الصراع بين عباس و"حماس" للسيطرة على قطاع غزة
المصدر
هآرتس

من أهم وأقدم الصحف اليومية الإسرائيلية، تأسست في سنة 1918، ولا تزال تصدر حتى اليوم، ورقياً وإلكترونياً، كما تصدر باللغة الإنكليزية وتوزَّع مع صحيفة النيويورك تايمز. تُعتبر هآرتس من الصحف الليبرالية والقريبة من اليسار الإسرائيلي. وهي تحتل المرتبة الثالثة من حيث التوزيع في إسرائيل. تُصدِر الصحيفة ملحقاً اقتصادياً بعنوان "ذي ماركر".

المؤلف

•قد تبدو المواجهة الحادة الدائرة بين السلطة الفلسطينية و"حماس" حول أسلوب السيطرة على قطاع غزة، مسألة فلسطينية داخلية. لكن لهذا التوتر انعكاسات مباشرة على حياة مئات الآلاف من سكان غزة، ولذلك يجب أن يثير اهتمام إسرائيل أيضاً. وفي أسوأ الأحوال، فإن تدهور ظروف الحياة في قطاع غزة يمكن أن يؤثر سلباً على الواقع الأمني في إسرائيل.

•قبل أسبوعين ونصف الأسبوع، عقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في البحرين اجتماعاً مع سفراء فلسطينيين في دول الخليج، وأعلن في خطاب أمامهم أنه سئم تمويل سلطة "حماس" في القطاع. لقد مرت 11 سنة على فوز "حماس" في الانتخابات الأخيرة للبرلمان الفلسطيني، ونحو عشرة أعوام على سيطرة "حماس" بالقوة على القطاع وقضائها على الملامح الأخيرة لحكم السلطة هناك. وأعلن عباس أنه ليس مستعداً للاستمرار في تحويل الأموال إلى القطاع من دون أن توافق "حماس" على نقل صلاحيات إليه. وبعد الخطاب، نقلت وسائل إعلام عربية عن مسؤولين كبار في السلطة تهديدهم بأنهم سيجعلون غزة تغرق في العتمة.

•في موازاة ذلك، بدأت السلطة في ممارسة عدة ضغوط وقلّصت بنحو 30% أموال الرواتب التي تواصل دفعها لعشرات الآلاف من عامليها في القطاع، وجزء كبير منهم توقف عن العمل بعد انقلاب "حماس". في الوقت عينه نشأت أزمة في تزويد القطاع بالسولار الذي تعتمد عليه محطة توليد الكهرباء في غزة. والجدل الدائر بين السلطة و"حماس" هو حول مسألة جباية المكوس الجمركية على نقل السولار. في الأشهر الأخيرة استعانت "حماس" بالتمويل القطري والتركي، لكن هذا يوشك على الانتهاء في وقت قريب.

•ستكون لأزمة السولار انعكاسات مباشرة على التزود بالكهرباء الذي انخفض في جزء من المدن والأحياء إلى 6 ساعات، بل حتى إلى 4 ساعات فقط في اليوم. وحتى مولدات الكهرباء التي اشتراها العديد من السكان سيكون من الصعب تشغيلها. وتجد "حماس" صعوبة في معالجة المشكلة لأنها هي نفسها تعاني أيضاً من ضائقة مالية. وقد نجحت الحركة هذه السنة في جمع نحو 190 مليون دولار فقط كمساعدة خارجية اقتصادية للقطاع، أي بانخفاض يقدر بالثلث مقارنة بالسنة الماضية. 

•في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يقدرون أن عباس حاول أن يفرض على "حماس" خطوة يمكن أن تثبت بصورة رمزية على الأقل وحدة الصف الفلسطيني. في الأسبوع المقبل من المتوقع أن يذهب عباس إلى واشنطن كي يلتقي للمرة الأولى رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب. وفي البيت الأبيض يعرفون ما هي الحجة التي تطرحها حكومة نتنياهو والتي مفادها أنه لا يمكن التقدم في العملية السياسية مع عباس لأنه لا يمثل كل الفلسطينيين وليست لديه سيطرة على غزة.

•لقد طلب عباس من "حماس" اتخاذ خطوات تدل على استعدادها للتعاون مع السلطة في إدارة شؤون القطاع. وكان من المفترض أن يذهب وفد من "فتح" برئاسة أحد  كبار مسؤولي السلطة إلى غزة لمناقشة الموضوع مع كبار المسؤولين في "حماس"، لكن الزيارة تأجلت المرة تلو الأخرى. وفي الأيام الأخيرة ألمحت قيادة "حماس" في القطاع إلى أنها لا تنوي الاستجابة إلى طلبات عباس على الرغم من الضغوط التي يمارسها. وعلى ما يبدو، فإن عباس سيصل إلى واشنطن من دون إنجاز رمزي يستطيع أن يقدمه إلى ترامب كدليل على تعزّز مكانته في المناطق [المحتلة].

 

•تتابع إسرائيل صراع القوة هذا عن كثب، ولا تحاول في هذه الأثناء التدخل. لكن تدريجياً انضافت إلى صورة الوضع في غزة عوامل تزيد من عدم الاستقرار، في طليعتها تبدل قيادة "حماس"، وتحسن مكانة المسؤول الكبير في الذراع العسكرية يحيى السنوار بحيث أصبح زعيم الحركة في القطاع، وبدء تنفيذ المخططات الإسرائيلية لإقامة عوائق تحت الأرض ضد الأنفاق على حدود القطاع، والتي تثير توتراً معيناً داخل "حماس".