من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•في الخطوات التي اتخذتها إسرائيل والسلطة الفلسطينية مباشرة بعد الهجوم الخطير الذي وقع في الحرم القدسي أول من أمس، تظهر نية مشتركة لإخماد الحريق قبل أن ينتشر. إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يدركان جيداً احتمالات الضرر الذي ينطوي عليه هجوم صُوّر جزء منه ونُشر، في أكثر الأماكن حساسية في المنطقة. لكن خطر التصعيد لم يتلاش بعد، فهناك أطراف كثيرة وعلى رأسها "حماس" ترغب في تأجج الحريق. وقرار الحكومة الإسرائيلية إغلاق الحرم القدسي أمام المصلين، الذي كان ضرورياً في الساعات الأولى بعد الحادثة، أجج هو أيضاً الأجواء في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية (بالأمس قرر نتنياهو فتح الحرم تدريجياً أمام المصلين بدءاً من بعد ظهر اليوم).
•لقد تبادل نتنياهو وعباس الحديث هاتفياً بعد ظهر أول من أمس، ونادراً ما حدث ذلك في الفترة الأخيرة. ووفقاً لتقارير من الجانب الإسرائيلي، فقد أدان رئيس السلطة الفلسطينية الهجوم وأعلن رئيس الحكومة أنه لا ينوي المس بالوضع القائم بشأن الصلاة في الحرم. وهذه الإدانة، التي هي بحد ذاتها استثنائية، جاءت في وقت تجد السلطة نفسها في موقف حرج. فالمهاجمون الثلاثة كما يتضح من الصور التي نشرتها الشرطة فتحوا النار من باحة الحرم في اتجاه رجال الشرطة الذين كانوا يقفون في المدخل. وليس هذا بمثابة خرق لمحرمات إطلاق النار في مكان مقدس بالنسبة للديانتين فحسب، بل وأيضاً من المحتمل أن أحداً ما في الجانب الفلسطيني ساعد المهاجمين، وهم ثلاثة من العرب في إسرائيل من سكان أم الفحم، في تهريب السلاح إلى داخل الحرم.
•لقد وقع الهجوم أثناء زيارة أخرى يقوم بها جايسون غرينبلات، الموفد السياسي للرئيس الأميركي دونالد ترامب. وقد وجدت السلطة نفسها في موقف حرج إزاء الأميركيين، خاصة وأن هذه الإدارة أكثر اصغاء من التي سبقتها إلى الادعاءات الإسرائيلية بشأن التحريض الفلسطيني على القيام بهجمات. لكن إدانة عباس سمعها فقط نتنياهو. وركز الوزراء الفلسطينيون في تصريحاتهم لوسائل الإعلان بالأمس على الاعتراض على القرار الإسرائيلي إغلاق الحرم في وجه المصلين. وهذه خطوة امتنعت إسرائيل عن القيام بها طوال عشرات السنين حتى عندما استخدم الحرم كبؤرة للعنف في الماضي. ومن بين ذلك الإضرابات العنيفة التي بدأت في أعقاب اطلاق الشرطة النار على مصلين مسلمين في الحرم في تشرين الأول/أكتوبر 1990، وزيارة أريئيل شارون إلى الحرم التي أدت إلى نشوب الانتفاضة الثانية في أيلول/سبتمبر 2000، والتوترات التي نشأت جرّاء زيارات ناشطي اليمين إلى الحرم في تشرين الأول/ أكتوبر 2015، والتي ساهمت في تسريع نشوب موجة هجمات السكاكين الأخيرة.
•إن قرار الشرطة اغلاق الحرم المدعوم من نتنياهو ومن وزير الأمن الداخلي غلعاد إردان نبع من الحاجة في البداية إلى تبيّن ما إذا كان المخربون حصلوا على مساعدة من الداخل، ومن أجل البحث عن أسلحة أخرى موجودة بالقرب من المسجد. لكن كلما مُدد الإغلاق زاد التوتر في الجانب الفلسطيني. في نهاية الأسبوع تعالت دعوات من "حماس" إلى القيام بانتفاضة جديدة وإلى ثورة ضد إسرائيل، بحجة أن منع دخول المسلمين إلى الحرم حرب دينية.
•لقد تعرضت إسرائيل أيضاً لإدانة حادة من جانب الأردن. ومن المعقول أن هذه خطوة لفظية فرضها الضغط. يوجد بين عمان والقدس تعاون سياسي وأمني. لكن الملك عبد الله يجب أن يظهر أنه حساس تجاه ما يحدث في الأماكن المقدسة الإسلامية في القدس. ويشكل عدم الهدوء وسط الفلسطينيين في الأردن تهديداً دائماً لاستقرار المملكة الهاشمية. وبالأمس تظاهر المئات في عمان احتجاجاً على الخطوة الإسرائيلية.
•يبدو أن نتنياهو يسير على حبل دقيق. لقد اتخذ خطوة مسؤولة عندما أعلن عن محافظته على الوضع القائم، على الرغم من مطالبة وزراء وأعضاء كنيست من اليمين باستغلال الهجوم لتعزيز السيادة الإسرائيلية على الحرم (وكأن هذا كان الوصية الأخيرة للشرطيين اللذين قُتلا وكلاهما من الطائفة الدرزية). من جهة أخرى، فإن إغلاق الحرم والأوامر التي أعطيت إلى الشرطة بتفكيك خيم العزاء التي أقامتها عائلات المخربين في أم الفحم، بثّا رداً حاداً على الهجوم.
•من المعقول أن نتنياهو كان يفكر أيضاً بالتوتر بين المسلمين والدروز داخل الخط الأخضر، على خلفية هوية المهاجمين وهوية القتلى. بالأمس ألقيت قنبلة صوتية بالقرب من مسجد في قرية أحد الشرطيين، حيث يسكن في أحيائها مسلمون ودروز. وتستعد الشرطة لاحتمال وقوع المزيد من الأعمال الانتقامية.
•في السنة الأخيرة عرف الإرهاب الفلسطيني هدوءاً معيناً بالمقارنة مع أحداث 2016. فقد تراجع العنف في الضفة كثيراً. وجرى هذا بصورة خاصة بعد تحسن أداء قوات الأمن الإسرائيلية من خلال زيادة الدفاع وتعميق التغطية الاستخباراتية لما يجري وسط الشباب الفلسطيني، وأيضاً بفضل السلطة الفلسطينية التي تحركت واستخدمت أجهزتها الأمنية لكبح محاولات هجوم مخربين أفراد. في المقابل، ما تزال المدينة القديمة مركزاً يجذب المخربين. ويوجد هنا تشابه بين إطلاق النار والسكاكين اللذين أديا إلى مقتل الشرطية من حرس الحدود هداس ملكا قبل نحو شهر، وهجوم أول من أمس. فالمخربون في أغلبيتهم لا ينتمون إلى تنظيم إرهابي معروف، يعملون معاً ويستخدمون سلاحاً نارياً. وعندما لا يملكون مثل هذا السلاح يشترون سلاحاً محلي الصنع مثل رشاش كارلو الذي استخدم في أغلب الهجمات الأخيرة. وبالطبع يزيد استخدام السلاح الناري من حجم الضرر ومن الأصداء التي يثيرها الهجوم. وعندما يجري هذا حول الحرم القدسي، فإن الردود أوسع بكثير.
•ووفقاً لبيان الشاباك، فإن المخربين الثلاثة ليسوا معروفين لديهم وليس لهم ماض أمني. والمطلوب حالياً القيام بعمل أساسي لتوضيح ما إذا كان الثلاثة تركوا دلائل تشير إلى نياتهم في الأيام التي سبقت الهجوم. إن تشكيل طاقم محلي من هذا النوع، والحصول على سلاح، وربما القيام بدورات تحضيرية مسبقة في القدس قبل الهجوم، كل هذا كان يجب أن يشكل اشارة تحذير مسبقه للمؤسسة الأمنية. كما أن جوهر النجاح في تهريب سلاح إلى داخل الحرم، يمكن أن يشير إلى أن المقصود هنا هو خلية أكثر تنظيماً من خلايا نفذت هجمات سابقة.