•في الجيش الإسرائيلي لم يتأثروا بإطلاق إيران في يوم الأحد صواريخ على أهداف تابعة لتنظيم داعش في شرق سورية. يتضح أن التقارير الإيرانية - وليست هذه المرة هي الأولى - مبالغ فيها كي لا نقول كاذبة. وبخلاف ما نُشر في إيران، فإن عدداً من الصواريخ السبعة التي أُطلقت لم تصب أهدافها، بل وحتى لم تصل إلى سورية. في الماضي أيضاً لم تكن إعلانات إيران عن تجاربها الصواريخ دوماً ذات صدقية.
•وفقاً لتقارير في وسائل الإعلام، أطلق الحرس الثوري يوم الأحد سبعة صواريخ من منطقة كرمانشاه الواقعة غرب إيران نحو أهداف تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في دير الزور. وذكرت التقارير أن طائرات من دون طيار إيرانية تابعت من منطقة دمشق عملية الإطلاق من أجل استخلاص النتائج. ووفقاً لهذه التقارير، فإن مدى تلك الصواريخ نحو 700 كيلومتر. وتدل مشاهدة الأفلام التي عرضت على وسائل التواصل بعد إطلاق الصواريخ على أن ما يجري الحديث عنه هو صواريخ من نوع ذو الفقار (سيف الرسول) وهو اسم عام يُطلق في إيران على كثير من منظومات السلاح. وهو صاروخ باليستي يُطلق بوقود مصهور من إنتاج الصناعة العسكرية الإيرانية، وهو مُطور على أساس من عائلة صواريخ زلزال التي دمرتها إسرائيل خلال الهجوم الفجائي الذي شنه سلاح الجو في بداية حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006]. لكن منذ ذلك الحين طوّرت إيران وحسّنت مدى الصاروخ الذي كان 250 كيلومتراً (الفاتح 110) وعلى ما يبدو جعلته يصل إلى أكثر من الضعف.
•كما حسّنت إيران كثيراً من قدرة توجيه الصاروخ بواسطة منظومة جي.بي. س وجعلته أكثر دقة. وترواح زنة الرأس الخارجي التي تستطيع هذه الصواريخ حملها بين 200 و300 كيلوغرام على الأقل. وإذا كانت التقارير دقيقة، فهذا هو المدى الأبعد الذي أطلقت منه إيران صاروخاً في ظروف قتالية، والأول من نوعه منذ ثلاثة عقود (منذ حربها ضد العراق) الذي يُطلق ضد دولة أخرى. ومع ذلك ثمة خبراء يشككون في أن الصواريخ أُطلقت لمدى يبلغ 700 كم ويعتقدون أن المدى كان أقصر.
•لكن هذا النقاش لا يغير كثيراً من حقيقة أساسية: امتلاك إيران حالياً لمخزون كبير جداً من مئات آلاف الصواريخ ذات المدى القصير والمتوسط والبعيد، ومن مختلف الأنواع (بحراً وجواً وبراً). أما الصواريخ القادرة على الوصول إلى إسرائيل فهي من نوع شهاب. وفي إسرائيل يعرفون جيداً قدرات صواريخ شهاب ولا يستخفّون بها. ولهذا جرى تطوير منظومة دفاعية في إسرائيل قبل نحو عقدين من طراز حيتس 2 وحالياً حيتس 3.
•تدّعي إيران أن إطلاق الصواريخ جاء رداً على الهجمات التي شهدتها طهران في الأسبوع الأول من حزيران/يونيو ضد البرلمان وضريح الخميني. ومن نفذ الهجمات التي زعزعت إيران هم إيرانيون من أصل كردي انضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية.
•لكن يبدو أن الرد الإيراني لا يهدف إلى معاقبة داعش بقدر ما يهدف إلى تمرير رسالة تخدم أهدافاً داخلية. فهي لرفع معنويات مواطنيها بعد الهجوم على رمزين بارزين للسلطة في الجمهورية الإسلامية. كما أنها أتاحت لإيران تنفيذ تجربة في ظروف قتالية.
•لقد أعلنت إيران أن إطلاق الصواريخ جرى بالتنسيق مع نظام الأسد، ومع العراق (التي مرت الصواريخ عبر أراضيها) ومع روسيا. لكن الأهم من هذا كله، هو أن إيران تريد أن تلمح من خلال هذا الإطلاق إلى أنها تعتبر نفسها قوة إقليمية لا تتردّد في زيادة تدخلها في الحرب الأهلية السورية إذا وجدت ذلك مناسباً. وهذا هو الدرس الأهم بالنسبة إلى إسرائيل، التي تتخوف من زيادة الوجود الإيراني في سورية ومن اقتراب قواتها من الحدود في هضبة الجولان.
•من الواضح أن إطلاق الصواريخ يعقد أكثر الحرب التي تزداد تعقيداً في سوريا. لكن الحدث الأهم لهذا الأسبوع في سورية هو إعلان روسيا أنها ستسقط أي طائرة تابعة للتحالف الدولي تحلّق غربي نهر الفرات. هذا كان رد موسكو على إسقاط سلاح جو البحرية الأميركي طائرة سورية كانت تقصف ثواراً يتماهون مع الغرب. صحيح أن ما يجري حتى الآن هو بيانات، لكن يزداد خطر اقتراب روسيا والولايات المتحدة من حافة مواجهة عسكرية في سورية.