الهجوم الفلسطيني الأخير في عوفرا جزء من موجة إرهاب أخرى
المصدر
معاريف

تأسست في سنة 1948، وخلال العشرين عاماً الأولى من صدورها كانت الأكثر توزيعاً في إسرائيل. مرّت الصحيفة بأزمة مالية خانقة بدءاً من سنة 2011، واضطرت إلى إغلاق العديد من أقسامها، إلى أن تم شراؤها من جديد في سنة 2014.  تنتهج خطاً قريباً من الوسط الإسرائيلي، وتقف موقفاً نقدياً من اليمين.

– NRG

•في تشرين الأول/أكتوبر 2000، عندما بدأت موجة الأحداث العنيفة في مناطق غزة ويهودا والسامرة [الضفة الغربية] وداخل الخط الأخضر أيضاً بعد فشل المفاوضات التي أجراها إيهود باراك مع الفلسطينيين، برز في الوعي مصطلح "مد وجزر". وبرز هذا المصطلح كي يصف الوضع بين الطرفين [الفلسطيني والإسرائيلي] من منظور بعيد المدى: مدّ معناه ارتفاع في حجم الإصابات والمواجهات، وجزر يرمز إلى هدوء نسبي.

•بعد وقت قصير على بدء الاضطرابات سنة 2000، كانت فرضية العمل للجيش الإسرائيلي أن ما يجري هو حدث طويل الأمد ولن ينتهي في وقت قريب، لكن لم نتخيل يومها أن ما كان يجري سيستمر عشرات السنوات وأننا سنصل إلى هنا.

•إن الطريق رقم 60 الذي يربط بين تسوميت تبواح والخليل عبر عوفرا وغوش عتسيون، هو نقطة هجمات معروفة، ومحور استراتيجي يفهم الفلسطينيون ويدركون أهميته جيداً.

•أكثر من مرة شكلت الأحداث التي تقع على محور الطريق 60 ميزاناً لقياس المزاج العام. وعندما يبرز محور 60 في العناوين الأولى في الصحف يجب أن نفكر ليس فقط بالهجوم في حد ذاته، بل علينا أن نفكر أيضاً بانعكاسات اليوم التالي.

•إن هجوماً فلسطينياً ناجحاً على هذا المحور مؤشر على أن الهجوم المقبل سيكون على هذا الطريق، وعندما نكون على مقربة من عيد الفصح فإن ما يجري ليس من قبيل المصادفة - يوجد على ما يبدو لدى الطرف الثاني نية للبدء "بتسخين" الأمور. وكان يمكن إدراك هذا التوجه عندما هددتنا "حماس" بعد عملية الاغتيال الأخيرة في غزة، لذلك كان ينبغي ألاّ يفاجئنا هذا الهجوم.

•والسؤال الذي يُطرح: هل نحن أمام مد أم جزر؟ يشير أسلوب عمل المهاجم الوحيد على ما يبدو إلى عدم وجود صلة بين هذا الهجوم أو ذاك وبين المزاج العام. لكن الوقائع، سواء تلك المتعلقة بـ"حماس" أو على الصعيد الجيو -استراتيجي، مع احتمال أن يدفع الأميركيون في اتجاه عملية سياسية، تدل على وجود مصلحة لدى الطرف الفلسطيني المنقسم والمتخاصم، من أجل إثارة التوتر في هذا الوقت تحديداً.

•من المحتمل أن نشهد حوادث إضافية، لأن النهج المتبع في الهجمات الأخيرة هو هجمات أقل ضد مدنيين وأكثر ضد جنود. وليس هذا مصادفة، إذ يبدو أن جهة ما لدى الطرف الآخر فهمت أن المس بالجنود أكثر إيلاماً بالنسبة إلى المجتمع الإسرائيلي، ويمكن أن يعتبر مشروعاً على الصعيد الدولي، خاصة بالنسبة إلى "المقاتلين من أجل الحرية" والناشطين علناً ضد "الاحتلال".

•ماذا يمكن أن نتعلم من هذا؟ إن تأمل ما يجري يؤدي إلى خلاصة واضحة للغاية- نحن في مواجهة مد، أي تجدد موجة هجمات مركزة في ساحة يهودا والسامرة [الضفة الغربية]. من المحتمل ألا تكون "حماس" معنية بتصعيد الوضع حول قطاع غزة- حيث لم تستكمل بعد بناء الأنفاق الهجومية، وهم لا يريدون التضحية بما لديهم حالياً. 

•إن تفسير ما يحدث هو الأكثر أهمية. من يحاول أن يربط حادثاً منفرداً بإرهاب غير موجه من الأعلى يضيّع الحقيقة. إننا في مواجهة معركة مستمرة لم تبدأ بالأمس ولن تنتهي غداً. والطرف الثاني هو الذي يقود هذه المعركة كي يستنزفنا ويجبرنا على التراجع كما فعلنا في الماضي. في أروقة حركة "فتح" و"حماس" يعتقدون أنهم سينغّصون حياتنا هنا في أرضنا، وقد ساعدهم ذلك كثيراً في الماضي.

•بناء على ذلك، فالخلاصة المباشرة هي أنه يحب الاستعداد لموجة عنف أخرى ويجب أن نفهم هدفها. كما يجب كسر هذه الموجة بهجوم مسبق، كما فعلنا في الماضي في عمليات عسكرية قامت بها الأذرع الأمنية، جزء منها علني وجزء آخر منها خفي. إن المطلوب عمل فعال ومبادرة تمنع نشوء موجة [إرهاب جديدة] من خلال إظهار إصرار كبير على المستوى السياسي بعدم التساهل فيما يتعلق بمبادئ الأمن في دولة إسرائيل، وعدم التنازل عن أرصدة استراتيجية مقابل اتفاق لا يساوي الورقة التي وقع عليها.

•إن مواصلة صمود متين من خلال استخدام "الجدار الحديدي" الأمني هو شرط استقرارنا، وكما رأى ذلك آباؤنا وأمهاتنا في كل مرة واجهنا فيها مداً، يجب أن نرد لهم الصاع صاعين. وفي هذه الجولة أيضاً، إذا أرادها الفلسطينيون، فإنهم سيخرجون منها خاسرين.