الهجوم الأميركي رسالة إلى الأسد وبوتين وإيران والصين وكوريا الشمالية
المصدر
يديعوت أحرونوت

تعني بالعربية "آخر الأخبار"، تأسست سنة 1939، وتصدر باللغتين العبرية والإنكليزية، كما يمكن قراءتها على موقعها الإلكتروني "ynet". وهي تُعتبر الصحيفة الثانية الأكثر انتشاراً في إسرائيل. تنتهج الصحيفة خطاً سياسياً أقرب إلى الوسط الإسرائيلي، يصدر عن الصحيفة ملحق اقتصادي بعنوان "كلكاليست".

– الموقع الإلكتروني
المؤلف

•من خلال الهجوم على سورية بعثت الولايات المتحدة برسالة إلى العالم: لدينا خطوط حمراء، وكل من يتخطاها سيجد نفسه في مواجهة مع القوة العسكرية لأعظم دولة في الكرة الأرضية. والرسالة موجهة قبل كل شيء إلى الأنظمة المارقة التي تعمل بخلاف المواثيق الدولية، ومن ضمنها نظام بشار الأسد في سورية، ولكوريا الشمالية وإيران. لكن الرسالة موجهة أيضاً إلى روسيا والصين، التي تتحرش بالأميركيين في المحيط الهندي. وعملياً، ما يقوله ترامب هو التالي: الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي عندما تتعرض القيم الأخلاقية الإنسانية للاعتداء.

•لقد كانت العملية جراحية، فقد استُخدمت صواريخ بحرية دقيقة قادرة على إصابة نافذة منزل لكنها تحمل رؤوساً متفجرة ثقيلة للغاية، ضد مدرجات وحظائر طائرات تحت الأرض وضد منشآت للتزود بالوقود، مما تسبب بنشوب حرائق في ميدان قاعدة T-4 [الشعيرات] التابعة لسلاح الجو السوري في منطقة حمص. في هذه القاعدة يعمل الروس أيضاً لكن ذلك لم يردع ترامب. وقبل أسبوعين هاجمت إسرائيل المنطقة المحيطة بهذه القاعدة، ومنها أُطلق صاروخ مضاد للطائرات على طائرات سلاح الجو الإسرائيلي.

•إن الخط الأحمر الذي رسمه ترامب يتعلق بأربعة أسباب للقيام برد عنيف، لكن متناسب proportional ومركز: استخدام أسلحة كميائية قاتلة (ليس غاز الكلور)؛ انتهاك الميثاق الدولي الذي يمنع استخدام مثل هذا السلاح؛ خرق قرارات مجلس الأمن، والمس بمصالح الولايات المتحدة. ويقصد ترامب بهذه المصالح التهديد الذي تتعرض له دول المنطقة الحليفة للولايات المتحدة، وفي طليعتها تركيا وإسرائيل، اللتين يمكن أن تشكلا الهدف المقبل للسلاح الكيميائي.

•ومن أجل حصر الأضرار وتركيز الرسالة، أرسلت الولايات المتحدة إشعاراً إلى جميع المتورطين، وعلى ما يبدو بما في ذلك روسيا. يشدد ترامب على أنه لا ينوي إسقاط الأسد، لكن إذا جرى مسّ المصالح الأميركية - حتى بوتين سيتضرر. والرسالة الأساسية هي: لا تستطيعون فعل ما يحلو لكم في الشرق الأوسط.

•في تقديري ستحتج روسيا لكنها لن ترد عسكرياً. من الصعب رؤية بوتين يتحرك مباشرة ضد الولايات المتحدة، وضد سفن تابعة للأسطول السادس التي أُطلقت منها صواريخ التوماهوك، أو ضد قواعد أميركية في تركيا. سيكون الرد دبلوماسياً حاداً لكنه لن يتخطى ذلك. إن وضع روسيا الاقتصادي والعسكري أيضاً لا يسمحان لها حالياً بمواجهة شاملة مع الولايات المتحدة. من المحتمل أن تتعاظم العمليات العسكرية [الروسية] ضد المتمردين في سورية، لكن في المقابل سيعمل بوتين على كبح الأسد دفاعاً عن مصالحه. إنما سيفعل ذلك بصمت، وبقبضة حديدية، ومن دون أن يحرج نفسه مرة أخرى.

•بطبيعة الحال الروس محرجون بسبب حقيقة أن طائراتهم تعمل في المطار نفسه الذي انطلقت منه طائرات الأسد مع سلاح كيميائي. ومن الممكن افتراض أن ترامب لم يكن ليهاجم قاعدة بالقرب من حمص فيها وجود روسي لو لم تكن لديه معلومات استخباراتية موثوقة جداً من مصادر مختلفة، عن العملية. إن الإشعار المسبق الذي أرسل إلى الروس- وإلى إسرائيل أيضاً - وصل قبل وقت قصير جداً من الهجوم، كي لا يُتاح للسوريين إعادة الانتشار ، ولهذا وقعت إصابات في الأرواح في صفوف الجيش السوري. والضرر الذي لحق بالأسد كبير لأن هذه القاعدة كانت تستخدم منطلقاً للهجمات ضد أهداف تابعة لداعش في شرق سورية.

•بالنسبة إلى الشرق الأوسط، فإن ما جرى أشبه بعملية بيرل هاربر أميركية مصغرة. وهي خبر جيد لإسرائيل والسعودية وتركيا- لأن الولايات المتحدة أوضحت أن استخدام أسلحة غير تقليدية خط أحمر بالنسبة إليها وأنها ستتصرف كما لو كانت هي نفسها تعرضت للهجوم إذا جرى استخدام هذا السلاح.

•البشرى السيئة هي لإيران التي تواصل استخفافها بالولايات المتحدة بتجارب الصواريخ الباليستية. حالياً حصل الإيرانيون على بطاقة صفراء قوية، ليس فقط بسبب التجارب الصاروخية، بل أيضاً بسبب الاتفاق النووي مع الدول العظمى. فإذا كان الإيرانيون يعتقدون أنهم قادرون على خرق الاتفاق أو التهرب منه من دون عقاب مثل الأسد، فإن عليهم الآن أن يفكروا بذلك مرتين. ويحمل هذا بشرى جيدة إلى إسرائيل التي تتخوف من وجود إيراني في الجولان.

•بنظرة أوسع، فإن الرسالة الدبلوماسية موجهة أيضاً إلى الصين التي تخرق مواثيق دولية في بحر الجنوب. وحقيقة أن ترامب لم يرتدع عن الرد أثناء زيارة الرئيس الصيني له في فلوريدا، تتحدث عن نفسها. وعملياً كل الدول التي تخرق النظام العالمي مثل إيران وكوريا الشمالية وحتى الصين، يتعين عليها أن تأخذ في حسابها أن الولايات المتحدة بزعامة ترامب لديها خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها. 

 

•من الأكيد أن الرئيس السابق باراك أوباما يفكر حالياً بأنه كان عليه التصرف بطريقة مختلفة، فقد تخلى أوباما عن هذا الخط الأحمر، ومنذ ذلك الحين يواصل الأسد ذبح الشعب السوري بدعم روسي.