•ثمة أحد ما نفذ هذا الأسبوع اغتيالاً استهدف ثلاثة سوريين في هضبة الجولان. ادّعت سورية أن القتلى جنود قضوا في هجوم جوي وقع في منطقة القنيطرة، في حين ادّعى الإعلام العربي أن القتلى أعضاء في ميليشيا سورية تنشط في المنطقة. أما إسرائيل فلم تعلّق.
•قبل يوم من ذلك، هاجمت إسرائيل بنيران المدفعية أهدافاً سورية رداً على انزلاق قذائف إلى داخل أراضيها وتحملت المسؤولية عن الهجوم. ويبدو أن اغتيال الثلاثة الذي ينسبه البعض إلى إسرائيل، لا علاقة له بحكايات الإنزلاق، بل بحرب أخرى.
•منذ سنوات هناك تقارير عن حرب سرية تشنها إسرائيل في سورية هدفها لجم الجهد الاستراتيجي الذي تبذله إيران ومعها حزب الله من أجل توسيع الجبهة في مواجهتها. ولا يخفي الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله هذا الأمر. ففي أحد خطاباته تحدث علناً عن جبهة ضد إسرائيل تمتد من رأس الناقورة إلى الحمّة الواقعة جنوبي هضبة الجولان. في كانون الثاني/يناير 2015 اغتيل الجنرال الإيراني محمد علي الله دادي، الذي كان مسؤولاً عن التسلل الإيراني إلى هضبة الجولان. وأظهر هذا الهجوم المنسوب إلى إسرائيل، الجهد الإيراني والمحاولات الإسرائيلية لإحباطه.
•لم يقتصر التسلل الإيراني على بناء قوة عسكرية فقط تنشط من الحدود، بل شمل أيضاً عمليات اغتيال ضد من اعتبرهم الإيرانيون صلة وصل بين إسرائيل وميليشيا المتمردين في الجولان. وشكل الإيرانيون قوات خاصة في حزب الله لكي تكون رأس حربة للموقع الإيراني في الجولان. وكان قائد هذه القوة جهاد مغنية الذي اغتيل في كانون الثاني/يناير 2015.
•وحاول الإيرانيون أيضاً تجنيد الدروز في الجولان كحلفاء في محاربة إسرائيل. وكان سمير القنطار الذي اغتيل في كانون الأول/ديسمبر 2015 من تولى هذه المهمة. والاثنان معروفان في عالم الإرهاب، لكن نشطاء إرهابيين آخرين كانوا بصورة أو بأخرى على علاقة بالمحاولات الإيرانية لبناء مواقع في الجولان فقدوا حياتهم كذلك. وبعد اغتيال الجنرال الإيراني حصل تراجع معين في جهد طهران للتسلل إلى الجولان، وكان نظام الأسد في ذلك الوقت على وشك الانهيار.
•في السنة الأخيرة استقر نظام الأسد بعد احتلال حلب، وبدأ بشار الأسد يتصرف كما لو أن معركة بقائه أصبحت وراءه، وأنه يمكن ان يسترجع من جديد السيطرة على سورية. ويسمح هذا الانطباع باستقرار النظام السوري للإيرانيين بالعودة مجدداً إلى بذل جهود من أجل تحقيق استراتيجية "الإحاطة" بإسرائيل من كل جوانبها. ويتركّز هذا الجهد حتى الآن في جنوب هضبة الجولان، حيث يحارب مقاتلو الحرس الثوري الإيراني، وعشرات العناصر من حزب الله إلى جانب القوات السورية ضد تنظيم داعش، ولكن وسط الجولان وشماله مشمولان أيضاً في الخطة.
•في مطلع آذار/مارس، أعلن الناطق باسم "النجباء"، وهي ميليشيا شيعية عراقية موالية لإيران تنشط في سورية منذ 4 سنوات، تشكيل "جيش تحرير الجولان". والمقصود بذلك هو قوة عسكرية جرى تدريبها على يد حزب الله والحرس الثوري في إيران. ووفقاً لأحد التقارير، فإن السوريين الثلاثة الذين اغتيلوا هذا الأسبوع ينتمون إلى هذا الجيش. فإذا كان هذا هو التوجه، فإن المواجهات بين إسرائيل والقوات الإيرانية والموالية لها في الجولان ستتوسع.
•في عهد أوباما مُنعت إسرائيل من القيام بأي شيء يمس العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران. ولكن في عهد ترامب عادت إسرائيل لتصبح حليفة في محاربة الإرهاب. صحيح أن الإدارة الحالية لا تنوي فتح ملف الاتفاقات النووية، لكنها فتحت مع الإيرانيين حساباً جديداً يتناول موضوعين محببين إلى قلب إسرائيل حاولت إدارة أوباما عدم التطرق إليهما، وهما انتشار الإرهاب الإيراني في الشرق الأوسط، وخرق قرارات الأمم المتحدة بشأن تطوير صواريخ باليستية بعيدة المدى.
•ويمكن تخيّل أن وزير الدفاع ليبرمان تطرق في زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة إلى هذين الموضوعين، وأنهما كانا مركز اهتمام في زيارة وزير الدفاع الأميركي ماتيس لإسرائيل في الأسبوع الماضي. وخلال لقاءات ماتيس مع زعماء السعودية ومصر والأردن وتركيا، سمع الكلام ذاته. إن وضع اليد الإيرانية على سورية ولبنان وغزة لم يعد مشكلة لإسرائيل فقط. وهناك اليوم شعور في القدس بأننا سنحظى بدعم أميركي واسع عندما سنضطر إلى اقتلاع الزحف الإيراني في الجولان.