معهد أبحاث إسرائيلي تابع لجامعة تل أبيب. متخصص في الشؤون الاستراتيجية، والنزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لديه فرع خاص يهتم بالحرب السيبرانية. تأسس كردة فعل على حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، بقرار من جامعة تل أبيب؛ وبمرور الأعوام، تحول إلى مركز أبحاث مستقل استقطب مجموعة كبيرة من الباحثين من كبار المسؤولين الأمنيين، ومن الذين تولوا مناصب عالية في الدولة الإسرائيلية، بالإضافة إلى مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين، وهو ما جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين المؤسسات البحثية. يُصدر المعهد عدداً من المنشورات، أهمها "مباط عال" و"عدكان استراتيجي"، بالإضافة إلى الكتب والندوات المتخصصة التي تُنشر باللغتين العبرية والإنكليزية.
•من المتوقع أن يزور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إسرائيل للمرة الأولى في نهاية آب/أغسطس، بعد مرور 7 أشهر على توليه هذا المنصب المرموق جداً. في انتخابه لمنصبه تفوق غوتيريس على منافسين آخرين في عملية انتخابية غير مسبوقة من ناحية مدى تواصله مع مواطني العالم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ونتيجة لذلك غلب الشأن العام على عملية الانتخاب.
•في برنامجه الشخصي الذي نُشر كجزء من عملية الانتخابات، اختار غوتيريس التطرق إلى ضرورة القضاء على العداء للسامية عبر خطة من خمسة بنود تناولت دور الأمم المتحدة في ثقافة منع نشوب أزمات. ومن المحتمل أن تكون هذه الحقيقة بالإضافة إلى العلاقات الجيدة التي سادت بين غوتيريس وزعماء إسرائيليين طوال سنوات، هي التي أثارت الأمل الإسرائيلي في تغير سلوك رئاسة الأمم المتحدة حيالها مع تولي غوتيريس الرئاسة. بالنسبة إلى مدى مطابقة أو عدم مطابقة نشاطات الأمين العام للأمم المتحدة مع أمل إسرائيل، من المفيد أن نأخذ في الاعتبار معالم الطريق التالية في ولاية غوتيريس حتى الآن:
1-إعادة التأكيد على العلاقة بين الشعب اليهودي والقدس. على خلفية الجهود المتواصلة والمنهجية التي تبذلها مؤسسات في الأمم المتحدة مثل الأونيسكو، لتجاهل إرث الشعب اليهودي والعلاقة بينه وبين القدس، اعترف غوتيريس في كانون الثاني/يناير بالعلاقة اليهودية بالمدينة من خلال إشارته إلى أن الهيكل الذي دمره الرومان في القدس كان هيكلاً يهودياً، وقد تعرض بسبب هذا الاعلان إلى انتقادات قاسية.
2-احتمال تعيين مندوب إسرائيلي في منصب نائب الأمين العام للأمم المتحدة: وفقاً للتقارير درس غوتيريس امكانية تعيين عضو الكنيست تسيبي ليفني نائباً للأمين العام للأمم المتحدة، وهي خطوة حظيت بالدعم على خلفية إمكانية تعيين رئيس الحكومة الفلسطينية السابق سلام فياض في منصب موفد الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا. وأثارت هذه التطورات نقاشاً بشأن صفقة تعيين مزدوجة تشمل مندوباً إسرائيلياً وفلسطينياً. لكن منذ أن طرحت المسألة للمرة الأولى في شباط/فبراير وضعت الولايات المتحدة فيتو على تعيين فياض، وحتى الآن لم يطرأ أي تقدم بشأن موضوع تعيين ليفني.
3-إزالة التقرير الذي يتهم إسرائيل بالأبرتهايد عن موقع الإنترنت التابع للأمم المتحدة. في آذار/مارس 2017 اتهمت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الأسكوا) إسرائيل بالأبرتهايد في إطار تقرير رسمي نشرته على موقعها على الانترنت. وجرى إعداد التقرير بناء على طلب من 18 دولة عربية، ووضعه اثنان من كبار منتقدي إسرائيل، البروفسورة فيرجينيا تيلي والبروفسور ريتشارد فولك. وبطلب من غوتيريس أزيل التقرير عن موقع الإنترنت للأسكوا، وأدت هذه الخطوة إلى استقالة نائبة الأمين العام للأمم المتحدة ريما خلف. وادّعت خلف أن قرار غوتيريس الفصل بين التقرير والأمم المتحدة والموافقة على استقالتها مصدرهما الضغط الذي مارسته عليه الولايات المتحدة وإسرائيل.
4-إعلان أن إنكار حق إسرائيل بالوجود هو بمثابة عداء للسامية. ففي خطابه أمام الكونغرس اليهودي العالمي في نيسان/أبريل أعلن غوتيريس أن إنكار حق إسرائيل في الوجود هو صورة جديدة عن العداء للسامية. لذا، وفي إطار مهمته كأرفع دبلوماسي في الأمم المتحدة، اعتمد غوتيريس تعريف اللجنة الدولية للمحافظة على ذكرى المحرقة النازية لمصطلح العداء للسامية، وبذلك وضع الأساس لتبني البرلمان الأوروبي لهذا التعريف بعد مرور بضعة أسابيع (في حزيران/يونيو). وفي المناسبة عينها تطرق غوتيريس إلى سلوك الأمم المتحدة المنحاز حيال إسرائيل واعترف بوجود هذه الظاهرة، وأضاف أنه على الرغم من عدم موافقته دائماً على مواقف حكومة إسرائيل، إلا أن إسرائيل تستحق معاملة مساوية لتلك التي تحظى بها الدول الأخرى الأعضاء في الأمم المتحدة.
5-بيان يتعلق بحرب الأيام الستة. في البيان الذي صدر في مطلع حزيران/ يونيو أشار غوتيريس إلى العبء الثقيل الإنساني والإنمائي الذي يعاني منه الفلسطينيون نتيجة الاحتلال الإسرائيلي، والذي يُقلص، بل وحتى يمنع أي أمل بمستقبل أفضل لأولادهم. وفي هذه المناسبة ذكّر غوتيريس بأنه على الرغم من قيام دولة إسرائيل منذ أكثر من سبعة عقود، فإن العالم ما يزال ينتظر ولادة دولة فلسطينية. وأدى هذا الاعلان إلى صدور انتقادات من جانب منظمات مدنية مؤيدة لإسرائيل بعد قرار غوتيريس التركيز على تأثير الحرب، وتجاهل علاقتها بالنزاع الإسرائيلي- العربي وأسباب نشوب الحرب.
6-الرد على إحياء ذكرى مرور "50 عاماً على الاحتلال الإسرائيلي" من جانب لجنة الأمم المتحدة للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني. في الاحتفال الذي جرى في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في نهاية حزيران/يونيو جرت استضافة ممثلين عن "حماس" والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. والحركتان موضوعتان على قائمة التنظميات الأجنبية الإرهابية في وزارة الخارجية الأميركية. ورداً على الاحتجاج الذي أُرسله وزير الشؤون الاستراتيجية غلعاد إردان إلى غوتيريس، نأى الأمين العام بنفسه عن المؤتمر، واعترف الناطق بلسانه بأنه ليست له أي صلاحيات على اللجنة المسؤولة عن تنظيم المناسبة.
7-قرار زيارة إسرائيل. تأتي زيارة غوتيريس لإسرائيل بعد 40 زيارة رسمية قام بها بينها 8 زيارات إلى المنطقة (مصر، العراق، الأردن، عُمان، السعودية، تركيا، قطر، واتحاد الإمارات العربية). وللمقارنة، فإن الذي سبقه في منصبه، بان كي مون، زار إسرائيل بعد 3 أشهر فقط من توليه منصبه أميناً عاماً (في آذار/مارس 2007). وقد زار كوفي أنان الذي عُيّن أميناً عاماً للأمم المتحدة بين 1997- 2006، إسرائيل للمرة الأولى في آذار/مارس 1998، أي بعد 15 شهراً من توليه منصبه. وتأتي زيارة غوتيريس لإسرائيل في ظل توتر بعد الهجوم الإرهابي في جبل الهيكل [الحرم القدسي]، والذي قتل بعده ثلاثة إسرائيليين طعناً في هجوم وقع في حلميش، وبعد مقتل 3 فلسطينين بنيران قوات الأمن الإسرائيلية خلال تظاهرات ضد الأبواب الإلكترونية التي وضعتها إسرائيل على مداخل الحرم. وعلى الرغم من أن غوتيريس نشر بيان إدانة رداً على الحادثة، فقد حملت التطورات انطباعاً بأن البيان المتعلق بعملية الطعن في الضفة الغربية تأخر في الصدور، وأنه جاء فقط بعد مطالبة إسرائيل بردّ من الأمم المتحدة.
•إن نشاط غوتيريس وكلامه وتصريحاته المتعلقة بمسائل لها علاقة بإسرائيل تولد انطباعاً بأنه ليس فقط يعرف العيوب الواضحة في موقف الأمم المتحدة من إسرائيل، بل وأيضاً بأنه ملتزم بتحسين الوضع. إن معالجة الاحتفال بذكرى حرب الأيام الستة في الأمم المتحدة، وحقيقة أنه لم يأت إلى إسرائيل إلا بعد زيارات كثيرة قام بها إلى المنطقة، أو تأخر بيان الرد على الهجوم في الضفة الغربية، كل هذه الأمور لا تلقي بظلالها على جهوده الكبيرة من أجل تعديل سلوك الأمم المتحدة المنحاز ضد إسرائيل. والدليل على ذلك خطوات ذات وزن مهم مثل الاعتراف بالعلاقة اليهودية بالقدس، ومواجهة اتهامات مثل اتهام إسرائيل بأنها دولة أبرتهايد، وكلامه العلني ضد العداء للسامية، وتحركه من أجل تعيين دبلوماسيين إسرائيليين في مناصب عليا في الأمم المتحدة. وخطوات مهمة إضافية محتملة في هذا التوجه الايجابي ستشمل تعيين موفدين عن الأمم المتحدة لمحاربة العداء العالمي للسامية، وجهود فاعلة أكثر من جانب غوتيريس نفسه ومن جانب مؤسسة الأمم المتحدة، قد تثمر عن إعادة رفات المفقودين الإسرائيليين التي تحتفظ "حماس" بها منذ العام 2014.
•ومع الأخذ في الاعتبار التغيير النشط الذي وصفناه والذي ينسجم مع الخطة التي قدمها غوتيريس في حملته الانتخابية، فمن الحكمة بالنسبة إلى إسرائيل مواصلة سياستها الحالية الهادفة إلى بذل جهود فاعلة من أجل تحسين مكانتها في الأمم المتحدة. إن تحسيناً من هذا النوع سيلعب دوراً حيوياً في إضعاف الفرضية السائدة في إسرائيل، والتي بحسبها الساحة الدولية موحدة قي عدائها للدولة اليهودية. ومن المحتمل أن تغيير هذا المفهوم الأساسي هو الخطوة الأولى والأكثر أساسية المطلوبة من إسرائيل على طريق رحلتها الطويلة نحو إنهاء النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.