من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•تحتفل إسرائيل اليوم بمرور 50 عاماً على بدء حرب الأيام الستة. لقد كانت هذه الحرب حرباً مبررة، حرباً "لا مفر منها". ومثل حرب التحرير [حرب 1948]، فقد فرضها تحرش عنيف وتهديد وجودي على دولة إسرائيل. لكنها بعكس الحروب التي سبقتها وتلك التي أتت من بعدها، فإن الانتصار العسكري المجيد، حوّل الحرب الأقصر إلى الحرب الأطول في تاريخ الدولة. حرب غيّرت طابع الدولة، وأثمرت عن دولة - فرعية في المناطق المحتلة، وقوّمت الأيديولوجيا الدينية الخلاصية، وشوّهت الجهاز القضائي بتحويله، بين أمور أخرى، إلى أداة لشرعنة قانونية للاحتلال، وصدّعت أسس الرؤيا الصهيونية.
•لقد ولّد الانتصار في الحرب "إمبراطورية" جديدة في الشرق الأوسط، لكن ليس مثل قوى استعمارية أخرى تنظر إلى بداية احتلالها بوصفها فصلاً مخجلاً من تاريخها، بل هي تحتفل بالتبدل الذي طرأ على وضعها كما لو أنه ذكرى استقلالها الثاني. لقد شكلت هذه الحرب بالنسبة إلى الصهيونية الدينية وفروعها الخلاصية، دليلاً على بداية الخلاص وتجسيداً للوعد الإلهي لشعب إسرائيل؛ كما عززت السيطرة السلبية على الأماكن المقدسة التماهي بين الدين والدولة. أما بالنسبة إلى الصهيونية العلمانية فقد تحول الاحتلال والسيطرة على المناطق إلى ضمانة أمنية قومية لاستمرار وجود الدولة.
•في حرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973] وفي حرب لبنان الأولى [سنة 1982] وفي الانتفاضتين الأولى والثانية جرى دحض هذه المقولة. والسردية المشوهة لبداية الاستيطان القائلة بأن "شعب من دون أرض جاء إلى أرض من دون شعب"، تعرضت هي أيضاً إلى لطمة شديدة، فالمناطق [المحتلة] كانت وما تزال تزدحم بالبشر. يعيش هناك فلسطينيون حافظوا على تطلعاتهم الوطنية وحظوا بالاعتراف بوجودهم كشعب، وهم الآن على طريق الحصول على اعتراف رسمي بدولتهم.
•على الرغم من ذلك، يبدو أن 50 عاماً من الاحتلال زادت فقط التجاهل الإسرائيلي لتطلعات الفلسطينيين، ووضعت أنصار السلام في كلا الجانبين في خانة الخونة. وبدلاً من أن تأخذ حرب الأيام الستة مكانها في متحف الحروب، فهي ما تزال تملي الوقائع، وتنشأ بسببها تهديدات جديدة، وهي تنشر الشر والتوحش، وتعتبر انتصاراً أبدياً منقطعاً عن التاريخ.
•50 عاماً مدة زمنية طويلة ما فيه الكفاية كي نتفحص بشجاعة وصراحة النتائج المأساوية لهذا النصر المجيد، ليس فقط من أجل استخلاص الدروس، بل أيضاً من أجل البدء بالعد العكسي لإصلاح الضرر الهائل الذي تسببت به تلك الحرب. لم يعد هناك مكان للاحتلال في العالم الحديث، والنزعة الخلاصية لم تؤد إلاّ إلى كوارث، والسيطرة على شعب آخر لا بد من أن تؤدي إلى الانهيار.