الهدف: إضعاف المحكمة العليا
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•منذ أكثر من 40 عاماً يضطر قضاة محكمة العدل العليا إلى مواجهة إحدى أكثر المشكلات حدة لدى الجمهور الإسرائيلي: مسألة تجنيد تلامذة اليشيفوت الذين شعارهم "توراتنا مهنتنا". ومثل موضوعات أخرى، استسهلت المؤسسة السياسية إلقاء هذه المهمة الصعبة التي تتعدى المسائل القانونية، على عاتق المحكمة العليا، والتعامل معها فقط عندما لا يكون هناك مفر من ذلك.

•لقد أبطلت محكمة العدل العليا مرتين قانون الإعفاء - المسمى "تأجيل الخدمة" الذي مُنح إلى تلامذة اليشيفوت: في عام 1998، بعد أن قررت أنه لا يحق لوزير الدفاع إعطاء إعفاء جارف إلى الحريديم، وفي سنة 2012، بعد عقد من الزمن تم خلاله تطبيق "قانون طال" [نسبة إلى القاضي تسفي طال الذي أصدر قانوناً يعفي تلامذة المدارس الدينية من الخدمة العسكرية وأقره الكنيست سنة 2002، ثم مُدد العمل به سنة 2007]، تحركت المحكمة لإلغاء القانون باسم مبدأ المساواة، وأدّت أحكامها إلى خطوات واسعة النطاق كان لها تأثير على جدول الأعمال السياسي، وأثارت نقاشاً عاماً حول مسألة التوازن في تحمل العبء، أو "التمييز بين دم ودم آخر".

•بالأمس قرر 9 قضاة في محكمة العدل العليا بأغلبية مكونة من ثمانية قضاة صوتوا مع وقاض واحد ضد، أنه يجب إلغاء قانون إعفاء تلامذة اليشيفوت من الخدمة العسكرية الذي سنّه الكنيست سنة 2015 وتعديل قانون الخدمة العسكرية. وقد ألغى التعديل قانوناً سابقاً يعود إلى سنة 2014 جرى بواسطته تقليص حجم التهرب من الخدمة. لقد حسمت المحكمة الموضوع بعد أن أتاحت للمؤسسة السياسية المرة تلو الأخرى تقليص التمييز في ما يتعلق بواجب الخدمة العسكرية الوطنية. وقررت المحكمة أيضاً أن يدخل الإلغاء حيز التنفيذ بعد سنة بهدف السماح للمؤسسة السياسية ببلورة تشريع قانوني جديد يتطرق إلى قرار المحكمة.

•ورداً على القرار هاجم ممثلو الكتل الحريدية محكمة العدل العليا، كما سُمعت أصوات في الائتلاف تدعو إلى تقييد صلاحية محكمة العدل العليا بالتدخل في تشريعات الكنيست، من خلال "قانون التفاف على محكمة العدل العليا". وبالإضافة إلى انتهازية هذه الأصوات، إذ المحكمة تتحرك فقط من جرّاء تقصير السلطات الأخرى، فإنها تكشف عن تهديد حقيقي ليس لمحكمة العدل العليا فقط، بل للنسيج الديمقراطي الهش كله. 

•لقد سبق لأحزاب مثل حزب "البيت اليهودي" أن أعلن الحرب على السلطات القضائية وفي طليعتها محكمة العدل العليا. ويشكل انضمام الكتل الحريدية إلى هذه التهديدات خطراً حقيقياً على أسس النظام. إنه تهديد مباشر للقضاة كي لا يتجرؤوا على إصدار أحكام لا تريح الحكومة وتقص من أجنحتها. وهذا تهديد للمجتمع الإسرائيلي كله، بأفراده وقطاعاته. وإذا تحقق هذا التهديد، فستُغلق أبواب المؤسسة الوحيدة التي تسهر على حقوق الإنسان والمواطن، في مواجهة تعسف السلطة وظلمها وتوجهاتها المتطرفة. يتعين على الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو، وعلى حزب "كلنا" برئاسة موشيه كحلون، عدم المساهمة في توجيه مثل هذه الضربة القاتلة ضد الديمقراطية الإسرائيلية باسم مصالح ضيقة النظر، ودفاعاً عن البقاء السياسي.

 

 

المزيد ضمن العدد 2693