من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".
•السجناء الأمنيون والسياسيون الذين يشرعون في تنفيذ إضراب عن الطعام يمثلون مشكلة صعبة، لا بالنسبة إلى سلطة السجون فحسب ـ وهي التي تعتبر أي عمل احتجاجي بمثابة خرق للنظام والأمن ـ بل أيضاً بالنسبة إلى حكومة إسرائيل التي تعتبر أي احتجاج فلسطيني بمثابة انتفاضة وخطر أمني. وفي محاولتها قمع الاحتجاج، ترفض إسرائيل إجراء أي حوار مع المُضربين عن الطعام والإصغاء إلى مطالبهم ومحاولة حل الأزمة، فهي لا تتفاوض مع إرهابيين ولا مع أسرى أمنيين مُضربين عن الطعام. وبدلاً من ذلك، تحاول كسرهم بالقوة الجسدية ـ الإطعام القسري - أو النفسية ـ كسر معنوياتهم وإضعافهم وتصعيب مهمة الاستمرار في الإضراب عليهم، بشتى السبل.
•إن الشريط الذي نشرته سلطة السجون أمس الأول (الأحد)، والذي يُظهر قائد إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام، القائد في حركة "فتح" مروان البرغوثي، يأكل في زنزانته خلال الإضراب، عرضَه وزير الأمن الداخلي غلعاد إردان بصورة استعراضية متباهية بهدف إذلال البرغوثي ودق أسافين بين الأسرى المُضربين وضرب معنوياتهم. كما أن نشر هذا الشريط في وسائل الإعلام هو محاولة من جانب حكومة نتنياهو وسلطة السجون لتعبئة الجمهور الإسرائيلي بأسره في الحرب النفسية ضد الأسرى المُضربين عن الطعام.
•إنها مناورة ترمي إلى إحراج البرغوثي - باليد الأولى يعطونه قطعة الحلوى وباليد الثانية يشغّلون آلة التصوير - وإلى تقديم احتفالية إذلالية جماعية أمام الجمهور الواسع: هاكم الأسير الأمني القائد الفلسطيني الذي يتظاهر بأنه مُضرب عن الطعام يسرق فتات الكعك الذي في زنزانته في السجن الذي يقبع فيه منذ 15 سنة وليس متوقعاً أن يخرج منه وهو في قيد الحياة. هكذا يحظى الجمهور بوجبة دسمة مسلّية من السادية ـ القومجية ويخرج الوزير إردان "رجلاً" يحظى بدعم صامت من الجمهور الذي "يستنتج" أن البرغوثي ليس وحده هو المزيف فحسب، بل أيضاً النضال نفسه مزيف.
•لكن ظروف السجن المزرية التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون، والتي كانت سبب الإضراب منذ البداية، ليست تزييفاً وبعيدة جداً عن أن تكون مُضحكة. فالأسرى الأمنيون، على سبيل المثال، يحظون بزيارات من الأقارب من الدرجة الأولى فقط ومن وراء ستار زجاجي، ويسري عليهم حظر تام ومطلق للاختلاء بالأزواج أو الزوجات، وتجري هذه الزيارات بوتيرة متدنية جداً بسبب التقييدات الأمنية. ويُحظر على هؤلاء السجناء إجراء مكالمات هاتفية أو الاتصال بأي شخص في الخارج بأية طريقة، كما أن فرص تقصير محكومياتهم تؤول إلى الصفر، إذ ليس ثمة جهات مختصّة مهنية تلتقي بهم.
•ولكن، بدلاً من محاولة الإذلال ودق الأسافين والتفرقة وقهر الجسد والروح الفلسطينيين على نغمات قهقهات الجمهور الإسرائيلي، كان من الأفضل لإردان توجيه تعليماته إلى سلطة السجون بالشروع في إجراء مفاوضات جدية وحقيقية مع قادة الأسرى وممثليهم، كما جرى في السابق، والتوصل معهم إلى تفاهمات واتفاقات. فالأسرى، في نهاية المطاف لا يطالبون بالإفراج عنهم وإطلاق سراحهم، وإنما بتحسين ظروف حبسهم فقط. هكذا يمكن تجنب المعاناة والوفيات غير الضرورية.