من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•هذا الأسبوع جرى اعتقال الشيخ رائد صلاح زعيم الجناح الشمالي في الحركة الإسلامية، بتهمة التحريض. ووفقاً للشرطة ألقى الشيخ صلاح موعظة في جنازة المخربين الثلاثة من أم الفحم الذين نفذوا الهجوم في الحرم القدسي في الشهر الماضي أثنى فيها على ما حدث، وحرّض كذلك على خوض "حرب من أجل الحرم القدسي". هذا الكلام قيل قبل شهر، وخلال هذه الفترة الزمنية كان في استطاعة صلاح الاستمرار في تحريض الشباب المسلمين ودفعهم إلى القيام بهجمات. لذا، فإن التأخير في اعتقاله يثير الاستغراب. إذا كان قد حرّض، فيبدو أن الشرطة لم تعتبر كلامه تهديداً واضحاً ومباشراً لأمن الدولة. ولو كان الأمر غير ذلك لكانت الشرطة سارعت إلى اعتقاله.
•لكن صلاح تحول منذ زمن إلى هدف مؤشر عليه مسبقاً. فقد طالب وزير الدفاع ووزراء آخرون في الشهر الماضي بتوقيف صلاح توقيفاً إدارياً، هذا الطلب رفضه المستشار القانوني، الذي أوضح أن كلام صلاح لا يشتمل على تحريض على العنف. كما أن قاضي محكمة الصلح في ريشون لتسيون القاضي مناحيم مزراحي الذي درس طلب الشرطة اعتقال صلاح، لم يقتنع بأن كل كلامه له علاقة بالتحريض، كما تحفظ من بعض ادعاءات الشرطة قائلاً بأنه يجد في كلامه "تشابهاً مع مراسم دفن لدى ديانة أخرى ولا يعتبر ذلك تحريضاً". لكن على ما يبدو فإن هذه التلميحات المكثفة بشأن إمكانية المس بحقوق صلاح القانونية، لن توقف الشعبويين في الحكومة والكنيست عن شن حملتهم للملاحقة الفورية للمشتبه به.
•إن التحريض جنحة ملتبسة وهي عرضة لتفسيرات واسعة، وقدرة تأثيرها على السامعين موضع خلاف. فإذا قررت المحكمة أن كلام صلاح جنحة، فإنه يستحق العقاب مثله مثل أي مجرم آخر. سابقاً أمضى صلاح تسعة أشهر في السجن بسبب كلام تحريضي قاله قبل سنوات. ومع ذلك، فإن الذين يريدون إزاحته عن منصة الحياة العامة يرتكبون خطأ إذا كانوا يعتبرون أن ذلك يشكل وسيلة لإزالة التوتر والتهديدات بالمواجهة في الحرم القدسي.
•وكما أثبت السلوك الفاشل للحكومة في الأحداث الأخيرة، فإن الحرم القدسي مصدر دائم للمواجهات بسبب مكانته الخاصة في نظر المسلمين جميعاً سواء استمعوا إلى كلام صلاح أم لم يستمعوا. إن معالجة المشكلة التي تتعلق بهذا المكان تتطلب حكمة وحساسية وتفهماً، ومن دون ذلك من المتوقع أن تتحول كل خطوة غير مدروسة إلى أزمة دولية.
•مثال على ذلك هو الأزمة مع الأردن والقطيعة مع السلطة الفلسطينية وتدخل الولايات المتحدة في القضية التي كان يجب أن تنتهي بعملية دبلوماسية هادئة. من المحتمل أن يكون صلاح قد استغل الأحداث من أجل تعزيز وضعه، لكن هذا ليس كافياً لتوقيفه بتهمة التحريض. من الأفضل إطلاق سراحه على الفور، وتوجيه الجهود نحو وضع ترتيبات متفق عليها لزيارة الحرم القدسي.