يجب نقل صلاحية اتخاذ القرارات المتعلقة بشن الحروب إلى المجلس الوزاري المصغّر
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

•نشر هذا الأسبوع أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو معني بتغيير قانون أساس الحكومة بحيث يصبح المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية - الأمنية وليس الحكومة كلها، صاحب صلاحية اتخاذ القرار الذي من شأنه أن يؤدي إلى شن حرب. سارع بعضهم إلى مهاجمة رئيس الحكومة وادّعى أن هذه المبادرة تهدف إلى صرف النقاش عن قضايا الفساد التي يجري التحقيق معه فيها وإلى جمع مزيد من الصلاحيات في يده.

•رأيي في هذا الشأن مختلف، وأعتقد أن رؤساء الحكومة والوزراء معنيون بمزيد من الصلاحيات عند الحديث عن التحكم بالميزانيات أو بالأنظمة الإدارية أو بحيازة القوة لتعيين أشخاص في مناصب مسؤولة، لكن الوضع في ما يتعلق بالمجال الأمني معاكس. فقبل نحو 20 سنة عندما كنت رئيس شعبة العمليات في هيئة الأركان العامة، أرسلني وزير الدفاع في حينه يتسحاق مردخاي إلى رئيس الحكومة الذي كان بنيامين نتنياهو لكي أقترح عليه القيام بحملة عسكرية معينة. ومع أن وزير الدفاع كان يمتلك صلاحية القيام بشنّ تلك العملية إلا إنه بسبب بعض الحساسية رغب أن يكون رئيس الحكومة شريكاً فيها أيضاً. وعندما وصلت إلى ديوان رئيس الحكومة أوقفني سكرتيره العسكري وقال لي ما يلي: "إذا كان الوزير يشعر بأنه يريد أن يتقاسم المسؤولية فليطلب نقاشاً رسمياً في المجلس الوزاري المصغّر، فليس لرئيس الحكومة بشكل شخصي أي اهتمام بأن يكون شريكاً في القرار". وهذا يعني أن رؤساء الحكومة لا يطلبون أن تكون لديهم أي صلاحيات زائدة في المجال الأمني.

•ومن دون صلة بالتوقيت المحدد، فإن المبادرة لنقل صلاحيات من الحكومة إلى المجلس الوزاري المصغّر صحيحة. وأحد أهم أسباب ذلك يعود إلى تغيير طبيعة الحروب. في الماضي شهدنا حروباً شاملة وقعت كل عقد من الزمان بالمعدّل، وكان صحيحاً حينها أن يكون قرار شن حرب مثل حرب الأيام الستة [حرب حزيران/ يونيو 1967] متّخذاً من طرف الحكومة كلها. لكن الواقع اليوم مختلف تماماً، فنحن نجد أنفسنا في خضم "حروب صغيرة" مرة كل بضع سنوات مع احتمال الانجرار إلى مواجهات كهذه كل بضعة أشهر. ولا شك في أن أي هجوم في سورية على شحنات السلاح إلى حزب الله من شأنه أن يؤدي إلى رد عسكري من الطرف الآخر. وبالتالي مطلوب اتخاذ قرارات في أحيان متقاربة وتحت ضغط زمني أكبر، ومن غير الممكن دائماً أن يعقد في زمن حقيقي محفل معقد كالحكومة وإبقاء ذلك طي السريّة التامة.

•ثمة سبب آخر لتأييد هذه المبادرة يتعلق بحجم الحكومة، ففي الحكومة نحو 20 وزيراً، وإذا ما أضفنا إلى ذلك نحو 10 أشخاص من رجال الجيش والأمن، نصل إلى محفل لا يسمح بإجراء نقاش ناجع. 

•هناك سبب ثالث هو أن المجلس الوزاري المصغّر يضم في عضويته كل رؤساء الكتل التي يتشكل منها الائتلاف الحكومي وكذا الوزراء المهمين. 

 

•أمّا السبب الرابع لتأييد نقل صلاحيات الحرب إلى المجلس الوزاري المصغّر فهو كامن في الحاجة إلى التخصص. إن أحد مظاهر ضعف حكومات إسرائيل على مدى سنوات كان عدم المعرفة الكافية من جانب الوزراء بالمجال العسكري. ومن الأفضل لوزراء مثل وزيري الرفاه الاجتماعي أو الصحة أن يكرسوا وقتهم لشؤون وزاراتهم بدلاً من إلزامهم بتخصيص مزيد من الوقت والاهتمام بمجال تكون فيه مساهماتهم في النقاش ضئيلة للغاية. كما أنه بدلاً من نثر المواضيع الأمنية الحساسة على مزيد من الوزراء فمن الأفضل تركيزها. وبرأيي، فإن معظم النقاشات المهمة يجب ألا تتم أثناء الحرب بل في الأيام الهادئة. وهذا ينسحب أيضاً على لبنان وغزة. وبالنسبة للبنان مثلاً ثمة جدل الآن فيما إذا كانت الاستراتيجية الصحيحة هي القتال ضد حزب الله فقط أم أنه في "حرب لبنان الثالثة" ربما ينبغي تعريف دولة لبنان كلها بأنها عدو. وهذا الجدل من الصحيح إجراؤه بارتياح الآن وليس في ظل سقوط الصواريخ علينا لدى اندلاع تلك الحرب.