•الخطاب الذي سيلقيه ترامب أمام 55 زعيماً من زعماء الدول العربية والإسلامية سيكتبه مستشاره ستيفن ميلر، الرجل الذي وقف وراء قانون "Muslim ban" الذي يمنع دخول مواطني دول عربية إلى الولايات المتحدة، والذي طبع بداية ولاية ترامب.
•كيف ينسجم هذان الموقفان، وكيف تحول ترامب من كاره للمسلمين إلى صديق لهم خلال بضعة أشهر فقط؟ الجواب المختصر: المال، والمال الكثير. أما الجواب الأطول فهو التالي:
•من بين جميع الأمكنة في العالم اختار ترامب السعودية كهدف لأول زيارة رئاسية له، وهي الحليفة للولايات المتحدة الأكثر إثارة للجدل. وبالمقارنة مع الإسرائيليين المتذمرين الذين لا يفهمون ماذا جرى للرئيس الذي من كان المفترض أن يكون الأشد تأييداً لإسرائيل، من المتوقع أن يستقبل السعوديون ترامب بكثير من المودة والاحترام. عشرات الزعماء من المنطقة سيحجّون إلى الرياض ليكونوا بمثابة ديكور بينما هو يلقي تأملاته بشأن الإسلام، ومن بينهم الرئيس المصري وملك الأردن اللذان في الفترة الأخيرة حظيا بمعاملة خاصة من البيت الأبيض.
•منذ انتخاب ترامب، اتخذ السعوديون قراراً استراتيجياً ببذل كل شيء من أجل ترميم العلاقات مع الولايات المتحدة التي وصلت في نظرهم إلى أسفل الدرك خلال ولاية أوباما، خاصة منذ قراره توقيع الاتفاق النووي مع إيران.
•إذا اعتقدتم أنه كانت لدى إسرائيل تحفظات على أوباما، فيبدو أنكم لم تلتقوا في يوم ما سعودياً. بالنسبة إلى السعوديين أوباما هو الشخص الذي قوّى إيران، أشد خصومهم قوة، وأعادها الى المجتمع الدولي بعد عزلة استمرت سنوات، وسمح لها بإدارة سورية والعراق كما تشاء.
•صحيح أن احتمال أن يلغي ترامب الاتفاق النووي هو احتمال ضئيل، لكن السعوديين يريدون في هذه الأثناء أشياء أخرى، وهم مستعدون لإعطاء الكثير في المقابل. والفكرة التي يجري تداولها في الازدياد هي إقامة نوع من حلف "ناتو عربي"، أي قوة عسكرية عربية مشتركة تشكل مركز ثقل ضد الإيرانيين. وهذه القوة بحاجة إلى سلاح، لذا يجري الحديث عن شراء منظومات سلاح من الأكثر تقدماً من الولايات المتحدة، بقيمة مئات مليارات الدولارات، وإنشاء صناعة عسكرية سعودية، وهذا هو مشروع محمد بن سلمان ابن الملك ووزير الدفاع (الذي يطلق عليه الأميركيون المولعون بالاختصارات تحبباً اسم MBS).
•إن الحرارة التي عادت إلى العلاقات الترامبية – العربية يجب أن تثير القلق لدى إسرائيل المشغولة بتفاهات رمزية قبل زيارة ترامب ولا ترى الصورة الكبيرة: أولاً: التقارب بين إسرائيل ودول عربية هو نتيجة مواجهة مشتركة ضد إدارة أوباما، بالإضافة إلى التهديد الإقليمي الإيراني، تهديد تنظيم داعش أيضاً. وعندما تكون الأبواب في واشنطن مفتوحة على مصراعيها أمام زعماء الدول العربية، فإن الحاجة إلى علاقات حارة مع إسرائيل تصبح غير ضرورية. ثانياً: إن تدفق كميات كبيرة من السلاح المتطور إلى المنطقة لا يشكل أخباراً سارة بالنسبة إلى إسرائيل. فهذا السلاح هو اليوم بين يدي أنظمة "صديقة" نسبياً، لكن لا نعرف بيد من ستصبح هذه الأسلحة في الغد. ثالثاً: يضع العرب ثقلهم إلى جانب الفلسطينيين، وهم بذلك الطريقة عطلوا نقل السفارة الأميركية إلى القدس مثلاً. والتهديدات بالعنف الفلسطيني لم تكن هي التي شغلت بال ترامب، بل عدم الرغبة في إغضاب شركائه العرب مع أموالهم الكثيرة.
•هناك فرصة، واحتمال أن توافق الدول العربية على إظهار انفتاح أكبر حيال إسرائيل على المستوى العلني، وليس في الغرف المغلقة فقط، إذا ألمح لهم ترامب بأن هذا يهمه. لكن السؤال: هل هذا يهمه فعلاً؟