية أعضاء الكنيست من حزب الليكود).

•صحيح أن إسرائيل ليست دولة تمارس الإرهاب والبيت اليهودي هو حزب ديمقراطي وشرعي. لكن من المحتمل أن تكون هنا [في هذا الموقف] البذور التي يمكن أن تزهر بعد بضعة أسابيع أو أشهر، عندما يطرح الرئيس ترامب، إذا فعل ذلك، مبادرته السياسية التي ستتضمن: أن تعلن الحكومة الفلسطينية الجديدة تخليها عن الإرهاب، وأن تصدر "حماس" أوامرها بوقف أي محاولة للقيام بهجوم في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، (لم تشن "حماس" هجمات انطلاقاً من غزة منذ عملية الجرف الصامد)، وحينئذ سيتم العثور على الصيغة المنقذة لاستئناف المفاوضات التي ستؤدي إلى حائط مسدود، وهلمّ جراً.

 

•في الأيام القادمة سيتبدد الضباب  الذي يخيم على الرد الأميركي تجاه خطوة المجلس الوزاري المصغر اللاذعة. والتقدير أن نتنياهو أرسل منذ الليلة الماضي إلى واشنطن الرسائل المطلوبة، وبدأ بالنزول عن الشجرة العالية. ففي مقابل بيان المجلس الوزاري المصغر أصدر الجيش مساء أمس بياناً بشأن توسيع إضافي لمجال الصيد المخصص لغزة، وتقديم تسهيلات إضافية في المجالين الاقتصادي والإنساني. لدى اليمين عصا طويلة، ولدى اليسار جزرة صغيرة جداً، هناك القرارات الدراماتيكية للمجلس الوزاري المصغر، وغض نظر بعيد عن الأنظار. هكذا يواصل نتنياهو طريقه اللانهائي المتعرج في مسارات الشرق الأوسط، الذي يؤدي دائماً إلى المكان عينه: إلى نقطة البداية.